رأى امس المعلق السياسي لصحيفة "هآرتس" ألوف بن، مع بدء تنفيذ خطة فك الارتباط في غزة، ان الفلسطينيين قد حققوا تقدما بالنقاط على اسرائيل ولكن اسرائيل لم تنهزم واستطاعت ان تضع حدا للهجمات. ننقل بعض ما جاء في المقال: "مع اجلاء المستوطنين من قطاع غزة المطلوب اجراء تقدير للوضع: من الذي انتصر في السنوات الخمس للمواجهة الاسرائيلية – الفلسطينية؟ الجواب بسيط: الفلسطينيون هم الذين انتصروا بالنقاط. معامل الخياطة في غزة مشغولة اليوم بتلبية طلبات خياطة اعلام "منظمة التحرير" و"حماس" اللتين تتنافسان في ما بينهما على انجاز طرد الاسرائيليين مكروهين من القطاع. الفلسطينيون يستعدون لتظاهرات النصر، في وقت تبكي فيه اسرائيل خلافها الداخلي وضياع حلمها.

ان المقارنة بين مواقف الطرفين في بداية المواجهة ومواقفهما الحالية تظهر تقدما واضحا للفلسطينيين. فلقد طالبوا بانسحاب اسرائيلي من كل الاراضي الفلسطينية ودولة عاصمتها القدس وحق العودة للفلسطينيين. لقد اصرت اسرائيل على المحافظة على الستاتيكو بعدم الانسحاب ولو ملليمترا، الى ان يخضع الفلسطينيون ويتخلوا عن الارهاب. ولكن اسرائيل قررت الانسحاب من جزء من المناطق من دون الحصول على شيء من الفلسطينيين. فمواقفهم السياسية لم تتغير قيد انملة، ورغم الضربات التي حلت بهم، احتفظوا بقدرتهم الارهابية ولم يقوموا بالاصلاحات... لقد تمثل التغير الاساسي في الموقف الاسرائيلي بتنازل ارييل شارون عن مبدأ اساسي في السياسة الاسرائيلية منذ عام 1994، وذلك عندما رفض اسحق رابين اقتراح شمعون بيريس اخلاء نتسريم ضمن اطار اتفاق غزة واريحا اولا. لقد زعمت اسرائيل يومها ان المستوطنات موضوع خاص وفي استطاعتها ان تفعل بها ما تريد. تراجع شارون عن هذا المبدأ مرتين: في البداية عندما وافق على تجميد البناء بضغط اميركي، ولاحقا في فك الارتباط.

عندما نعود الى الوراء نلاحظ ان الاصرار على ابقاء المستوطنات في مكانها حتى تلك المعزولة منها والاكثر تشددا كان حماقة كبيرة. لقد قتل المئات من الاسرائيليين والفلسطينيين من دون طائل في المعارك التي دارت حول نتسريم وكفار دروم في غوش قطيف. كما بددت المبالغ الطائلة في رمالها في بناء البنى التحتية وفي التحصينات التي لا فائدة منها. لقد كان واضحا ان عزة لن تبقى معنا في الاتفاق الدائم، وعلينا ان نسأل انفسنا لماذا الاصرار على الاحتفاظ بمكان لا مستقبل لنا فيه؟ هل فعلنا ذلك فقط خوفا من المواجهة الداخلية مع المستوطنين ومؤيديهم السياسيين؟

لكن الفلسطينيين ايضا دفعوا ثمنا باهظا علاوة على الاضرار المباشرة للانتفاضة. فاسرائيل لم تنهزم، ووزير الدفاع على حق في قوله ان الهجمات تراجعت كثيرا قبل تنفيذ فك الارتباط، وتخلى محمود عباس عن سياسة الارهاب التي انتهجها عرفات. ان سياسة الكل او لا شيء التي تبناها عرفات في كمب ديفيد دفع الفلسطينيون ثمنها التخلي عن التسوية السياسية لمصلحة عملية اسرائيلية احادية الجانب بدعم دولي (...)".

مصادر
هآرتس (الدولة العبرية)