المواجهة بين الانقلابيين في كييف الذين يدعمهم حلف الناتو, والفدراليين الأوكرانيين الذين تدعمهم روسيا, وصلت إلى نقطة اللاعودة.
ثمة ثلاثة سيناريوهات ممكنة : إما أن تجعل الولايات المتحدة من أوكرانيا يوغسلافيا جديدة عبر التحريض على نشوب حرب داخلها, أملا في توريط روسيا والاتحاد الأوروبي وإغراق الاثنين في الوحل, أو أنهم سيلجئون إلى مضاعفة مسارح المواجهات حول روسيا ابتداء من جورجيا, أو أنهم سيدفعون بمقاتلين من خارج الدول بهدف زعزعة استقرار روسيا نفسها في شبة جزيرة القرم وداغستان.
أيا كان خيارها, فقد شكلت واشنطن منذ الآن جيشا من المرتزقة, بينما سارع مجلس الدفاع في كييف إلى إيفاد مبعوثين إلى أوروبا الغربية بهدف تجنيد ناشطين من أوساط اليمين المتطرف, واستقدامهم إلى أوكرانيا للقتال ضد الفدراليين (المتهمين بأنهم موالون لروسيا).
بالإضافة إلى ذلك, يعتزم مجلس الدفاع في كييف "تضخيم الرقم" من خلال دعم أعداد النازيين الجدد القادمين من أوروبا الغربية بجهاديين يتمتعون مسبقا بتجربة عسكرية حقيقية.
التعاون بين النازيين والجهاديين ليس جديدا. نجد أصولا لهذا التعاون في الفرق المسلمة الثلاث من "وافن اس.اس ": تشكلت الفرقة 13 "هاندشار" من البوسنيين, فيما تشكلت الفرقة 21 "سكاندربغ" من الكوسوفيين, والفرقة 23 "كاما" من الكرواتيين. جميعهم كانوا إذن من المسلمين الذين يمارسون شعائر إسلامية متأثرة بتركيا.
وفي الآونة الأخيرة وجدنا كيف قاتل النازيون والتكفيريون معا ضد روسيا إبان إنشاء الإمارة الإسلامية في ايتشكيري (حرب الشيشان الثانية 1999-2000).
في 8 أيار-مايو 2007, وفي ترنوبول (غرب أوكرانيا) قامت مجموعات من النازيين من بحر البلطيق والبولنديين والأوكرانيين والروس إضافة إلى جهاديين أوكرانيين وروس, بدعم من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بتأسيس ما يسمى "الجبهة المناهضة للامبريالية". يرأس هذه المنظمة ديمتري ياروش الذي أصبح بعد الانقلاب على الدولة في كييف في شهر شباط-فبراير الماضي نائب الأمين العام لمجلس الأمن القومي لأوكرانيا, ثم مرشح بارفي سكتور في الانتخابات الرئاسية التي ستجري في 25 من الشهر الجاري.
في شهر تموز-يوليو من العام الماضي 2013, ناشد دوكو عمروف, أمير القوقاز والمسؤول المحلي لتنظيم القاعدة أعضاء "الجبهة المناهضة للامبريالية" للذهاب إلى القتال في سورية.
مع ذلك, لاتوجد أية وثائق حتى الآن تثبت مشاركة النازيين في العمليات الجارية حاليا لزعزعة الاستقرار في بلاد الشام.
أخيرا, من المؤكد قدوم بضع عشرات من الجهاديين التتار من شبه جزيرة القرم للقتال في سورية, غير أنه تم نقلهم لاحقا من قبل جهاز الاستخبارات العسكرية التركي إلى كييف للمشاركة في أحداث الميدان والانقلاب على الدولة في 22 شباط-فبراير إلى جانب قوات ديمتري ياروش.
التدابير التي اتخذتها أوروبا, بناء على طلب من جيه جونسون وزير الأمن الداخلي الأمريكي, الرامية إلى منع عودة الجهاديين إلى مواطنهم الأصلية, تشير إلى أن وكالة سي.آي.ايه تنوي استخدام هؤلاء في جبهة قتال أخرى.
لعل الاستقالة الإجبارية للأمير بندر بن سلطان في 15 نيسان-أبريل الماضي بناء على طلب وزير الخارجية جون كيري, وقبلها بيوم واحد اضطرار شقيقه سلمان بن سلطان على تقديم استقالته اثر ضغوط من وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاغل, دليل على نية الولايات المتحدة حل الجهاز الجهادي.
فهل سيعرف المقاومون العرب وفي أوروبا كيف ينشئون تحالفات فيما بينهم؟