في تقرير صادر عام 1990 من طرف شهرية " أطلانتيك مونتلي " ، تحت عنوان " جذور الغضب الاسلامي "
تقع صاحبه بيرنارد لويس المسؤول السابق في المخابرات البريطانية والمختص في الدراسات الاسلامية ، توقع نقول صعود التيار الاسلامي الراديكالي ، والذي سيدفع بالعالم الى " صراع الحضارات " أي صدام الولايات المتحدة المريكية مع العالم العربي الاسلامي ، وتوقع الكاتب النصر الأمريكي ، وولبننة دول منطقة الشرق الأوسط ، والتمكين لاسرائيل بالمنطقة .يومها برنارد لويس كان يؤسس تصوراته على امكانية استخدام المخابرات البريطانية والأمريكية للحركات الاسلامية وتوظيفها بالمنطقة لغرض التمهيد لاشعال حرب الحضارات .
في تقرير صادر عام 1990 من طرف شهرية " أطلانتيك مونتلي " ، تحت عنوان " جذور الغضب الاسلامي "
تقع صاحبه بيرنارد لويس المسؤول السابق في المخابرات البريطانية والمختص في الدراسات الاسلامية ، توقع نقول صعود التيار الاسلامي الراديكالي ، والذي سيدفع بالعالم الى " صراع الحضارات " أي صدام الولايات المتحدة المريكية مع العالم العربي الاسلامي ، وتوقع الكاتب النصر الأمريكي ، وولبننة دول منطقة الشرق الأوسط ، والتمكين لاسرائيل بالمنطقة .يومها برنارد لويس كان يؤسس تصوراته على امكانية استخدام المخابرات البريطانية والأمريكية للحركات الاسلامية وتوظيفها بالمنطقة لغرض التمهيد لاشعال حرب الحضارات .
هذا التصور الاستراتيجي تمت ترقيته من طرف صموئيل هاننغتون ، مخطط
سابق لمجلس الأمن القومي ، والذي بدأت تجليات افكاره على المقالين الأوليين " صراع الحضارات " و " الغرب الوحيد ، لا العالمي " والذين نشرا في 1993 و 1996 بمجلة " شؤون خارجية " فورين افيرز " مجلة مجلس العلاقات الخارجية .
هاننغتون اقترح تأمين الهيمنة الأمريكية على حساب العالم ، وذلك بتقسيم هذا العالم الى حضارات عديدة
وتجميع العالم المسيحي اليهودي حول الولايات المتحدة الأمريكية ، ومنع كل تحالف ضدهما ، واذكاء روح الصراع بين بعض الحضارات على شرط أساسي هو اعلان الحرب القاسية على الحضارة العربية الاسلامية .
افكار هاننغتون هاته لايمكن لنا أن نجردها من تبعات تأثرها بالمحيط والظروف السياسية الداخلية و التي التفت حول هاننغتون ، وقد سبق في مقال ظهر عام 1957 بعنوان " الجندي والدولة " أن أسس هانتنغتنون لرؤية امبريالية للولايات المتحدة ، ودعا للخضوع الى نظام ديمقراطي تحرسة الادارة البريتورية المكونة من المنتخبين العسكريين الأمريكان .
عام 1975 ، حرر للجنة الثلاثية تقريرا عن تطور الولايات المتحدة الأمريكية بعنوان " أزمة الديمقراطية " حيث دعا فيه الى مجتمع أكثر ممارسة الى الانتخاب ، حيث يصير فيه الوصول الى دور الجامعات شبه مستحيل ، وتصير الصحافة أكثر مراقبة . واليوم هانتنغتون يمثل الدمية الرمز لليمين الأمريكي المتطرف ، هذا الأخير الذي يمول الدوائر الحكومية التي يشغلها هانتنغتون بجامعة هارفارد . ورزيادة على مناصبه الجامعية العديدة ، هانتنغتون يشغل وظائف على مستوى جهاز الاستخبارات الأمريكية اذا يمثل مدير هيئة
" فريدوم هاوز " .
ابتداءا من جوان 1996 ، جهاز الاستخبارات الأمريكي وضع مفاهيم " صراع الحضارات " محل التنفيذ اعتمادا بطبعة الحال على المتحمس لها " أسامة بن لادن " . بن لادن الذي استدعي من قبل ويليام كولبي ، يكون قد سير ميزانية الولايات المتحدة الأمريكية في حربها للاتحاد السوفييتي أثناء غزو افغانستان ، وبعدها استطاع أن يحيد المعارضين لعملية " عاصفة الصحراء " في المؤتمرات الالشعبية العربية والاسلامية .
ينادي بعدها بن لادن الى الجهاد ضد الأمريكان في منشوره التاريخي " اخرجوا المشركين من شبه الجزيرة العربية " وفي 1998 يقوم بتكوين " الجبهة الاسلامية العالمية لمحاربة اليهود والصليبيين " لكن كل هذا التحركات والمبادرات المشبوهة لم تحرك من عاطفة الجماهير المسلمة والتي كان ولازال همها الكبير تحرير الأراضي الفلسطينية بدل الدخول في حرب مقدسة ضد الولايات المتحدة ، وفي وقت متأخر يرتكز بن لادن على شرعية المرجعية الدينية للملا عمر ونظام طالبان لحصوله على الشرعية التي يبتغيها لمواصلة دعاوى جهاده .
ومنذ 11 سبتمبر 2001 ، تشكل مقترحات صموئيل هاتنغتون العقيدة الرسميةللامبراطوية الأمريكية ولوضع هذه المفاهيم محل التطبيق ، لجأ بوش الى اعلان الحرب ضد أفغانستان لاعلى أساس أنها حرب من ادارته ضد أفغانستان ، ولكن على أساس أنها " الحرب الصليبية " وذلك أثناء حفل تذكاري عزائي لضحايا تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر 2001 بالكاتدرائية الوطنية بواشنطن .
ومن أجل اعطاء شعبية لهذه العقيدة الدينية ، عمد جهاز المخابرات الأمريكي الى تحضير تقرير لتبرير رسميا ماستقدم عليد الادارة الأمريكية فيما بعد أن حضر هذا العمل من طرف الهيئة المسماة "انستيتيو فور أمريكان فاليوز" هذه الهيئة نشرت تقريرا ترد فيه على سؤال شعبي طرحه كثير من المريكان بعد اعتداءات سبتمبر
" لماذا يكرهنا الاسلاميون ؟؟" وكان الجواب بديهيا ومتضمنا في السؤال : هم يكرهوننا لأن قيمنا هم هي قيم الخير ، وهي التي ستمحو الشر !!! وكان هذا الجواب قد وقع من طرف حوالي ستين من الشخصيات الجامعية من بينها بطبيعة الحال صموئيل هانتنغتون ، وقد نشر التقرير في أبريل 2002 في كبريات الصحف الأمريكية والأوروبية ، وعنا نحن هنا بفرنسا وعن خيبتنا ، كانت جريدة العالم " لوموند " ، وقد لاقى هذا التقرير تنديدا واستنكارا في كثير من الدول مثل الولايات المتحدة نفسها ، العربية السعودية ، ألمانيا ، حيث عبر الكثير عن رفضهم للتقرير بمظاهرات شعبية .
و كرد فعل على الاحتجاجات ، قامت الهيئة " استيتيو فور أمريكان فاليوز " يوم 8 أوت بالرد ثانية من خلال ملحق مزود بحجج أخرى تدعم توجه الادارة الأمريكية نحو حرب حتمية كواجب معنوي على كاهل الولايات المتحدة ضد موجة " الاسلاموية " ، والى هذا الحد يعتبر هذا المعهد من المضيقين للحريات الفردية والجنسية مدعوما من قبل جماعات متطرفة كاثوليكية تدعي " لوبيس داي " المتعاونة مع جهاز المخابرات الأمريكي وجهاز " آف بي آي " أثناء الحرب الباردة ضد الشيوعية بأوروبا وأمريكا اللاتينية .
أداة أخرى للحرب الثقافية التي سبقت الحرب المسلحة ضد العالم العربي والاسلامي ، هذه الأداة هي المجلس الاستشاري لسياسة الدفاع ، هذا الجهاز مكون من ثلاثين من الأعضاء معينين مباشرة من طرف السكرتير العام للدفاع ، وأثناء اجتماع 10 جويلية 2002 ، رئيس هذا الجهاز ريتشارد بيرل (المدير السابق لجريدة جيريزاليم بوست ) تقدم ببحث لباحث في هيئة " راند كوربورايشن " حول موضوع " طرد الآل سعود من الجزيرة العربية " ! وكان بعدها أن تهافتت وسائل الاعلام الأمريكية يمينا وشمالا ، في محاولة لفهم عمق تفكير البنتاغون دون أن يتم تحميل المسؤولية له. وصاحب هذا البحث يطور فكرة مفادها أن العالم العربي والاسلامي لايمكنه أن يحدث التطور المنشود صناعيا كان أو ثقافيا ، وأن سيظل حبيس الصراعات السياسية و التي سببها طبيعة القافة الاسلامية . ويواصل السرد فيقول : أن الرعب لايريدون الاعتراف بخطأ الاسلام وبدل ذلك هم يعلقون مشاكلهم وغضبهم على الغرب عموما ، وعلى أمريكا خصوصا ، وحسبه الدول العربية لم تفلح الا في صناعة الحروب وتكثير الأنسال ن هذه المشكلة التي يريدون تصديرها حتى الى العالم بسبب عقم حضارتهم . لاشيء غريب يواصل الكاتب ، هذا العالم البربري الذي تسبب في آثام الاهاب الدولي . ويختم المجلس اجتماعه بالقول أن العربية السعودية حارسة الماكن المقدسة الاسلامية تشكل اليوم
" نواة الشر "
هذا الوصف المشين والمسيء للاسلام ، قد استخدم بشكل واسع من طرف الصحافة الأنجلوساكسونية لتعزيز آراء المواطنين من المخاوف التييزعم أن الاسلام يشكلها ، ومن أجل اقناعهم بدموية الاسلام ، وبضرورة الحرب الصليبية .
والطعن في ثقافات ما من أجل تعزيز فكرة ما ، ليست دائما طريقة السؤولين الأمريكان ، فمسؤول مثل ريتشارد بيرل ، أو بول فولفيتز يعمدان الى تحوير الرأي العام الأمريكي بوضع الخطر السوفييتي والحرب البيولوجية بواسطة اعمال اللجنة المسماة " لجنة تحديد الخطرالآني "
أخيرا ، وبمناسبة الذكرى الولى لتفجيرات سبتمبر 2001 ، الحكومة الأمريكية بثتت على قنوات التلفزة لقطات اشهارية تفيد بأن حرية المسيحيين مهددة حتى في أمريكا ذاتها من قبل متطرفين مسلمين .
بناء العلاقات الدولية على أساس احترام الحقوق
وفي مواجهة ثقافة الحقد هذه ،فقد بات حفظ السلام والأمن مشروطا بتواصل ثقافي لبناء جسور التفاهم المتبادل والمشترك ، وتعزيز العلاقات بين ما نسميه بالعالم العربي الاسلامي ، وما نسميه بالعالم المسيحي اليهودي .
واذا كان لزاما علي أن أستعمل وأتطرق الى مفاهيم هانتنغتون ، فبدافع ضرورة اللغة فحسب ، لاباعتقادي بتلك المفاهيم التي تمثلها هاته النظرية ، وكفرنسي لا أعتقد بالفرق بين هذين العالمين ، وأنه يكفينا أن نتذكر أننا ننتمي على الأقل الى الحضارة المتوسطية التي مثلت قمة التوصل بين اليهود ، المسلمين ،المسيحيين وآخرين .
وعند تحاليل هانتنغتون ، أرى نفسها بلا فخر قادرة على تحقيق التعايش والذي هو حاصل حاليا بين المسلمين ، اليهود ، المسيحيين وغيرهم من المفكرين الأحرار .ويمكنهم العمل والتفكير والعيش سويا .
بالنسبة لنا في شبكة فولتير ، حيث نقيم تصوراتنا على أساس قيم الانسانية المشتركة والقيم الجمهورية الفرنسية ، الاستراتيجية العننغتونية لا تعدو أن تكون فلسفة حرب حضارات ، بل هي الحرب الأهلية المعممة
وحفظ السلام يقتضي ايضا سعي الدول للتحاور فيما بينها في اطار الاحترام المتبادل للهويات الثقافية والعقائدية لكل طرف ، ونحن نعترف أنها ليست مهمة سهلة عندما نتذكر جميعا أننا نشكل تراكيب عجيبة من المعتقدات والأفكار والأحكام المسبقة . وهذا العمل قد دعت اليه منظمة اليونسكو عندما دعت الى لقاء عالمي للحوار بين الحضارات والثقافات ، والذي حضرته كثير من البلدان الاسلامية ورفضت الولايات المتحدة الأمريكية الالتحاق به .
وخلال القرنين الماضيين ، وهنا بفرنسا وعن طريق كل من الصوتين الراديكاليين الحئزين على جائزة نوبل للسلام " ليون بورجوا" و " أريستيد برياند " اللذان عززا ملف بناء العلاقات الدولية على أساس من احترام حقوق الغير ، والذي يعكس في تصورنا عالما يستشعر فيه البشر طبيعة علاقاتهم ، ويتحملون فيه مسؤولياتهم تجاه بعضهم ، ويمكنهم من حل مشاكلهم سلميا باللجوء الى الهيئات القانونية المختصة في حل النزاعات كمحكمة العدل الدولية بلاهاي مثلا ، أو المحكمة الجنائية الدولية .
هذه الفلسفة ، فلسفة التحاور والتسامح تتقاسمها كثير من البلدان ، بينما تحاربها الولايات المتحدة ، والتي لاتعترف بشرعية غير شرعيتها ، والتي تتخذ من قوتها المادية وسيلة لفرض نظامها على باقي دول العالم
مستغلة المشاعر الدينية لذلك .
وعليه ، فيمكننا تجنب صدام الحضارات المزعوم من قبل منظري الولايات المتحدة ، والتأسيس لفلسفة الحوار ، وعلينا أن نلاحظ اليوم أن الحروب المقدسة التي تخوضها الادارة الأمريكية ما هي الا وسائل لفرض غطرسة الولايات المتحدة الأمريكية وهيمنتها .
لايجري الحيث عن استبعاد الفعل الديني وتداعياتع على الحياة الانسانية ، ولكن عن البحث عن الدوافع الثقافية والفكرية التي تحدد علاقات البشر ببعضهم البعض ، وفلسفة حرب الحضارات تلقي بالمسؤولية علينا نحن لأجل تحرك فردي و جماعي مشترك من أجل الوقوف في وجه استغلال الأديان لأغراض مصلحية سياسية قد تودي بالسلام العالمي الى الهاوية .