هذه المقالة تأتي في سياق :
 لماذا يالطا ٢؟، ١٥ حزيران ٢٠٢١. https://www.voltairenet.org/article213393.html
 بايدن-بوتين، يالطا ٢ و لا برلين جديدة ، ٢٢ حزيران ٢٠٢١. https://www.voltairenet.org/article213441.html
 الهندسة السّياسيّة للشّرق الاوسط الجديد، ٨ ايلول ٢٠٢١. https://www.voltairenet.org/article213992.html
 نحو السّلام في سوريا و لبنان ، ٢٨ ايلول ٢٠٢١. https://www.voltairenet.org/article214207.html

يتواصل تطبيق اتّفاقات القمّة الأمريكية-الرّوسية في جنيف (المعروفة بإسم يالطا ٢)، بتاريخ ١٦ حزيران ٢٠٢١. يبدو انّ التّنازلات الأمريكية لموسكو اكبر بكثير ممّا اعتقدنا. يواصل الرّئيس فلاديمير بوتين إعادة تنظيم العالم، ليس فقط في الشّرق الأوسط الاكبر، بل أيضا في أفريقيا و آسيا. بات من الممكن أن نلاحظ تحوّلات كبرى طرأت خلال الأربعة أشهر الماضية. وِفق التّقليد الرّوسي، لا يُعلن عن شيء منها، بل سَيُكشف عنها جميعا عندما تصل التّطوّرات إلى نقطة اللّا عودة.

إعترف الأنجلوساكسون بهزيمتهم

في بداية أيلول ٢٠٢١، أشارت الولايات المُتّحدة لقبولها الضّمني بأن يخرق حزبالله قوانين الحظر الأمريكية لسوريا و إيران و أن يشتري فيول إيراني عبر سوريا. ثم أعادت الأردن فتح حدودها مع سوريا. اخيرا، باشرت الصّحافة الأنجلوساكسونيّة سلسلة مقالات تهدف إلى إعفاء الرّئيس بشار الأسد من الجرائم الّتي كانت تتّهمه بها، و إلى إعادة تأهيله. بدا الأمر بمقال للأوبسرفر، و هو إصدار يوم الأحد من جريدة الجارديان، بعنوان ’’ الأسد المنبوذ يُعرض على الغرب كمفتاح السّلام في الشّرق الأوسط ’’. [1]

من امر إلى آخر، عرضت نيوزويك صورة الرّئيس السّوري على غلافها تحت عنوان: ’’ لقد عاد’’، يلحقه عنوان فرعي: ’’

في انتصارٍ على الولايات المُتّحدة، يطالب القائد السّوري بمكان على المسرح العالمي ’’. [2] امّا النُسخة الإلكترونية للصّحيفة الأسبوعية فهي تجعل الأمور أوضح و أوضح، عبر شرح لصورة تتحدّث عن هجوم الغوطة الكيميائي ’’ المزعوم ’’، حيث كان الرّئيسان الأمريكي و الفرنسي باراك اوباما و فرانسوا هولاند قد اتّهما ’’ النّظام المُجرم’’ بتجاوز ’’ الخط الأحمر ’’. وداعاً إذاً لخطاب الدّهر ’’ على بشار أن يرحل ’’.

إستوعبت إذاً الصّحافة الأنجلوساكسونية الهزيمة العسكرية الّتي اعترف بها الرّئيس بايدن في جنيف في شهر حزيران. لن يكون لباقي الغرب إلّا أن يتبع في هذا المسار.

إنّ عودة سوريا للمسرح الدّولي تستمرّ: إتّخذت إنتربول تدابير تصحيحية لإنهاء عزلة سوريا، كما افاد ملك الأردن عبدالله الثّاني و الشّيخ الإيماراتي محمد بن زايد انّهما تحدّثا مع الرّئيس الاسد. توجّه المُفوّض الاعلى للأمم المُتّحدة لشؤون اللّاجئين، فيليبو جراندي، بشكل مُتكتّم، إلى دمشق، للّتحدّث، أخيرا، عن عودة المُغتربين. كان الغربيّون قد اعترضوا على هذا الأمر خلال دهر من الزّمن و دفعوا مبالغ طائلة للدّول الّتي تأوي هؤلاء المُغتربين لكي لا تسمح بعودتهم لديارهم.

عند عودتهم من أفريقيا، في حديث مع الصّحافة على متن طائرتهم، هددّ الرّئيس اردوغان وفريقه بطرد سفراء عشرة دول، منها الولايات المتحدة، فرنسا، و المانيا.

تركيا ضحيّة لعبها المزدوج

قدّم الرّئيس التّركي رجب طيب إردوغان لبرلمانه تمديد مهمّة جيشه المتعلّقة بمحاربة إرهابيّي حزب العمّال الكردي في العراق و سوريا؛ دولتان يحتلّ إردوغان أراضٍ منها خلافاً للقانون.

يلعب إردوغان لعبة مزدوجة: بصفته عضوا في منظّمة حلف شمال الأطلسي، يناقش صفقات سلاح مع واشنطن (٨٠ مقاتلة ف-١٦ و ٦٠ عدّة تحديث لأسطوله البحري)، و لكنّه يناقش ايضاً مع موسكو الّتي اشترى منها مضادّات س-٤٠٠؛ و هي لعبة محفوفة بالمخاطر توشك على الإنتهاء. واشنطن و موسكو ترسلان اسلحة إلى داخل سوريا و قد تتّحدان لإعادة انقرة إلى مكانها، كما فعلتا، عام ١٩٥٦، مع لندن، تل ابيب، و باريس، عندما هاجمنَ قناة السّويس. خلافاً للمظاهر، روسيا تعلم أنها لن تتمكّن من فصل تركيا عن الولايات المتّحدة الامريكية. تحارب روسيا الجيش التّركي في ليبيا و سوريا، و هي تتذكّر تعهّد الرّئيس إردوغان الشّخصي في الشّيشان، و بشكل عام التّصادم بين روسيا و العثمانيّين.

ختم الجيش السّوري معركة درعا (جنوب سوريا) بالإنتصار، ممّا سمح للأردن بأن تعيد فتح حدودها. فضّل الجهاديون إلقاء السّلاح على اللّجوء إلى إدلب، تحت حماية الجيش التّركي. الآن، تحتشد الجيوش السّوريّة امام محافظة إدلب المُحتلّة (شمال البلاد)، جاهزة لتحرير أرضها.

لم تأتي الصّحافة الغربية على ذِكر هذه المعركة الرّهيبة، مع علمها أنّ درعا لم تكن لِتُحرّر دون الانسحاب السّرّيّ لإسرائيل و الولايات المُتّحدة. امّا أهل المدينة، اللّذين تعرّضوا لكثير من الآلام، فيبدو أنّهم في هذه اللّحظة يكرهون ابناء بلدهم و حلفاء الامس اللّذين تخلّوا عنهم سواسية.

تضع تركيا بشكل تدريجي جميع شُركائها على جانبها السّيّء. فهي تتنافس مع الولايات المُتّحدة و فرنسا في أفريقيا، و جيشها يحارب في ليبيا. تملك تركيا قاعدة عسكرية في الصّومال، كما أنّها تستقبل عسكريّين من مالي للتّدريب على ارضها، و تبيع السّلاح لأثيوبيا و بوركينا فاسو، و قد اجرت اتّفاق تعاون مع النّايجر (دون التّكلّم عن قاعدتها العسكرية في قطر أو تحرّكها في أذربايجان).

قضيّة عثمان كافالا، و هو رجل اعمال يساري اصبح رجل جورج سوروس في تركيا، موقوف منذ ٢٠١٧، هي نذير شؤم. داولت عشرة دول على شبكات التّواصل- منها الولايات المُتّحدة و فرنسا و ألمانيا- رسالة تطلب فيها الإفراج الفوري عن الموقوف المُتّهم بالمُشاركة في محاولة الإنقلاب العسكري بتاريخ ١٥ تموز ٢٠١٦. في ٢٢ تشرين الأول، اجاب الرّئيس إردوغان عبر توبيخ السُّفراء المَعنيّين بعجرفته المعهودة: ’’ هل لكم أن تعطوا تركيا دروساً؟ من تعتقدون أنفسكم؟ ’’

يبدو أنّ موقع الرّئيس إردوغان الشّخصي يزداد حَرَجاً. فإنّ رياح معارضة تهبّ في داخل حزبه السّياسي. و من الممكن أن يصرفه هؤلاء إذا اتّخذت الأمور منحىً سيّئاً في إدلب.

مشهد يذكر بالحرب الأهلية في بيروت، ١٤ تشرين الاول ٢٠٢١.

لبنان بين غداً مشرقاً و حرباً اهليّةً

يبدو ان الرّئيس بايدن قد قرّر ترك لبنان لروسيا و استثمار احتياطات الغاز و البترول المتواجدة على حدود لبنان و إسرائيل. ارسل بايدن مستشاره العريق، الإسرائيلي-الأمريكي آموس هوشستاين، ليتنقّل بين ييروت و تل ابيب. إنّ حضور هوشستاين يُظهر اهمّيّة الموضوع الفائقة. كان هوشستاين قد قام بإدارة الملفّ عام ٢٠١٥ و كاد أن يصل إلى اتّفاق. من الممكن له أن ينجح، بحيث أنّ هذا الرّجل الأعمال الغير أخلاقي ضليعٌ بالملفّ السياسي و الصّعوبات التّقنيّة المُتعلّقة باستثمار المواد الهايدروكاربونية. يدفع هوشستاين نحو استثمار للإحتياطي دون حلّ مسألة الحدود الشّائكة. من الممكن للّدولتين ان تستثمرا سويّاً و ان تتقاسما الأرباح عبر اتّفاق مُسبق.

في لبنان، يحاول زعماء الطّوائف كلّ ما في وِسعهم للإحتفاظ بقوّتهم الّتي تُوشك على نهايتها، حتّى إذا تطلّب الأمر تدمير مستقبل البلد.

صوّت البرلمان خصوصا على تَعديلَيْنِ للقانون الإنتخابي. الاول يهدف إلى تقديم موعد الإنتخابات، الّتي كانت من المُفترض أن تُجرى في ٨ ايار، إلى ٢٧ آذار. كان المسلمون يطالبون بالتّمكّن من إجراء حملاتهم الإنتخابية بشكل جيّد، بحيث انّها كانت تقع في شهر رمضانَ. و لكنّ الموعد الجديد يبدو كمحاولة لمنع العِماد عباس ابراهيم، رئيس مكافحة التّجسّس، من ان يُنتخب و أن يَخلف رئيس البرلمان نبيه برّي. الدّستور اللّبناني يشترط ترك كبار الموظّفين عملهم منذ على الأقلّ ستّة اشهر للتّمكّن من دخول السّياسة.

كان الرّئيس ماكرون قد خطّط لإرسال جنود فرنسيّين ’’ لتأمين ’’ مراكز الإقتراع. في ٨ أيار، على الأرجح، لن يكون رئيساً للجمهورية الفرنسية، و لا شيء يؤكّد ان خليفته سيُصدّق على هكذا قرار. في ٢٧ آذار، سيزال ماكرون متولّياً زمام الامور.

التّعديل الثّاني يهدف إلى تغيير الطّريقة الّتي سيمكن للمُغتربين من خلالها أن ينتخبوا. لن ينتخب هؤلاء نوّاباً عن المغتربين، بل سينتخبون نوّاباً في دوائرهم الأصلية. يطمح البعض بهذا التّعديل أن يغيّروا النّتائج بشكل كبير. في الحقيقة، كل هذا قليل الاهمّيّة، بحيث انّ النّظام الانتخابي يحدّد مسبقاً عدد النّواب المُنتمين إلى طائفة معيّنة دون علاقة بالواقع الدّيموغرافي: وهو مثال جيّد عن انتخابات دون ديموقراطية.

الجدال الكبير الآخر يتعلّق بانفجار مرفأ بيروت، في ٤ آب ٢٠٢٠. يصطدم القاضي طارق البيطار بعدد من الحصانات، بِدئاً بحصانة رئيس مجلس الوزراء السّابق حسّان دياب، الّذي هرب منذ انتهاء مهامّه إلى الولايات المُتّحدة، و قد صدرت بحقّه مُذكّرة جلب. لا ينوي حزباللّه، الّذي دفع ثمن مَجرى التّحقيق في اغتيال رفيق الحريري، ان يسمح للتّحقيق الجاري باتّباع هذه المسار، و لٰكنّه يصطدم بِسِرّيّة التّحقيق. في النّهاية طالب حزبالله بشدّة تنحّي القاضي و نظّم مظاهرة. مع وصولها إلى حيّ مسيحي، تعرّضت المسيرة لهجوم من أعضاء في حزب القوات اللّبنانية بقيادة سمير جعجع، اللّذين قتلوا ٧ شيعة و جرحوا ٣٠ آخرين. عاد شبح الحرب الاهلية. لا نعلم إذا كانت القوّات اللّبنانية قد تصرّفت من تلقاء إرادتها أو، عن سبق إصرار، بتحريض من العربية السّعودية، الّتي بات المسيحي سمير جعجع المدافع الاول عنها.

بما أنّ الولايات المتحدة لم تعد مثلما كانت، وبما أن ربع الإسرائيليين يجيدون اللغة الروسية، توجّه رئيس الحكومة الإسرائيلي نفتالي بينيت باحترام إلى سوتشي، في ٢٢ تشرين الاول ٢٠٢١.

التّقارب البطيء بين الإخوة الأعداء، إسرائيل و إيران

تتناول موسكو مسألة الصّراع الإسرائيلي-الإيراني كمجموع. تحافظ كلّ دولة على خطاب سياسي عدائي للغاية تجاه الأخرى، و لكنّ الواقع يختلف تماما. في الحقيقة، تتحرّك الدّولتان سويّاً لِمُجابهة بعض التّوجّهات السّياسيّة في داخل كلّ منهما. يفتح سقوط بنيامين نتنياهو (تلميذ المُفكّر الإستعماري فلاديمير جابوتينسكي) الطّريق امام تصالح.

إتّخذت الولايات المُتّحدة عقوبات ضدّ طهران لإجبارها على التّخلّي عن برنامجها النّووي العسكري، بينما لم تعتقد روسيا يوماً أنّ هذا الأخير قد استُعيد العمل به منذ التّوقّف عن ذلك عام ١٩٨٨. في مفاوضات ٥+١ بين ٢٠١٣ و ٢٠١٥ الّتي أدّت إلى اتّفاق فيينّا حول النّووي الإيراني، لم تكن موسكو تشترط نهاية البرنامج النّووي، بل امكانيّة مراقبته لكي لا يتحوّل إلى برنامج عسكري. كان هذا موقفها دائما. تدور الحوارات الحالية حول تفاصيل تقنيّة مثل تثبيت كاميرات مراقبة في داخل المعامل الإيرانية.

يلعب بُطئ تعامل طهران مع هذه المُشكلة ضدّها. بالتّأكيد، تتناقش حكومة رئيسي في هذا الوقت مع العربيّة السّعوديّة، الّتي تماطل في تطبيع علاقاتها مع إسرائيل. يأمل الرّئيس ابراهيم رئيسي أن يصل إلى تقاسم للأدوار مع رياض و الإعلان عنه بالتّزامن مع تنازله في ملفّ المراقبة النّوويّة، و لكنّ السّعوديّون يضطربون و بإمكانهم إيذائه كما رأينا مع الهجوم على مُتظاهري حزباللّه في بيروت.

بدورهم، الإسرائيليّون يُنبّهون إلى أنّ إيران لا تستند فقط على الشّيعة في الخارج كما تَزعم، بل على جميع القِوى المُعادية لإسرائيل، سواء كانت شيعية او لا. بحيث أنّ إيران تُسلّح حماس السُّنّيّة. و هو تحالف خطير للغاية، خصوصاً بالنّظر إلى أنّ حماس هي الفرع الفلسطيني لحركة الإخوان المسلمين، المدعومة من تركيا و قطر، و ليس من العربيّة السّعوديّة. في داخل المُجتمع الإسلامي، لم يعد هنالك من مخيّمان (سُنّة و شيعة)، بل ثلاثة (إيران/ عربيّة سعوديّة/ تركيا و قطر).

تتقدّم موسكو ببطئٍ مع تل أبيب. يتعلّق الأمر بجلب إسرائيل إلى إعادة الجولان المُحتلّ لسوريا عبر إعطائها ضمانات حول عدم عدائيّة إيران و انسحابها من سوريا.

خلال مقابلة متلفزة، في ٨ تشرين الاول ٢٠٢١، اتّهم شوغل كوكالا مايغا، رئيس حكومة مالي، فرنسا بتدريب الارهابيين اللّذين يهددون البلاد.

مالي تخشى فرنسا و تطمح إلى حماية روسيا

كان لهزيمة الغرب في سوريا تبعات غير مُتوقّعة في أفريقيا. الجميع قد فهم جيّداً انّ النّظام العالمي قد انقلب و أنّ التّحالف مع موسكو افضل من التّحالف مع الغربيّين. إذا كانت بعض الدّول الإفريقيّة تبحث عن توسيع نطاق دعمها العسكري عبر التّوجّه إلى تركيا، فإنّ جمهوريّة أفريقيا الوُسطى و مالي كانتا أوّل دولتان تعيدان النّظر في مسألة الدّعم الغربي.

منذ ٢٠١٨، اصطحبت روسيا حكومة جمهورية أفريقيا الوُسطى في حلّ الخلافات القِبليّة الّتي أجّجتها فرنسا، و الّتي أغرقت البلاد في حرب أهلية. و لكنّ موسكو رفضت إرسال جنودها طالما ظلّت الأوضاع غير مُستقرّة و فضّلت إرسال شركة عسكريّة خاصّة، مجموعة فاغنر التّابعة لييفغيني بريغوجين. عام ٢٠١٩، وقّعت الحكومة على اتّفاقيّة سلام مع ١٤ مجموعة مسلّحة كُبرى في البلد، الّذي استقرّ، إلّا أنّ الحكومة ما زالت تسيطر فقط على جزء صغير من اراضي البلاد.

مالي هي ضحيّة مباشرة للإطاحة بالجماهيريّة العربيّة اللّيبيّة عام ٢٠١١. كان معمّر القذّافي قد فتح الباب أمام تصالح بين العرب و السّود، فيما أيقط اغتياله قروناً من الحرب، من جهة عبر عودة الاستعباد في بلاده، و من جهة أخرى عبر إرادة العرب أن يهيمنوا على السّود في مالي. هذا هو الصّراع الّذي تكشفه الرّياح الجهاديّة العربيّة في شمال مالي. حتّى اللّحظة، تحاول القوّات الفرنسيّة في عمليّة برخان ان تمنع عودة إمارة إسلاميّة في السّاحل. في الواقع، يعني هذا منع احتلال جهاديّين عرب بدو لمناطق يقطنها سود حَضَرٌ، و لا يعني محاربة هذه التّنظيمات الجهاديّة.

في ٨ تشرين الاوّل، تطرّق رئيس الحكومة المالي، شوغيل كوكالا مايغا، إلى جذور المشكلة، عندما أعلن لوكالة ريا نوفوستي الإخبارية انّ فرنسا تدرّب بنفسها الجهاديّين في مُخيّمها في كيدال الّتي منعت القوّات الماليّة عن دخوله [3]. تناقلت شبكات روسيا التّلفزيونية المقابلة بشكل واسع، و لكنّ هذه الأخيرة لم تُعرض على الشّبكات الفرنسيّة. إلّا أنّ لو موند قد نشرت حوار لشوغيل كوكالا مايغا، لكنّها لا تكذّب سوى نقاشه مع مجموعة فاغنر، و تؤكّد انّه يتحدّث مع موسكو... عن مجموعة فاغنر.

إنّ اتّهام تجييش الجهاديّين معقول جدّاً: في بداية تدخّلها، كانت فرنسا قد احتفظت بعسكريّيها ليتركوا الوقت لكادر الجهاديّين القطري لينسحب. نظّم جهاديّون آخرون، في سوريا هذه المرّة، مظاهرات للتّنديد باللّعبة الفرنسيّة المزدوجة الّتي تدعمهم في الشّرق الأوسط و تعلن عن محاربتهم في أفريقيا. عندما عبّر وزير الخارجيّة الرّوسي سيرجي لافروف عن مفاجئته أمام نظيره الفرنسي في وقتها لوران فابيوس، اجابه هذا الأخير ضاحكاً أن هذه هي الرّيلبوليتيك (السّياسة الواقعية).

إنّ طغمة العقيد عصيمي جويتا (تلميذ الثُّوَري المناصر للعالم الثّالث توماس سانكارا) في نقاش مع روسيا للّدفاع ضد الجهاديّين الموَجَّهين من قِبل فرنسا. من المفترض أن تفعل موسكو مثلما فعلت في جمهورية أفريقيا الوُسطى و أن ترسل ألف رجل من مجموعة فاغنر لإعادة السّلم الأهلي. من المفترض أن تدفع الجزائر ثمن اتعاب الشّركة العسكريّة الخاصّة.

السّلاح الّذي لا يُهزَم: كوريا الشّمالية الصّغيرة قد تكون أطلقت صاروخ هايبرصوتي، هواسونغ-٨.

إعادة النّظر في موازين القِوى

واحدة تِلوَ الأخرى، اطلقت الصّين [4] و كوريا الشّمالية صواريخ هايبرصوتيّة. تُكذّب الصّين الخبر، فيما تعلن كوريا الشّماليّة عنه بكلّ صخبٍ. الخبراء، البرلمانيّون، والعسكريَّون الأمريكيّون في حالة رعب لأن بلدهم غير قادر على إتقان هذه التّكنولوجيا الّتي تهدّدهم. هذا النّوع من الصّواريخ يعود تصميمه لتكنولوجيا سوفياتيّة. كان الرّئيس بوتين قد اعلن امام مجلس النّواب الفدرالي، عام ٢٠١٩، ان روسيا على وشك إتقان كيفيّة استعمال هذه الصّواريخ مع رؤوسٍ نوويّة قادرة على ضرب ايّ نقطة على الكوكب دون أن يتمكّن احد من إيقافها [5].و بما أنّه يبدو من المحال على الصّين و خاصّةً كوريا الشّمالية ان تصلا فجأةً إلى هذا المستوى التّقني، يؤكّد الخبراء مجتمعون أن روسيا قد أعطتهم نسخة معيّنة من صواريخها.

من الممكن ان يكون نقل التّكنولوجيا هذا قد حصل قبل الإعلان عن حلف الأوكوس. و هو يعيد إلى الصّفر جهود واشنطن في وجه بيكين و بيونغيانغ. لم يتعرّض الغربيّون فقط إلى هزيمة شنعاء في سوريا أجبرتهم على القبول بنظام عالمي جديد، بل انّه مع عجز ترسانتهم المُضادّة للصّواريخ، تجاوز الزّمن جيوشهم بالكامل.

ترجمة
Alaa el-Khair

فلندعم شبكة فولتير

منذ ٢٧ عاماً، تناضل شبكة فولتير في سبيل حرّيّة التّفكير، المساواة في الحقوق، وروح التآخي في السّلاح. أعمالنا باتت تُترجم إلى لغاتٍ عديدة، و غَدَوْنا مصدر تحليل للعلاقات الدّوليّة يستخدمه العديد من الدّيبلوماسيّون، العسكريّون، الجامعيّون، و الصّحافيّون حول العالم.

لسنا فقط صحافيّون، بل ايضاً وخصوصاً مواطنين يدافعون عن ميثاق الأمم المُتّحدة و المبادئ العشرة المُعلن عنها في مؤتمر باندونغ. نحن لا نروّج لا لِأيديولوجيّة ولا لنظرة معيّنة للعالم، و لٰكنّنا نبحث عن تطوير التّفكير النّقدي عند قُرّائنا. نحن نفضّل التّفكّر على الإعتقاد، والبراهين على القناعات.

بالرّغم من المصاعب المادّيّة والأمنيّة، إنّنا نحقّق عملاً مُهمّاً. لقد أعدنا تنظيم موقعنا الإلكتروني في تمّوز و آب بهدف جعل القراءة اسهل و التّصفّح أسرع باستخدام الهواتف الذّكيّة.

عشيّة الإنتخابات الرّئاسيّة الفرنسيّة، نحن بحاجة لدعمكم الماليّ. ساهموا عبر
 تقديم هبة بقيمة ٢٥ يورو
 تقديم هبة بقيمة ٥٠ يورو
 تقديم هبة بقيمة ١٠٠ يورو
 أو عبر الإلتزام بتقديم هبة شهريّة بقيمة ١٠ يورو

إذا كنتم تجيدون لُغتين وكانت لغتكم الأم غير الفرنسيّة، بإمكانكم مساعدتنا عبر ترجمة مقالات. لفعل ذلك، اكتبوا إلينا هنا.

الفضل في صمودنا يعود لتشجيعكم لنا.

[1«Assad the outcast being sold to the west as key to peace in Middle East», Martin Chulot, The Observer, September 26, 2021. الأسد المنبوذ يُعرض على الغرب كمفتاح السّلام في الشّرق الأوسط ، مارتن شولط، الأوبسيرفر، ٢٦ أيلول ٢٠٢١.

[2«Bachar is Back», Tom O’Connor, Newsweek, Octobrer 22, 2021. عاد بشّار ، توم كوتون، نيوزويك، ٢٢ تشرين الاول ٢٠٢١.

[3« Премьер Мали обвинил Францию в подготовке террористов », РИА Новости, 8 октября 2021. رئيس مجلس وزراء مالي يتّهم فرنسا بتدريب الإرهابيّين ، ريا نوفوستي، ٨ تشرين الاول ٢٠٢١.

[4« China’s leap in hypersonic missile technology shakes US intellligence », Demetri Sevastopoulo & Kathlin Hille, Financial Times, October 18, 2021. ٤ قفزة الصّين في تكنولوجيا الصّواريخ الهايبرصوتيّة تهزّ مخابرات الولايات المتّحدة، دافيد سيفاستوبولو و كاثرين هيل، فاينانشل تايمز، ١٨ تشرين الأول ٢٠٢١.

[5« Extraits du discours de Vladimir Poutine à l’Assemblée fédérale », par Vladimir Poutine, Réseau Voltaire, 20 février 2019. مُقتطفات من خطاب فلاديمير بوتين أمام مجلس النّواب الفيدرالي ، بقلم فلاديمير بوتين، شبكة فولتير، ٢٠ شباط ٢٠١٩.