بنيامين نتنياهو وزير المالية، عفوا رئيس الوزراء سابقا، أعلن ترشيح نفسه لرئاسة "الليكود" ويتطلع الى رئاسة الوزراء. لماذا الآن؟ الأمر واضح. حسب رأيه هذا هو الوقت الملائم لامتطاء صهوة رياح الانتقام التي تهب ضد فك الارتباط في اوساط متطرفي اليمين.

ما لا يمكن معرفته هو هل سيندم في آخر العملية أم لا؟ كشخص متمحور حول ذاته ووضعه في صناديق الاقتراع يمكن أن يكون كل شيء ممكنا بالنسبة له. عندما سقطت حكومة اهود براك ظهر نتنياهو الذي تخلى عن حزبه بديونه، أو كما قال أحد كبار المسؤولين في "الليكود"، "تركنا مع كل القذارة وهرب الى اعماله الخاصة" وصرح بأنه يرشح نفسه لرئاسة الحكومة. ولكنه سحب ترشيحه بنفس السرعة التي طرحه فيها عندما اكتشف ان شارون سيخوض انتخابات مباشرة. ولكن نتنياهو يقول انه قد تعلم من أخطائه، وأنه تغير.

كرئيس للوزراء بعد مقتل رابين إثر حملة تحريضية كان هو نفسه نجما لامعا في سمائها، تبين انه مشروع فاشل تماما. رغم أن أنصار حركة "حباد" قد عملوا من اجله تحت شعار "بيبي جيد لليهود"، إلا ان حكومة الولايتين التي وعدهم بها قد انهارت بعد ثلاث سنوات بصورة مخزية. نتنياهو تعهد في خطاب التتويج بأن يجلب السلام الحقيقي، كما توجه للسلطة الفلسطينية مباشرة - هو يعرف كيف يتكلم - وقال لهم انه مستعد للشراكة وحسن الجوار. من الناحية الفعلية قام بدفن اتفاقات "اوسلو" وتسبب في سفك الدماء في قضية النفق ("صخرة وجودنا") وأدى الى اعادة احمد ياسين الى غزة وتعزيز قوة "حماس".

رغم تنازله الاضطراري في الخليل ومصافحته الحارة لعرفات إلا انه لم يحقق كلمة من خطابه السلمي ذاك. خلافا لمباهاته وافتخاره حدثت في عهده مئات الاعمال الارهابية والعمليات، ومن بينها عملية مقهى "أبروبو" وسوق "محنيه يهودا".

هناك نقطة اخرى سوداء في فترة حكمه، وهي محاولته إثارة الكونغرس ضد الرئيس الاميركي. ليس واضحا لماذا سعى الى التصادم مع الادارة الاميركية، إلا أنه وصل الى المرحلة التي اعتبر فيها في نظر الادارة الاميركية كذابا مزمنا. في المرحلة النهائية رفض كلينتون الحديث معه، ليس عبر الهاتف أو وجها لوجه. إلا أن بيبي قضى أوقاتا طويلة مع الصحافيين وهو يوضح لهم أن العبرة قد استخلصت وأنه قد تغير.

شعار نتنياهو الانتخابي هو "زعيم قوي لشعب قوي" كشف شعبا قويا حقيقة، إلا انه أظهر أن قائده ضعيف ومثير للاشكال. اسلوبه في الحكم ورطه في قضية محاولته تعيين مستشار قضائي "من جماعتنا"، تلك المحاولة التي لم ينج منها إلا بشق الأنفس بفضل مهارة اليكيم روبنشتاين. هو تسبب بأجواء عكرة ولا تخلو من المباهاة في العلاقات بين حزب "العمل" والطوائف الشرقية وبين "النخبة العليا" - النخبة التي أغدق عليها جيدا عندما أصبح وزيرا للمالية - وبين الفقراء الذين كانت ضغينتهم للمعراخ (العمل) عميقا منذ سابق الايام.

نتنياهو زرع الكراهية بين الأديان وبين الطوائف. هل تذكرون همسه في أذن الحاخام كدوري بأن "اليسار ليسوا يهودا"؟ هو في الحق الضرر بمعايير المجتمع والاستقامة والحقيقة والقيم السياسية. اسحق شمير لقبه بـ "ملاك التخريب". دافيد ماغين قال عنه انه "عطب سياسي" بدلا من العمل على إثارة المصالحة الوطنية قام ملك البسطات بتحريض الناس ضد بعضهم البعض. إلا ان نتنياهو يقول الآن انه تغير ويتوقع من الجمهور ان يصدقه.

مشكلته الأساسية كرئيس للوزراء كانت مشكلة الشخصية والطبع. عمود فقري ضعيف انتهازي يميل الى الهلع (أنظروا قضية الشريط) وعديم القدرة على مواجهة الضغوط والتمييز بين الأساسي والثانوي. الدليل على قولنا انه صوت في الكنيست مع فك الارتباط بعد أن انهارت محاولته الانقلابية على شارون. بالرغم من معارضته لفك الارتباط إلا انه كان شريكا فعليا للعملية كلها بحكم قانون المسؤولية الجماعية.

بدلا من الاستقالة من الحكومة من البداية، قاد نتنياهو تحركا ضد المبادرة واستقال عندما استكملت القضية، يبدو انه فعل ذلك حتى يمتطي صهوة الغضب الناجم عن العملية وتصدر صفوف المعارضة لعملية الاخلاء من الضفة. الاسلوب والمظهر هما كل شيء بالنسبة لنتنياهو.

ليس واضحا كيف سيواجه في ذلك كل العالم الذي يتعاطف مع اسرائيل الآن. كيف سيشتري قلوب غالبية جمهور الناخبين المؤيد للتنازلات مقابل السلام؟ هل سيفعل ذلك من خلال عبارته المعروفة "اذا أعطوا أخذوا"؟

نتنياهو، كما يقول، تعلم الدروس والعبر. ولكن الجمهور ايضا قد تعلم العبر وأهمها أن الطبع لا يتغير. أكثر من أي وقت مضى، بيبي الآن غير جيد لليهود.

مصادر
هآرتس (الدولة العبرية)