خصص مراسل صحيفة "هآرتس" مقالته امس للرئيس الايراني محمود احمدي نجاد في ضوء المؤتمر الصحافي الذي عقده في الامم المتحدة في الاسبوع الماضي، ننقل ما جاء فيه: "المؤتمر الصحافي الذي عقده الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد كان احد الاحداث المثيرة في زيارة رئيس الحكومة الى مؤتمر الامم المتحدة. فقليلة هي المناسبات التي يتسنى فيها لصحافي اسرائيلي ان يرى ويصغي عن قرب الى العدو عبر ترجمة فورية عن الفارسية من دون المرور بضباط المخابرات ومحللي الشؤون العربية.

احمدي نجاد صاحب الابتسامة الخجولة استحوذ على الانتباه في لقاءاته مع زعماء العالم وحاول ان يلطف قليلا من صورة نظامه المتشدد. ووفقا للديبلوماسي الذي ادار المؤتمر الصحافي يبلغ الرئيس الجديد التاسعة والاربعين، وهو دكتور في هندسة الاتصالات وليس رجل دين. وكمحترف اعتذر احمدي نجاد من سكان نيويورك عن زحمة السير التي تسببت بها القمة.

في كلمته امام القمة عرض وجهة نظر شاملة اساسها معارضة الهيمنة الاميركية. فإيران هي الديموقراطية الحقيقية في الشرق الاوسط، التي تناضل من اجل العدالة وضد التمييز العنصري تجاهها... لقد اراد ان يثبت ان في امكانه المجيء الى نيويورك ليشتم اميركا وليسخر من كارثة الاعصار.

بالنسبة اليه اسرائيل دولة غير شرعية. ولقد رفض الاجابة عن اسئلة الاسرائيليين وقدم روايته للنزاع: اليهود اتوا من مكان بعيد وطردوا الفلسطينيين من ارضهم، والسلام لن يتحقق قبل عودة كل اللاجئين وقيام دولة فلسطينية ديموقراطية عاصمتها القدس بدلا من نظام الاحتلال الصهيوني، وزوال اسرائيل بصيغتها الحالية.

كلام احمدي نجاد يعكس تصاعد قوة ايران بسبب الحرب في العراق، والقضاء على عدوها الكبير صدام حسين. ارتفاع اسعار النفط ادى الى طفرة في اقتصادها والجيش الاميركي من حولها يغرق في حرب استنزاف. في هذه الظروف تخوض ايران صراعا ديبلوماسيا من اجل انقاذ مشروعها الذري باسم حقها المشروع في انتاج الاورانيوم المخصب. لقد اتى احمدي نجاد الى الامم المتحدة كي يختبر حدود قوته في مواجهة اميركا وشركائها الاوروبيين. في مواجهته خاض ارييل شارون وسيلفان شالوم حملة معاكسة وكذلك رئيس الموساد مئير ديغن. والنتيجة كانت لغير مصلحة احمدي نجاد: التزم الاوروبيون تعهداتهم لاسرائيل، وصوتوا بغالبية ساحقة لاستصدار قرار ضد ايران في الوكالة الدولية للطاقة الذرية... المواجهة الذرية لم تنته بعد، ليس واضحا ما اذا كانت ايران ستصل الى القنبلة قبل ان تطوقها الضغوط... ويصعب على سوق النفط ان يتحمل ارتفاعا جديدا في الاسعار بسبب فرض عقوبات على ايران. في امكان احمدي نجاد ان يواصل الابتسام لكن الاخبار الجيدة هي انه حتى بعد التورط في العراق ونكبة نيوأورليانز ما زالت اميركا تفرض جدول الاعمال الدولي والاقليمي، مما يبعث على الامل في نجاح الغرب في كبح المخطط الايراني الخطير".

مصادر
هآرتس (الدولة العبرية)