لنعترف أننا نعيش عصر المعجزات ... فعندما تعلن الولايات المتحدة عن خططها في التعامل مع المواطن السوري، فإننا سنصل لذروة الدهشة ... أو التعجب من زمن يقدم لنا أوراق الخصم في مؤتمرات صحفية!!

وعندما يكشف المسؤول عن ملف الاعلام في وزارة الخارجية الاميركية البرتو فرنانديز عن رؤية وزارته لطرق التأثير الاعلامي على المواطن السوري, تظهر احتمالات تعيدنا إلى قصة "ليلى والذئب" وتفترض بنا أن نؤمن بسذاجة الذئب، أو بقدرة "ليلى" على خداعه .. والاحتمال الثاني أننا أمام واقع من التشكيك حتى في الإعلاميين السوريين العاملين خارج الجهاز الرسمي، لأن فرناندو وعد بالتعامل معهم للتأثر على المواطن السوري.

هل نفهم من هذا الكلام رغبة في إغلاق أي باب للإعلاميين السوريين في كسب رزقهم خارج إطار الصحافة الرسمية؟! أم أن المسألة دعوة عامة لخلق فصل حاد داخل الوسط الإعلامي؟!! ولسنا بحاجة لقراءة أكثر حتى ندخل في إطار التشكيك الذي يسود اليوم عالم الحياة العامة، لأن "كشف المستور" لم يعد سياسة فقط بل هو آلية باتت واضحة في التعبير عن رسم الخوف أو رفع الحواجز داخل المجتمع نفسه، أو في إطار علاقة الدولة بالمجتمع.

الإعلام السوري ليس مصطلحا مطلقا أو جملة من الصحف والإذاعات والفضائيات والمواقع الإلكترونية، بل هو حالة حيوية تتبلور سريعا وكانت قادرة خلال عامين على رسم بوادر لهوية إعلامية إن صح التعبير. ومهما حاولنا الحديث عن العجز ... أو التقصير ... أو عدم وجود التراكم .. لكننا في النهاية نشهد مواكبة سريعة لعصر المعلومات والتعامل مع الظاهر الإعلامية بشكل جديد. والتشكيك ربما يعود بنا إلى زمن مضى يتم فيه كسر هذا التكوين أو حتى خنقه في مهده.

ربما يثق المواطن السوري ببعض الإعلاميين كما تحدث فيرناندو ... لكن هذه الثقة ليست شخصية، بل من اعتبار أن واقعا جديدا يشهده الإعلام في سورية وغيرها ... والتشكيك في النهاية سيرسم التعامل مع الإعلام ضمن إطار بوهيمي يلتف على رقبتنا أو يخلق فصلا حادا على ساحة تفاعلية وليدة ... والرهان يبقى في إطار التفاعل آملين أن لا ينتصر التشكيك