اخيرا، وبعد طول انتظار اعترفت سورية بجواز السفر الفلسطيني، وسمحت لحامليه بدخول اراضيها بدون قيود وشروط، وجاء هذا الاعتراف المتأخر مكافأة لحكومة حماس اثر قيام الدكتور محمود الزهار وزير خارجية فلسطين بأول زيارة رسمية الي دمشق يوم 20 نيسان/ابريل 2006.

لقد ظل الفلسطينيون من حملة الجواز ممنوعين من دخول سورية طيلة السنوات العشر الماضية بسبب موقف سورية الرافض لاتفاقيات اوسلو الفلسطينية ـ الاسرائيلية، التي تمخض عنها الجواز الفلسطيني، وهذا حق لها، الا ان الفلسطينيين كانوا يتطلعون دوما الي دعم سورية لهم وليس مقاطعتها لهم في ظل الظروف الحالكة القاسية التي عاشوها تحت الاحتلال الاسرائيلي وفي سنوات الانتفاضة الثانية، فسورية التي تفتح ارضها لجميع المواطنين العرب بدون تأشيرات مسبقة وترفض دخول الفلسطيني حامل الوثيقة او الجواز، ولكن بعد زيارة الزهار يبدو ان الفلسطيني مقبل علي مرحلة جديدة في التعامل مع سورية، تعوضه عما فات، واعتقد بأن الفلسطيني سوف يضيف شيئا للسياحة والتجارة والاقتصاد في سورية نظرا لأن الجاليات الفلسطينية الموجودة في دول الخليج ودول العالم قادرة علي ضخ استثمارات كبيرة في سورية في كافة القطاعات اذا ما توفر لها الدخول والخروج اليسير!

لقد اثرت الاجراءات الاسرائيلية العدوانية سلباً علي وضع الفلسطينيين في الدول العربية المضيفة وفي داخل الارض المحتلة، أما جواز السفر الفلسطيني فهو مع اعتراف أكثر من 75 دولة به فما زال في نظر إسرائيل وثيقة سفر تسمح لحامله التنقل في كل أنحاء العالم إلا في فلسطين ذاتها.

ومع ذلك فاننا نأمل من جميع الدول العربية التي ما زالت تضع العراقيل أمام حملة هذا الجواز لأسباب مختلفة ان تتفهم معاناة الفلسطيني سواء أكان حاملا للجواز او الوثيقة، لانه لم يكن الطرف الحريص علي الوصول الي هذه المرحلة من التيه السياسي بل فرض عليه اغتصاب فلسطين وطرده منها او وجوده حيا ـ ميتا تحت الاحتلال الاسرائيلي ان يعيش هذا الواقع.

يكفي ارهاب اسرائيل ويكفي حرمانها للفلسطيني من زيارة اهله وارضه ووطنه المحتل، فلا تحرموه حق التنقل والعمل والاقامة الي ان يتحقق الحلم في اقامة الدولة وعاصمتها القدس الشريف وليس علي الله ببعيد!

الفلسطيني هو الذي يعاني:

لا ذنب للفلسطيني باصدار جواز السفر الفلسطيني، فهو الطرف الذي يعاني ولا يزال يعاني لحرمانه من السيادة والحق في الدولة التي تصدر الجواز، (سلطة اوسلو) ايضا ليست مسؤولة لان الارادة الامريكية مع الارادة الدولية هي التي افرزت الجواز حسب اتفاقية اوسلو الموقعة في البيت الابيض بتاريخ 13 ايلول/سبتمبر 1993 وهي التي فرضته علي الاطراف المعنية!

وبالتالي فان رفض التعامل مع الجواز يعني الحاق الأذي بحامله وحرمانه من حقه في التنقل مثل باقي شعوب الارض، غير ان موقف سورية بالسماح لحاملي هذا الجواز ايجابي ومحفز علي فتح افاق جديدة في العلاقات الفلسطينية (سلطة اوسلو) مع الحكومة السورية، وهذا امر منطقي لان حكومة حماس المنتخبة حديثا والتي تحظي بدعم سياسي كبير من سورية لاحظناه في الحفاوة التي استقبل بها الزهار في دمشق، تعمل تحت مظلة اوسلو ، لان الحكومة والسلطة الفلسطينية تمت بموجب اتفاقيات اوسلو ، اذن لا بد من نقلة في الحياة السياسية في المنطقة كلها ونفض الغبار عن الذاكرة التي ترفض كل شيء لمجرد الرفض فالواقع مرير ولكن علينا ان نتعامل معه من اجل تخفيف معاناة تطوق عنق حياة شعوب هذه ابناء هذه المنطقة التي كانت تسمي في ذات يوم بدول الطوق لاسرائيل! خلاصة القول فان جواز السفر الفلسطيني وثيقة هامة غنية بالدلالات علي طريق الشعب الفلسطيني في تحقيق أهدافه الوطنية في إطار وطن حر ومستقل إلا أن المصاعب ما زالت كثيرة، ليس بسبب التعقيدات التي يضعها المحتل الإسرائيلي فقط بل بسبب بقاء التشريعات الحالية التي تنكر حق المواطنة، علي الفلسطيني دون أن تدعمه في تحقيق مواطنته الخاصة، وتحد من حركته وانتقاله وعمله في الدول التي يقيم بها، وترفض ازدواج الجنسية بين العرب كما تنكر علي المرأة حقها في لم شمل عائلتها أو تمرير جنسيتها لأطفالها عديمي الجنسية وهي تشريعات تؤثر بصورة أساسية علي اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية وتصيبهم بالضرر الفادح!