عندما خلف بشار الاسد والده الراحل رئيسا لسوريا قبل ستة أعوام كان عمره 34 عاما افتقر للخبرة ولم يكن يشعر بارتياح على ما يبدو على قمة السلطة.

ويقول دبلوماسيون واعضاء في حزب البعث ان طبيب العيون المعتدل الذي أقحم في السياسة بعد وفاة شقيقه الاكبر في حادث سيارة في عام 1994 تعلم منذئذ الاساليب المعقدة للسياسة السورية ببسط سيطرته على النظام وعزل معظم الحرس القديم من عصر أبيه.

لكن الاسد شهد أيضا الوضع الاستراتيجي لسوريا يضعف وعزلتها تتزايد خصوصا منذ مقتل رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني الاسبق في بيروت في العام الماضي.

وأجبر اغتيال السياسي اللبناني السعودي سوريا على سحب قواتها من لبنان وزاد من الضغوط الامريكية على البلاد لتغيير موقفها المعادي لاسرائيل وسياساتها المتعلقة بلبنان والعراق.

وباستثناء احكام حدود سوريا مع العراق التي تقول واشنطن انها ممر لمقاتلين أجانب يستهدفون مهاجمة القوات التي تقودها الولايات المتحدة لم يتزحزح الاسد كثيرا عن موقفه.

فسوريا لا تزال تستضيف زعماء فلسطينيين في المنفي لكل من حركة المقاومة الاسلامية (حماس) والجهاد الاسلامي وتدعم مقاتلي حزب الله في لبنان. وعزز الاسد صلاته مع ايران رغم تزايد التوترات مع الغرب بسبب برنامج طهران النووي.

وداخليا يتعرض الاسد لضغوط أقل من الضغوط التي تعرض لها قبل عام على ما يبدو لكنه لم يحرر بعد الاقتصاد الموجه بما يتفق مع الاصلاحات المعتدلة في أماكن أخرى في المنطقة أو يتبنى التسامح السياسي وهي وعود قطعها على نفسه عند مجيئه للسلطة.

وقال جهاد اليازجي رئيس تحرير نشرة سيريا ريبورت التي تصدر بالانجليزية "لم يكن هناك لزعيم عربي دعم وامال ملقاة عليه مثل الاسد قبل سنوات ولكن اولويته كانت حفظ النظام والوضع الاقليمي لم يشجعه للاقدام على اصلاحات جذرية".

وأضاف "كانت هذه الفترة فرصة ضائعة. لا استطيع أن أرى في سوريا في أي وقت قريب سلطة قضائية مستقلة او اقتصاد فيه اصلاح جذري أو تعددية سياسية أو فساد مقضي عليه".

وأصبح الاسد زعيما فعليا لسوريا في العاشر من يونيو حزيران عام 2000 في يوم وفاة أبيه حافظ الاسد. وأدى اليمين الدستوري رسميا كرئيس بعد شهر.

ويقول دبلوماسيون ان الاسد يعتمد أكثر من أبيه على مشورة مسؤولي الجيش والامن.

وحكم الاسد الاب سوريا بقبضة من حديد على مدى 30 عاما. وبنى "أسد دمشق" سمعة بانه لاعب اقليمي محنك يقدر المخاطر وجاهز لاغتنام فرص مثل انضمامه للجانب الامريكي في حرب الخليج عام 1991.

وعارضت سوريا بقوة الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق بعد 13 عاما عندما وصف فاروق الشرع وزير الخارجية حينذاك الهجوم على العراق بأنه "سطو مسلح" مما أثار ضيق واشنطن.

ويقول مسؤولون ان الاسد مصمم على تحدي الضغوط الامريكية على أساس أن واشنطن انما تستهدف اذلال سوريا بغض النظر عن أي تنازلات قد يقدمها.

ويقول منتقدو الاسد انه كان في مقدوره تخفيف التوتر اذا كان أعطى للامريكيين ذرائع أقل للضغط عليه بسحب قواته من لبنان في وقت سابق وبالتركيز على الاصلاح الداخلي.

وقال برهان غليون استاذ في جامعة السوربون في فرنسا وهو خبير في الشرق الاوسط يكتب في نشرة على الانترنت معنية بالشؤون السورية ان محاولات الادارة السورية تجديد نفسها في عهد الاسد تزامنت مع صعود "الهيمنة الامريكية" في المنطقة.

وقال "الامبراطورية الامريكية لم تكن تكتفي في ذلك الوقت من الدول العربية بمد يد العون والقيام بمهمات خاصة كما حصل في حرب العراق ولكنها أصبحت تريد منها التجاوب الكامل في اعادة ترتيب وضع المنطقة بما في ذلك انهاء الصراع العربي الاسرائيلي لصالح تل ابيب".

ورفض الاسد التوصل الى حل وسط حول مسألة الارض السورية التي تحتلها اسرائيل منذ حرب عام 1967 أكسبته احتراما شعبيا رغم أنه ساهم في عزلة سوريا.

وعلى صعيد الاقتصاد الذي جرى تأميمه عندما تولى البعث السلطة بعد انقلاب عام 1963 فان الاسد يحرر ببطء قطاعات كانت تحت سيطرة الدولة مثل التأمين والبنوك.

لكنه حافظ على قدر كبير من القطاع العام وبرنامج مكلف للمساعدات الاجتماعية رغم تراجع انتاج سوريا من النفط.

ولا يتوقع كثيرون أن يغير الاسد منهجه التدريجي الذي كان سمة مميزة لحكمه ولا توجد شكوك كبيرة في أنه سيفوز بفترة ولاية ثانية مدتها سبع سنوات في انتخابات الرئاسة في العام القادم.