تحول الاهتمام الدولي امس، وسط البلبلة المستمرة التي تسببت بها تصريحات وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير «الحربية» حول طهران، إلى الموقف الايراني الذي كشف عن خطط وضعتها طهران لشن رد انتقامي ضد اسرائيل، اذا اعتدت عليها، رغم انها جددت التأكيد على انها لا تتوقع حدوث هجوم مماثل.
ونقلت وكالة «فارس» للأنباء، عن مساعد قائد القوات الجوية الايرانية الجنرال محمد علوي، قوله انه «في حال قام هذا النظام (الاسرائيلي) بخطوة مجنونة، لدينا خطة يمكن بموجبها للقاذفات الايرانية شن هجوم انتقامي» على اسرائيل. وتحدث الجنرال الايراني عن القوة الضاربة الصاروخية الايرانية، مضيفا «يمكننا مهاجمة (اسرائيل) بطائراتنا المطاردة والرد على هجوم غير مرجح من جانبهم بهجوم جوي على أرضهم».
وتابع الجنرال الايراني قائلا «لقد اكتسبنا القدرة على مواجهة الخطط والاستراتيجيات المختلفة ولن نسمح لطائراتهم بشن هجمات سهلة على بلادنا كما يدعون». وشدد على ان القوة الجوية «للعدو» ستفقد حوالى 30 في المئة من طياريها خلال أي هجوم على ايران، مشيرا الى الرادارات التي نشرتها القوات الجوية الايرانية على كل الحدود، والتي تسمح لطهران «بالسيطرة على كل ما يطير في أجوائها».
لكن علوي اعتبر ان «حديث إسرائيل عن هجوم جوي ما هو إلا حرب نفسية.. لذلك نحن نستبعد امتلاك النظام (اسرائيل) القدرة على شن هجوم جوي على إيران. إسرائيل ليست كيانا يمكن أن يشكل تهديدا خطيرا لأنه لا يمتلك القدرة الحقيقية».
بدوره، أعلن وزير الدفاع الايراني العميد مصطفى نجار ان «لدينا خيارات وردود منوعة للرد على التهديدات وسنستخدمها حسب الظروف». وأصدر الحرس الثوري بيانا لمناسبة أسبوع «الدفاع المقدس»، لفت فيه الى «استعداد القوات المسلحة ويقظة الشعب بكل طاقاته وقدراته من اجل التصدي لأي اعتداء محتمل». كما أكدت الأركان العامة للقوات المسلحة في بيان ان النظام الإيراني «لا يهاب التهديدات المختلفة التي يطلقها العدو كل مرة بذرائع خاوية».
وفي رد جديد على تصريحات كوشنير، قال المتحدث باسم الحكومة الايرانية غلام حسين الهام إن طهران لن تأخذ تصريحات الوزير الفرنسي على محمل الجد، وإنها تعتبر هذه الأقاويل نابعة عن «عدم حنكة الوزير
في الشؤون السياسية». وتمنى الهام ان يبلغ كوشنير «البلوغ السياسي في اقرب وقت، وتابع «نوصيه بألا يتبع سياسات الآخرين الخاسرة».
واعتبر الهام ان الولايات المتحدة لن تقدم على مهاجمة ايران. وأوضح ان «الظروف الحالية ليست ظروفا لنشوب حرب. واستبعد ان يلجأ احد الى هذا الخيار الأحمق». ولكن الهام استطرد قائلا «إذا فرضت أي ظروف على بلادنا فإننا سنستخدم كل وسائلنا للدفاع عن أنفسنا لأن سلامة الأراضي قضية اساسية لكل بلد».
وسارع البيت الابيض الى التنديد بالتصريحات الايرانية. وقالت المتحدثة دانا بيرينو «أعتقد ان كلاما كالذي نقل عن إيران غير مفيد وغير بناء ويكاد يكون استفزازيا». وأضافت ان «اسرائيل لا تسعى الى الحرب مع جيرانها، نريد جميعا ان تضطلع ايران بواجباتها بموجب قرارات مجلس الامن الدولي».
وفي اسرائيل، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاسرائيلية مارك ريغيف «نحن نسمع للأسف كثيرا تصريحات تنم عن كراهية وعدوانية من القادة الايرانيين.. ان اسرائيل كما المجتمع الدولي، تأخذ هذه التصريحات تماما على محمل الجد».
كوشنير: معاداتنا لأميركا انتهت
في غضون ذلك، جدد كوشنير دعوته الى «التفاوض والتفاوض والتفاوض» بشأن الملف النووي الايراني، مؤكدا انه ليس من «المتحمسين للحرب بل من دعاة السلام». وعلق على ردود الفعل التي صدرت على تصريحاته فقال «لست آسفا لتوافر فرصة أمامنا اخيرا لمناقشة حقيقة الوضع. لا يمكن التستر خلف الكـــلام وعدم استخدامها والتظاهر. ليــــس هذا نوع الدبلوماسية الذي ننتهجه».
ورأى كوشنير ان فرنسا «متحالفة مع الولايات المتحدة.. متحالفة نعم.. تابعة لا.. نحن لا نأخذ أوامرنا من واشنطن حتى وإن كنا نتبع سياسة غير التي بنيت على المعاداة الدائمة لأميركا». وأضاف «معاداة اميركا كانت بمثابة تقليد ونحن نعمل على التغلب عليه».
من جهته، اكد وزير الدفاع الفرنسي هيرفيه موران ان فرنسا لا تعد اي خطة عسكرية ضد إيران. وقال «لا يمكن لأحد التصور للحظة واحدة اننا نعد لخطط عسكرية بشأن ايران»، متحدثا عن «أوهام»، ومؤكدا ان «هذا غير مطروح على الإطلاق». وتابع «يجب العمل على امتلاك جيش يتمتع بتجهيزات وتدريب جيد وقادر على التحرك وضمان أمن البلاد وسيادتها لكن لا معنى لإعداد خطط عسكرية».
في أنقرة، ناشد مساعد وزيرة الخارجية الأميركية نيكولاس بيرنز بلدانا مثل تركيا تقليص روابطها التجارية مع إيران. وقال أثناء زيارة إلى أنقرة «لا نرى أنه من المنطقي الاعلان عن صفقات طويلة الأمد للنفط والغاز في حين تمضي إيران قدما في أبحاث للأسلحة النووية». وأضاف «مواصلة العمل كالمعتاد ليس السياسة السليمة.. نحن لا نخص تركيا بالنقد أو الانتباه. هذه رسالة عامة من الولايات المتحدة وأوروبا الغربية إلى العديد من البلدان الأخرى». كما اعتبر ان الشركات الأميركية قدمت تضحيات بعدم العمل مع إيران وعلى البلدان الأخرى أن تحذو حذوها.
غير ان السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين، اعتبر ان «المشكلة لا تكمن في اقرار عقوبات. يمكن اصدار قرار بفرض عقوبات كل أسبوع. المطلوب معرفة ما اذا كان ذلك سيسرع تسوية هذه المشكلة البالغة التعقيد». كما رأى انه يجب «عدم العمل على تصعيد التوتر سواء عبر تبني قرارات بفرض عقوبات او، لا سمح الله، عبر وضع مخططات لأعمال عسكرية».