يعد وزير الحرب “الإسرائيلي” ايهود باراك، مبادرة للتسوية بديلة للمبادرة العربية، وتركز على المسار السوري. وبتقدير باراك فإن الوضع الذي ترد فيه “إسرائيل” على المبادرات، مثل المبادرة العربية التي تشتمل على المطالبة بالعودة إلى حدود ،67 والاعتراف بحق العودة للفلسطينيين، والانسحاب من الجولان، تمس بمصالح “إسرائيل” الحيوية. وفوض باراك الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش “الإسرائيلي” اوري ساغي لمتابعة الموضوع وبلورة أفكار متكاملة تركز على كيفية سير المفاوضات مع سوريا. وفي حديث للإذاعة العبرية قال باراك امس ان مشاركة سوريا في لقاء انابولس “يمكن ان تكون أمراً إيجابياً ومنشوداً”.

وكشفت صحيفة “يديعوت احرونوت” ان رئيس الحكومة ايهود اولمرت يواصل مساعيه السرية بهدف تحريك الملف السوري عبر تركيا.

وذكرت الصحيفة ان اولمرت وجه رسائل مباشرة الى سوريا لمح فيها الى استعداده لقبول الشروط السورية بما فيها الانسحاب من الجولان، لكن مكتب أولمرت نفى لاحقاً هذه الأنباء.

وكان اولمرت قد عبر امام لجنة الخارجية والحرب عن رغبته في المفاوضات مع سوريا قائلا انه معني بإجراء مفاوضات معها شرط أن تفك علاقتها مع محور الشر وأن تكف عن دعم ما سماه بالإرهاب. وحسب مصادر سياسية، فإن اولمرت يعتزم إدارة الحوار مع سوريا بالتوازي مع المفاوضات مع الفلسطينيين، وليس بدلا عنها.

وعلى صعيد الملف السوري أيضاً قال باراك ان “إسرائيل” مدركة تماما لثمن السلام مع سوريا، غير أن النتائج مهمة لها. ويقدر باراك وساغي انه يمكن استئناف المفاوضات مع سوريا والتوصل منذ الآن الى اتفاق مع الرئيس بشار الأسد. وبرأيهما، يجب حث القناة السورية وذلك لأنهما يعتقدان بأن المسيرة السلمية مع السلطة الفلسطينية ستنتهي بالفشل.

وصرح وزير الامن الداخلي “الإسرائيلي” آفي ديشتر امس ان “إسرائيل” وسوريا يمكن ان تتوصلا الى اتفاق سلام. وقال ديشتر للإذاعة العسكرية “الإسرائيلية” يمكننا التوصل الى اتفاق مع سوريا وهي الدولة التي يعتبر معها هذا الخيار الأكثر واقعية”.

لكنه اضاف ان اتفاقا مماثلا “يظل رهناً في الدرجة الأولى بالموقف الأمريكي” من هذه القضية.

في الأثناء، تظهر على ارض الواقع في الجولان المحتل صورة مغايرة حيث تنفذ المشاريع لتعزيز الاستيطان عبر حملة خاصة على تشجيع المستوطنين للوصول إلى الجولان والاستيطان فيها.

ويجري الجيش “الإسرائيلي” مناورة واسعة النطاق يتدرب خلالها على سيناريوهات محتملة في حال فشل مؤتمر انابولس. السيناريو الابرز، وكما قال ضباط في الجيش، لا يتحدث صراحة عن الفشل، إنما توقعات ان تبادر تنظيمات فلسطينية لموجة كبيرة من العمليات ضد أهداف “إسرائيلية” لمنع عقد المؤتمر، وبالمقابل تقام مظاهرات ضخمة في الضفة الغربية. وإزاء التوتر الذي ما زال يسيطر على الجبهة السورية فإن الجيش سيجري تدريباته لمواجهة الاحتمالات على جميع الجهات في ان واحد. ويجري الحديث عن تدريبات، يدعي الجيش أنها كانت مقررة قبل اندلاع الحرب الأخيرة على لبنان، لكن تقديرات الجيش بعدم تحقيق النجاح للمؤتمر تحتم إجراء هذه المناورات.

ودخلت السلطة الفلسطينية وحكومة اولمرت مرحلة مكثفة من المفاوضات على صيغة البيان المشترك، الذي سيعرض في المؤتمر فيما ستقرر وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس، وفقا للتقدم في المحادثات، إذا كانت ستأتي إلى المنطقة الأسبوع المقبل مرة أخرى. وحسب مصادر سياسية في القدس سيبدأ اللقاء في 26 نوفمبر/ تشرين الثاني على مستوى وزراء الخارجية في انابولس. وفي ذات المساء سيستضيف الرئيس الأمريكي جورج بوش اولمرت وعباس على وليمة عشاء في البيت الأبيض في واشنطن. وفي 27 نوفمبر/ تشرين الثاني يفتتح المؤتمر رسميا بخطابين من اولمرت وعباس. وينتهي الحدث بعد بضع ساعات. وصرح مسؤول “إسرائيلي” رفيع المستوى ل “فرانس برس” أمس ان “إسرائيل” تتوقع ألا يستغرق لقاء انابولس “اكثر من يوم واحد”. واضاف انه “ليس مؤتمرا ستناقش فيه قضايا، بل اجتماع يفترض ان يدلي خلاله المشاركون بتصريحات”.

وقال اولمرت انه من ناحية “إسرائيل” ستكون نقطة البدء في المفاوضات اعترافا “فلسطينيا” بها كدولة يهودية، ونقطة نهايتها ستكون إعلانا عن نهاية النزاع ووضع حد للمطالب. أما المفاوضات فستبدأ بعد مؤتمر أنابولس، وتجري على نحو متواصل.

وأكد أولمرت لأول مرة بأن “إسرائيل” والسلطة اتفقتا على أن تبدأ المفاوضات على التسوية الدائمة قبل تطبيق المرحلة الأولى من خارطة الطريق.

وفي رام الله، أعلن رئيس الوفد المفاوض الفلسطيني أحمد قريع رفضه الشديد للاشتراطات التي يسعى فيها “الإسرائيليون” للحصول على اعتراف فلسطيني بيهودية دولة “إسرائيل”، مؤكدا أن هذا الأمر مرفوض قطعيا ولا يمكن الحديث به. وقال قريع خلال مؤتمر صحافي عقده عقب اجتماعه مع مفوض العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا في رام الله، إن الحل هو حل الدولتين. وأشار إلى عدم تحقيق تقدم جدي في المفاوضات.

ومن جانبه دعا سولانا الجانبين الفلسطيني و”الإسرائيلي” إلى مواصلة عقد اللقاءات رغم المصاعب، مؤكدا ان الاتحاد الأوروبي ينظر للمؤتمر المقبل على انه يشكل أرضية للبناء عليه في حل الصراع. وأوضح سولانا أن مؤتمر أنابولس سيستمر يومين، ويتضمن ثلاثة محاور، العملية السياسية، ووضع الأسس لدعم الاقتصاد الفلسطيني، وإحداث تحسن سريع وملموس على الأرض.

مصادر
الخليج (الإمارات العربية المتحدة)