ليبتدع الخيال ما يشاء، ويرسم الزمة بصورة عنف وانفجار سيارات مفخخة، فلا البريق ولا العناوين الحمراء يمكنها أن تبدل المساحة القائمة، فعندما تختلط الرؤيا بالتصريحات يبدأ البعض في البحث عن اتهامات، بينما يظهر في الظل غبار معركة جديدة.

كيف أفصل ما حدث في جامعة حلب، أو أي مكان آخر، عن إعادر زرع الإرهاب، ففي الوقت التي تغيب فيه السياسة يستطيع العنف أن يكون سيدا، وعندما نعود للشارع للاحتكام إلى مصير الوطن فإن أي عمامة في أفغانستان يمكنها أن تُفتي بالقتل وتعيد تكويننا على صورة معارك الحجاج.

الاحتكام للشارع هو من أجل السياسة وبرامجها، وربما للضغط وليس لكسر "السيادة" وإعادة رسم الهوية، وعندما ينتظرنا المراقبون في كل مفرق أو شارع، فإننا نعرف أنهم لا يتلصصون بل يضعون "الرؤيا" بدلا عنا، وهي في النهاية رؤياهم لسورية كساحة عنف وليس وطن لا تزال أجيال كثيرة تنتظر كي تعيش عليه، فالاستعراض الجماهيري أمام المراقبين يمائل رقصة تعري في حانة منسية، وستبقى منسية.

الاضراب
غاية بذاته

ليعترض من يشاء فهو حقه لكن الاحتكام للشارع أمام المراقبين بشكل بيئة الفوضى، ومهما كان الطرف الذي يريد الظهور بأنه الأقوى فإن النهاية ستبقى رمادية، وستجعل من صور المراقبين شهادات على عصور القبلية وعلى المساحات المفتوحة ليخترقنا الإرهاب من كل المسارب، ففي السياسة لا يوجد "رمز يتم فرضه" ولا علم لليلاد يتم ابتداعه فجأة وفي ذروة التشدق بالديمقراطية، ولا يتم أيضا اختصار الوطن بتحركات لإثبات من له الأحقية، لأن هذه الأحقية في في القدرة على جمع الإرادة وفق مصالح اجتماعية، وهي بالتأكيد ليس مصلحة إعلامية يتم نقلها على الفضائيات تحت عنوان "انتفاضة في حلب"!!!

الطرف الثالث في الأزمة السورية ربما يطل عبر القاعدة كما صرح بان كي مون، المين العام للأمم المتحدة، لكننا نصنع له النوافذ ونؤكد له أن سورية ستكون رمادية بمستقبل مغلق، فيدخل إلينا أو يبدأ بـ"إدارة التوحش"... الطرف الثالث هو نحن قبل أي إرهاب يأتي من قريب أو بعيد.