صون السلام والأمن الدوليين: تسوية النزاعات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والتصدي لخطر الإرهاب في المنطقة

(مذكرة مفاهيمية)

يقترح الاتحاد الروسي عقد مناقشة مفتوحة على مستوى وزاري في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 30 أيلول/سبتمبر 2015 للنظر بطريقة شاملة في الحالة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في إطار البند المعنون ”صون السلم والأمن الدوليين: تسوية النزاعات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والتصدي لخطر الإرهاب في المنطقة“ من جدول الأعمال.

معلومات أساسية

لقد دخلت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فترة من عدم الاستقرار والتعرض للنزاعات المتسمة بازدياد التوترات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعرقية والدينية والايدلوجية وفيما بين الأجيال. وأضحت وحدة عدد من الدول وسلامتها الإقليمية واستقلالها معرضة للخطر. وأصبحت بلدان عديدة في المنطقة هدفا للعدوان الإرهابي. فهذه التطورات تشكّل تحديا للسلام والأمن الدوليين والحوار بين الحضارات ونظام عدم الانتشار، وهي بذلك تستدعي استجابة سريعة. كما برزت أزمات جديدة لتُضاف إلى النزاعات التي طال أمدها.

وتفاقم الوضع بفعل الافتقار إلى عملية تفاوض حقيقية والوضع القائم للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي الطويل الأمد. ولا تزال القضية الفلسطينية القائمة سببا في اندلاع أعمال عنف متفرقة حول قطاع غزة واستمرار حوادث العنف في الضفة الغربية. وتسهم حالة النفق المسدود في التسوية في الشرق الأوسط وعدم حل المسائل المتصلة بالوضع النهائي استنادا إلى الإطار القانوني الدولي القائم في نزعة التطرف في ”الشارع العربي“ وفي تهيئة الظروف المواتية لانتشار الأفكار الإرهابية.

وأما التطورات التي شهدها العراق منذ عام 2003 فقد أدت بالبلد إلى دولة منقسمة على ذاتها أصبحت في ظلها أجزاء من أراضيه معاقل للإرهاب الدولي، وأدت إلى نشوء اتجاه بالغ الخطورة من التصادم الديني. ويلزم على وجه الاستعجال أن يبذل المجتمع الدولي جهودا جماعية مطردة بدعم من حكومة العراق في مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام وتنظيم القاعدة وغير ذلك مما يرتبط بهما من جماعات، من أجل القضاء على التحدي الذي يمثله الإرهاب.

وأحدث النزاع الدامي الدائر في الجمهورية العربية السورية مرتعا خصبا لـ ”لخلافة“ الإرهابية التي ترسّخت في جزء من البلد. ولا يوجد حل عسكري لهذا النزاع. ولا يمكن تسويته بالوسائل السياسية إلا من خلال عملية سياسية بقيادة سورية بناءً على بيان جنيف لعام 2012، وبالانضمام إلى جهود الأطراف السورية والمجتمع الدولي والإقليمي المبذولة للتصدي للتهديد الإرهابي الواسع النطاق على أساس نبذ ازدواجية المعايير واحترام مبدأ سيادة الدول.

وما زالت ليبيا تعاني من العواقب الخطيرة لأحداث عام 2011. فإيجاد حل للأزمة الراهنة والتصدي بفعالية للتهديد الإرهابي المتزايد يتطلبان تشكيل حكومة وفاق وطني بتوطيد ضروري، مدعوم دوليا على النحو الملائم، للجيش والهياكل الأمنية من أجل التصدي بفعالية للتهديد الإرهابي المتزايد.

وأما الحالة في اليمن فقد شهدت تدهورا خطيرا. فالمهمة العاجلة المتمثلة في التوصل إلى وقف لإطلاق النار وبدء عملية سياسية برعاية الأمم المتحدة، إضافةً إلى اتخاذ خطوات فورية لتحسين الحالة الإنسانية تنبع، في جملة أمور، من ضرورة التصدي للتهديد الإرهابي في ذلك البلد.

الغرض من الاجتماع

ثمة حاجة إلى تحليل طبيعة النزاعات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحليلا شاملا يحدد التوجهات لعمل جماعي بناءً على ميثاق الأمم المتحدة.

ولن يتسنى لنا إعادة ثقة المنطقة في مستقبلها ووقف تدمير نسيجها الاجتماعي - الثقافي واستعادة أجواء الثقة إلى العلاقات بين الدول والجماعات الدينية والعرقية إلا من خلال الامتثال لأحكام القانون الدولي ومبادئه.

ومجلس الأمن هو الذي ينبغي أن يقوم بدور أساسي في تنسيق الجهود الجماعية على أساس احترام التنوع الثقافي والحضاري للعالم الحديث وإرساء مبادئ الديمقراطية في العلاقات الدولية، وأن يحدد السبل الكفيلة بمعالجة جميع التحديات المتصلة بالأمن في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وواقع العصر الحديث يستدعي الأخذ بنهج شامل لمنع نشوب النزاعات وتعزيز السلام الدائم الذي يشمل اتخاذ التدابير الكفيلة باقتلاع الأسباب الجذرية للنزاعات. وينبغي أن يكون تعاون أفراد المجتمع الدولي كافة مصدرا تُستوحى منه الجهود المبذولة للتوصل إلى فهم مشترك سواء لأسباب الأزمة الأمنية الخطيرة الراهنة في المنطقة، أو العوامل السياسية وغيرها من التي تسهم في تفاقمها. ولن يتسنى للمجتمع الدولي أن ينفّذ تدابير منسقة لمنع اتساع رقعة النزاع وانتشار الأنشطة الإرهابية في المنطقة إلا بناء على ذلك الفهم الذي وُضع في إطار ميثاق الأمم المتحدة. ويؤدي التدخل في الشؤون الداخلية لدول ذات سيادة واستخدام القوة بدون إذن من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ونقل الأسلحة إلى جهات فاعلة من غير الدول من التي تؤمن بفكر متطرف إلى تفاقم الوضع في المنطقة واشتداد مستوى مخاطر الإرهاب.

عوامل عدم الاستقرار ومسارات العمل

1 - تدابير مكافحة الإرهاب

يمثل الإرهاب أحد العوامل الكبيرة المؤدية إلى تفاقم معظم النزاعات في الشرق الأوسط. بل إن وجود بعض البلدان في المنطقة هو في حد ذاته معرض للخطر. فالإرهابيون يسيطرون على إقليم فيعمدون إلى إقامة ما يشبه إدارتهم التي تتعامل مع السكان المحليين وفقا لقوانين وقواعد يضعها المتطرفون. وتنظيم الدولة الإسلامية يسعى إلى التوسع الإقليمي وإقامة خلافة إرهابية.

وتنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة وتنظيم القاعدة وما يرتبط بهذه التنظيمات من الجماعات أو الكيانات التي تنشط في المنطقة تحظى بدعم من شبكات تجنيد عالمية، تنشر بحرية شبه مطلقة عقيدَتها المتطرفة باستخدام تكنولوجيات المعلومات والاتصالات الحديثة، وبخاصة شبكة الإنترنت، وتحصل على عائدات كبيرة من مصادر متنوعة. أما أهم تلك المصادر فهي الاتجار غير المشروع بالنفط وغيره من الموارد المعدنية وبالمخدرات والأسلحة والممتلكات الثقافية، إضافةً إلى التبرعات التي يقدمها المتعاطفون مع المتطرفين.

وهناك اتجاه خطير من تدفق المقاتلين الإرهابيين الأجانب إلى مناطق النزاع في الشرق الأوسط (العراق وسورية وليبيا واليمن)، يزيد من تعقيد عمليات التسوية. ومن الضروري الإشارة إلى أن القائم من إجراءات تبادل المعلومات بين الدول وآليات المساعدة القانونية المتبادلة وتسليم المطلوبين لا يتماشى مع مستوى التهديد الذي يمثله المقاتلون الإرهابيون الأجانب ولا يمكّن من التصدي بفعالية لهذه الظاهرة.

ومن الأهمية بمكان، في سياق تسوية النزاع، توجيه الجهود نحو منع التحريض على الإرهاب وانتشار الفكر الإرهابي.

وقد اكتسبت هذه المهمة بعدا جديدا يتصل بمكافحة تدفق المقاتلين الإرهابيين الأجانب. ولا سبيل لحل هذه المشكلة إلا بتشجيع التسامح وضمان الحكم الرشيد أو الدعاية المضادة. ومن الضروري إقامة حواجز قوية لوقف انتشار الفكر الإرهابي، ولا سيما باستخدام تكنولوجيات المعلومات والاتصالات الحديثة وشبكة الإنترنت.

ولا بد من إعادة تقييم خطر وقوع أسلحة الدمار الشامل في أيدي جهات فاعلة من غير الدول، ولا سيما الإرهابيون، خاصة في ظل ورود تقارير عن استخدام تنظيم الدولة الإسلامية للأسلحة الكيميائية.

وينبغي لنا أن ننظر في السبل الكفيلة بتكثيف تنفيذ قرارات مجلس الأمن المتعلقة بمكافحة الإرهاب، فضلا عن غير ذلك من التدابير التي يمكن اتخاذها في هذا الصدد.

ومن الضروري، في بادئ الأمر، تركيز الجهود على تقديم الدعم إلى الحكومات الشرعية التي تكافح الإرهاب في أراضيها: فذلك أمر يستدعي اتباع نهج شامل خال من ازدواجية المعايير. وبالنظر إلى ترابط نزاعات الشرق الأوسط، فإن تقديم المساعدة إلى حكومات معينة وفي الوقت نفسه إغفال حكومات غير شرعية أخرى أو الأسوأ من ذلك، الإعلان عنها، هو وسيلة أكيدة لتفاقم الاتجاهات المزعزعة للاستقرار.

ولا بد لنا من توحيد جهودنا لدعم المساعي الحميدة التي يبذلها الأمين العام للأمم المتحدة بشأن مختلف قضايا الشرق الأوسط، فضلاً عن مبادرات الوساطة التي تضطلع بها منظمات إقليمية وفرادى الدول الأعضاء.

وينبغي أن ينصب الاهتمام بوجه خاص على الخطوات اللازمة لتنفيذ مبادرة السلام العربية وخطة العمل الشاملة المشتركة بشأن البرنامج النووي الإيراني، فضلاً عن الأطر الأخرى المتفق عليها دوليا لتحسين الحالة في الشرق الأوسط.

2 - التغلب على الشقاق الديني والطائفي

تنطوي نزاعات الشرق الأوسط على استهتار سافر بالحياة البشرية والهجمات العشوائية التي توجه ضد السكان المدنيين. فالحقد الديني والطائفي يغذّي الأعمال الإرهابية على نحو متزايد.

ويستلزم التصدي لهذه المشكلة اتخاذ مجموعة من التدابير المنسقة لمكافحة الفكر المتطرف على جميع المستويات.

وينبغي إيلاء اهتمام متزايد لتعزيز ثقافة السلام على الصُّعد الوطنية والإقليمية والدولية، وكذلك لمعالجة مسألة ”الجيل الضائع“، ولا سيما في البلدان التي تواجه اشتداد مستويات التهديد الإرهابي، ولتعزيز السلم واللاعنف.

3 - المساعدة الإنسانية والاقتصادية

تخلّف نزاعات الشرق الأوسط خسائر بشرية فادحة وأشكالا من المعاناة، إضافةً إلى الخسائر المالية والاقتصادية في البلدان التي تمر بنزاعات والبلدان المجاورة لها.

والتنمية والسلام والأمن وحقوق الإنسان هي مجالات وثيقة الترابط. والأنشطة المضطلع بها في هذه المجالات يعزز بعضها بعضا، وينبغي أن تستند إلى نهج كلي وشامل.

وينبغي أن يكون الدافع إلى جهود المجتمع الدولي المبذولة لمساعدة دول المنطقة نابعا من الاهتمام بالحفاظ على مؤسسات حكومية متينة ومستقرة وقوية وتنميتها، بما في ذلك القوات المسلحة والوكالات المختصة بإنفاذ القانون.

ويرتبط غير ذلك من المسائل التي تتطلب حلولا عاجلة بالمشردين داخليا واللاجئين والمهاجرين، وكذلك بإعادة الهياكل الأساسية إلى نصابها وحفظ التراث الثقافي. وينبغي ألا تكون التدابير الرامية إلى معالجة هذه المسائل، وتلك الرامية إلى مساعدة دول المنطقة ذات طابع انتقائي. والجزاءات وإجراءات الحظر الانفرادية لا تسهم في التسوية. ففي معظم الحالات، ينمّ تطبيقها المتسرّع عن عزوف عن التسوية بالوسائل السلمية والدبلوماسية.

مسائل للمناقشة

- ما هي الأسباب التي تزيد من احتمالات نشوب النزاعات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟

- ما هي الاستنتاجات التي يمكن استخلاصها من تحليل مقارَن لنشأة النزاعات واتجاهات تطورها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في أعقاب ما يسمى ”الربيع العربي“؟

- ما الذي ينبغي القيام به لمنع نشوب النزاعات في المنطقة، بما في ذلك النزاعات ذات الطابع الديني أو العرقي، ولحماية الأقليات الدينية والعرقية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من المتطرفين ذوي النزعة الراديكالية؟

- ما المطلوب لكي توحد الدول جهودها في مواجهة التهديد الإرهابي؟

- ما السبيل لمواصلة تعزيز الآليات القائمة وإنشاء آليات جديدة لمعالجة مشكلة المقاتلين الإرهابيين الأجانب على الصعيد الدولي؟

- ما السبيل لتحقيق تنفيذ الدول كافة للمهام المحددة في قرارات مجلس الأمن المتصلة بمكافحة الإرهاب؟

- ما هو دور الأمم المتحدة وهياكلها ذات الصلة في قمع التهديدات الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكذلك في منع التحريض على الإرهاب وانتشار الفكر الإرهابي؟ وهل توجد إمكانية لتعزيز التنسيق ضمن الأمم المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب؟

حصيلة الاجتماع

يُقترح اعتماد بيان صادر عن رئيس المجلس يؤكد فيه الضرورة الملحة لاتخاذ تدابير ترمي إلى تسوية النزاعات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومنع نشوبها، ويحدد غير ذلك من الإجراءات الممكن اتخاذها لمعالجة المخاطر الإرهابية في المنطقة.