الصعود المفاجئ لمحمود أحمدي نجاد الى كرسي الرئاسة في إيران هو دليل سيئ على أننا لسنا خبراء ومطلعين بشكل كافٍ على ما يحدث بالفعل في إيران. فمجرد المفاجأة يعتبر خللاً مقلقاً جداً، ذلك أن إيران هي الخطر الاستراتيجي الرئيس على دولة إسرائيل، ولا يعقل وضع يُنتخب فيه رئيس هناك بحيث يشكّل انتخابه مفاجأة لإسرائيل والغرب.

صحيح أن كل الخبراء في المؤسسة الاستخباراتية وفي الأكاديميا الإسرائيلية، قدروا أن تضع الانتخابات نهاية لمرحلة “الإصلاحيين”، وأن يسيطر المحافظون على كل أذرع السلطة، لكنهم أيضاً لم يتوقعوا مدى التأييد الذي سينجح في حصده شخص غير معروف، محافظ متطرف، يريد إعادة إيران الى أيام الثورة الخمينية الأولى ومحو كل رمز لليبرالية في الدولة. شخص يمثل خط يعتبر إسرائيل "شيطان صغير" يجب تدميره، وعلى العكس من رفسنجاني، فإنه لا يخفي ذلك.
النظام الجديد في إيران سيتشدد في مواقفه من موضوع الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي. أي أنه: ستزداد الجهود لزعزعة مكانة أبو مازن ومحو كل محاولة للتقارب بين السلطة وإسرائيل. سيزداد التأييد الإيراني لحماس والجهاد ولكل جهة تسعى الى تخريب كل تسوية سياسية ممكنة، وستتعمق المحاولات الإيرانية للتغلغل داخل المجموعات المتطرفة وسط العرب في إسرائيل، وستستمر عمليات التجسس داخل إسرائيل.

ومع أن استمرار الدعم الإيراني لحزب الله كان متوقعاً، لكن الخط المتطرف في سلوك حزب الله على الجبهة الشمالية سيصبح منذ الآن أكثر سيطرة، كما أن جهات مثل “حرس الثورة” ستتعزز أكثر. قد لا يحدث هذا الأمر صباح غد، لكن هذا هو الاتجاه.

إيران هي دولة خطيرة على العالم، بسبب الدمج فيها بين نظام متطرف وبين جهود متواصلة لامتلاك السلاح النووي. هذا الدمج يتعزز الآن، وبشكل أسرع. احتمالات طرد هذا النظام عن طريق النضال الشعبي، الانقلابات والمظاهرات، غير واردة في المدى المنظور.
إذن، كيف فوتنا هذه الصيرورات التي شهدها المجتمع الإيراني؟ وإذا فوتنا هذا، ربما نكون فوّتنا مواضيع وجودية مثل: الى أين وصل الإيرانيون في الموضوع النووي. وربما لديهم اليوم طريق التفافي باتجاه السلاح النووي، وهذا الطريق غير معروف لإسرائيل أو للغرب؟
حتى الآن مدّ الأميركيون للاتحاد الأوروبي الحبل لإجراء مفاوضات مع الإيرانيين بخصوص تجميد نشاط تخصيب اليورانيوم. وفي نهاية تموز من شأن ألمانيا، فرنسا وبريطانيا تقديم اقتراح لحل الأزمة للإيرانيين. الإيرانيون سيحاولون التسويف، التهرّب وكسب الوقت مرة أخرى. هل يستمر الأميركيون في إعطاء حبل أم أنهم سيتخذون قراراً لإظهار قدر أكبر من التدخل؟ اليوم يتحدث الأميركيون عن الديموقراطية في إيران، وقد تتسبب نتائج الانتخابات بهزة قوية لهم.
على الأقل أمر واحد إيجابي سينمو من هذه الانتخابات: الغرب لا يستطيع مواصلة التمسك بوهم النظام الإصلاحي في إيران الذي يتعيّن دعمه والسير نحوه. منذ اليوم يوجد تقسيم واضح بين “الأشرار”و“الأخيار”. النظام الجديد في إيران لن يتنازل عن السلاح النووي، وحتى أنه لن يكلّف نفسه عناء إخفاء ذلك.

مصادر
يديعوت أحرنوت (الدولة العبرية)