بات في حكم المؤكد الان بان عملية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري كانت من خلال " انتحاري " فقد كشفت تقارير صحفية انه نتيجة إجراء مسح شامل ودقيق طال كل المنطقة التي وقع فيها الانفجار ، وعمليات الفحص الدقيق للـ " دي.ان.اي " تبين أن 27 قطعة من اشلاء بشرية وجدت في مكان الحادث تزن الاثقل بينها بضعة غرامات تعود الى شخص واحد، ولكنه غير معروف، ولم ترِد أي عينة لحمضه النووي خلال فترة التحقيق هذه. وهنا برزت مفاجأة كبرى في خلاصة تقرير احد المختصين الضالعين في عملية التحقيق التي تقول: إن هذه الاشلاء تعود الى الشخص الذي كان الاقرب الى نقطة الانفجار.. يعني انها تعود الى الانتحاري!
ويؤكد هذا الافتراض الذي باتت نتائج التحقيق الدولي تميل لاقراره ، مصدر آخر معني بالتحقيق والذي كشف بحسب صحيفة السفير اللبنانية " ان التدقيق الذي جرى لاحقاً بنوعية الاصابات التي جاءت في موكب الرئيس الحريري اظهرت انه ربما كانت هناك محاولة لابعاد السيارة من المرافق الشخصي للرئيس الحريري يحيى العرب (ابو طارق) وهو ما يفسر اقترابه الشديد من السيارة المفخخة ما ادّى الى تمزق جسده، اضافة الى الاصابات المباشرة والكبيرة بالآخرين ومنهم الرئيس الحريري والنائب باسل فليحان" .

وبالعودة الى الانتحاري المفترض فقد جرى التدقيق في اشلائه، وفيها ثلاث قطع واضحة: " ضرس من فكه، قطعة صغيرة من قفصه الصدري وجزء من ابهام احدى يديه ". وقد تمّ أخذ البصمة من قطعة الإبهام لأجل التعرف على صاحبها خارج لبنان بعدما اظهرت التحقيقات الجنائية في لبنان انها لا تعود الى اي من المطلوبين او المراقبين او المشكوك في امرهم.

هذه النتائج التي باتت الاوساط السياسية اللبنانية تداولها امس دفعت ( بحسب صحيفة الحياة ) بعض قوى المعارضة " الجديدة " التي اخفقت في العودة الى البرلمان في الانتخابات النيابية الاخيرة، الى التحضير لشن هجوم مضاد ضد الغالبية النيابية،

حيث يتوقف توقيت هذا الهجوم على فحوى التقرير الاجرائي الذي سيرفعه قريباً رئيس لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري القاضي الالماني ديتليف ميليس الى مجلس الامن الدولي بواسطة الامين العام للامم المتحدة كوفي أنان.

وهنا وبحسب ما نقلت الحياة في عددها الصادر الخميس وفي هذا السياق يؤكد نواب سابقون حلفاء لسورية، ان هذا الهجوم المضاد ينطلق من امكان توصل التحقيق الأولي الى نتائج ملموسة لجهة ان شخصاً انتحارياً مجهول الهوية هو الذي فجّر سيارته في موكب الرئيس الحريري ومرافقيه، «وهذا ما يمكننا من الثأر من الغالبية النيابية بالسياسة».

ونقل عن هؤلاء قولهم، ان مجرد إلقاء الشبهة او إلصاق التهمة بانتحاري مجهول، سيتيح لهم تنظيم هجوم سياسي واعلامي مضاد ضد الغالبية النيابية على خلفية حصول المعارضة السابقة على اكثرية المقاعد لم يكن ممكناً لو لم تستغل بقواها الاساسية جريمة اغتيال الرئيس الحريري وتقوم بالتعبئة المذهبية والطائفية التي كانت وراء رسوبهم في الانتخابات، بعد ان سارعت من دون ان تنتظر جلاء التحقيق في الجريمة الى توجيه سهام الاتهام الى كل من سورية والنظام الامني اللبناني اللذين تعتبرهما حليفين لها.

ويضيفون: " ان نتائج التحقيق ستوفر الفرصة المؤاتية للتشكيك في شرعية المجلس النيابي الحالي لأن الاكثرية فيه استقوت بالظروف غير الموضوعية التي قادتها الى إلباس التهمة بجهات قد لا يأتي التحقيق على ذكرها».

ويعتبر هؤلاء ان الغالبية النيابية «نجحت في جعلهم يدفعون ثمن جريمة لم يرتكبها أي طرف لبناني أو جهة اقليمية» في اشارة الى سورية، كما انهم يتصرفون وكأن توجيه اصابع الاتهام الى انتحاري اصبح في حكم المؤكد وغير قابل للنقض من ميليس، مشيرين الى احتمال تطوير العلاقات السورية – الاميركية نحو الامن باعتبار ان التدهور الذي طاولها لم يكن لسبب آخر غير اتهام سورية وجهات رسمية لبنانية، مؤكدين ان تحسنها سيقوي من عزيمتهم في الحملة على الذين وظفوا الجريمة في الانتخابات.

تقرير ميليس لم يسلم بعد لمجلس الامن ونتائج التحقيق لم تعلن بشكل نهائي ، ولكن في حال تأكدت المعلومات التي تسربت لحد الآن والتي ترجح ان عملية الاغتيال كانت من خلال انتحاري مجهول الهوية ، ربما سيمكن القوى الحليفة لسورية في لبنان من تغير نتائج المعادلة السياسية هناك ، وسيكون لنتائج التحقيق في حال صدورها في هذا الاتجاه اثر كبير في مستقبل العلاقات السورية اللبنانية وربما في العلاقات السورية مع المجتمع الدولي.

مصادر
الحياة (المملكة المتحدة)