يمكن القول إن قراءة دعوة كهذه نادرة في الصين: طالب كاتب أعمدة في صحيفة «تشاينا ديلي» أن يكف الصينيون عن استخدام أعواد الأكل والبدء باستخدام أيديهم. لماذا؟

لأن زو هانرو كتب: «ما عدنا نمتلك قدرا فائضا من الغابات، وأرضنا ما عادت خضراء، ولأن مياهنا الجوفية في طور النفاد، ولأن العدد المستعمل يتزايد بسرعة كبيرة. والصين لوحدها تستخدم 45 مليار زوج من أعواد الطعام في كل سنة، يتم رميها بعد الاستعمال، أو أن 1.66 ميلون متر مكعب من الخشب، أو 25 مليون شجرة كاملة النمو».

وكلما أصبح الصينيون أكثر ثراء «أصبحوا أكثر تطلبا لبيوت أكبر وقدر أوسع من الأثاث. كذلك أصبحت الصحف أكثر سمكا لجلب حصة أكبر من الإعلانات التجارية».

ومع تصاعد الضغوط البيئية فإن على الصين، حسبما يرى الكاتب هانرو، أن تتخلى عن أعواد الطعام التي يتم رميها بعد الاستعمال والانتقال إلى استخدام أعواد من الفولاذ قابلة للاستخدام المتكرر، «أو يمكننا من الأفضل استخدام أيادينا».

ويأتي عمود زو ليؤكد بعد عام من تحقق نمو اقتصادي بمعدل 9%، ان الصين قد تكون وصلت إلى أقصى حدودها البيئية. وهذا الضغط يذهلك في لحظة هبوطك في شنغهاي.

ما عادت الصين تماما بلدا شيوعيا بأي حال من الأحوال، بل أنها قد تكون حاليا أكثر بلد رأسمالي في العالم من حيث الطاقة الخام. وأظن أن التاريخ سيسجل أن الرأسمالية الصينية هي التي أنهت الاشتراكية الأوروبية. فأوروبا ما عادت قادرة على تحمل مبدأ العمل 35 ساعة في الأسبوع، وأن تستمتع بنظام الضمان الاجتماعي بسبب تصاعد المنافسة، انطلاقا من الأجور المنخفضة وطموحات الصين العالية، إضافة إلى أن ذلك متحقق أيضا في الهند وأوروبا الشرقية.

ولكن، هل يمكن لأي شيء إيقاف امتداد الرأسمالية الصينية؟ نعم، الرأسمالية الصينية. فيما عدا الانقسام السياسي فإن التهديد الاكبر لنمو الصين الآن هو البيئة. فقد باع SAM CLUB، وهو جزء من محلات وول مارت، في مدينة شينجان الصينية 1100 جهاز تكييف في عطلة اسبوع واحدة في العام الماضي، ويعلم قادة الصين ذلك، واتخذوا خطوات لوقف عملية قطع اشجار الغابات والعثور على بدائل لمراكز توليد الكهرباء بالفحم التي حولت بعض المدن مثل شينجان الى سحابة رمادية ضخمة.

ولكن، اذا وضعنا في الاعتبار ان شرعية الحزب الشيوعي الحاكم تعتمد بصفة كبيرة على قدرتها على رفع مستوي المعيشة، فلا يمكنها قبول الركود الاقتصادي والبطالة الجماعية.

ولذا فأنا اشعر بالسعادة لزيارة دونالد رامسفيلد اخيرا للصين لإجراء محادثات مع العسكريين الصينيين في الاسبوع الماضي، إلا انه يعتبر تصرفا يرتبط بالقرن العشرين تماما. فكيف تستخدم الصين نموها العسكري المتزايد من نوع الأسئلة النظرية. ولكن تأثير الصين على التنمية العالمية اذا ما استمرت في النمو بهذا المعدل، سيصبح كارثة مؤكدة بالنسبة للصين والعالم.

الاجراءات المقيدة لن تنقذ البيئة الصينية او العالم. فمنذ حظر قطع الاشجار في عام 1998، ادت شهية الصين الى استيراد الاخشاب الى القضاء على غابات في روسيا وأفريقيا وبورما والبرازيل. وذلك يتطلب حلا موحدا. وهذا هو السبب الذي يجعل أهم الاستراتيجيات التي تحتاج لاتباعها كل من الصين والولايات المتحدة بالتعاون معا، هي تلك التي يجب ان تجمع معا النشاطات الاقتصادية والحكومة والمؤسسات غير الحكومية للتوصل الى شكل من اشكال التنمية الاكثر توازنا، بحيث يمكن للصين تحقيق نموذج لنفسها ولغيرها فيما يتعلق بكيفية القيام بمزيد من الاشياء بقليل من المواد وبعوادم سيارات اقل، فهذه هي القضية الامنية الاقتصادية والبيئية والوطنية التي تتصدر أجندة يومنا هذا.

مصادر
الشرق الأوسط (المملكة المتحدة)