رأى الباحث شلومو بروم من معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب أن العملية العسكرية الإسرائيلية ضد سوريا أحبطت محاولات تغيير قواعد اللعبة السائدة بين البلدين، وكتب أمس في صحيفة "يديعوت أحرونوت": في خضم التقارير عن العملية السرية لمقاتلات سلاح الجو في شمال سوريا، والاهتمام الشديد بكشف تفاصيل ما حدث، ثمة نقطة مهمة جداً لم تطرح، هي تأثيرها في قواعد اللعبة السائدة بين البلدين.

منذ بداية التسعينات وبعد خسارة سوريا حليفها الاتحاد السوفياتي، كان واضحاً ان ميزان القوى يميل لمصلحة اسرائيل، مع استمرار التراجع في القوة العسكرية السورية. وصارت اسرائيل تملك حرية تحرك كبيرة تمكنها من معاقبة سوريا من دون تخوف من ردها.

لكن حرب لبنان الثانية ألحقت ضرراً بصورة القوة العسكرية لإسرائيل، وخلقت انطباعاً لدى السوريين بوجود فرصة لتغيير قواعد اللعبة وخلق ميزان ردع متبادل مع اسرائيل، فسارعوا الى تطبيق دروس الحرب، واطلقوا سلسلة من التصريحات والتهديدات الرادعة في محاولة لحمل اسرائيل على تغيير سياستها. وتعاملت اسرائيل مع هذه التهديدات بمنتهى الجدية، لا سيما احتمال مبادرة سوريا الى عمل عسكري، وبدا ان ميزان الردع بين الدولتين تغير جذرياً.

التقارير عن العملية الاسرائيلية في سوريا لم تكشف جديداً عن القدرة العسكرية للدولتين. منذ وقت طويل كان واضحاً أن في استطاعة سلاح الجو ضرب اي هدف في سوريا من دون ان يمنعه الجيش السوري عن ذلك. والهجوم الأخير الذي شهدته الأجواء السورية أثبت تعاظم القدرة الجوية الاسرائيلية القادرة على ضرب أهداف معقدة ومحصنة جيداً، في الظلام وفي اي ظروف مناخية.

لكن قيام توازن ردع لمصلحة اسرائيل لا يعني أن سوريا غير قادرة على الحاق الأذى بها اما مباشرة او من طريق عملائها. في الماضي امتنعت سوريا عن مهاجمة أهداف مدنية اسرائيلية حتى خلال حرب مثل حرب "يوم الغفران". لكن الحرب الأخيرة في لبنان أثبتت أمراً معروفاً من قبل وهو احتمال ضرب الجبهة الداخلية الاسرائيلية وعجز الجيش الاسرائيلي عن الدفاع عنها بواسطة احتلال المناطق التي تطلق منها الصواريخ، ناهيك بما شهدته الأعوام الأخيرة من تعاظم القدرة السورية على ضرب الجبهة الداخلية في اسرائيل. ولكن من زاوية توازن القوى، تعني قدرة سلاح الجو على ضرب اي هدف في سوريا في أي وقت ان على السوريين ان يدرسوا جيداً ما اذا كانوا قادرين على دفع ثمن ضرب المدنيين في اسرائيل. لا ندري ماذا سيقرر السوريون ولكن في امكاننا ان نبعث اليهم رسائل رادعة تحثهم على اعادة النظر.

بعد حرب لبنان قيل ان اسرائيل لا تستطيع معاودة المفاوضات مع سوريا من موقع ضعف. ويبدو ان اسرائيل ليست في هذا الموقع، لذا يجب ان نزيل هذه الحجة من مجموعة الاعتبارات سواء المؤيدة او الرافضة للمفاوضات مع سوريا