كل النقاشات عبث مادام الأمر ينتقل عبر "كرنفال الإرهاب"، وسواء أدان البعض تلك التفجيات أو بقيت على هامش السياسة لكنها تجتاحنا مثل عواصف الصحراء، وتحاول إدخالنا في مساحة لا عشق فيها، فعندما تعصف الأرض وتشتعل أدرك أن الهوى الذي يجمعنا يقلق البعض، لكننا في النهاية مازلنا نعشق الورد رغم الموت، ومازلنا قادرين على الرؤية وخلق بصيرة ممتدة، فهل الإرهاب بالفعل يحمل معه "لفحة" غضب يمكن أن تنزع عنا تراث العشق الذي يكللنا؟
ما يحدث لا يمكن أن يجعلنا غرباء، فسورية لون يتم اختراعه يوميا، وهي أبجدية يتم وضعها في كل لجظة، فالإرهاب هو في النهاية دفعة لعصف يجعل العقل يحلق، فنحاول فهم الحقد والانتقام الذي يزنرنا ويكتبنا في حدود الخطر، وهل كان العشق إلا قلق ممتد؟! وهل كانت سورية إلا اختراع للأفق بشكل دائم؟!
نحن والإرهاب قصة علينا منحها تفاصيل جديدة، ونحن أيضا نحضن الأرض التي ترتج في لحظة وجود من يرى الموت ويحلم بـ"حور العين"، ونحن أيضا نتجول فوق الفتاوى وإباحة الدم، والرغبة في رسم صورة في كل لحظة تضع الإرهاب كتاريخ يمكن إضافته لما قام به تيمورلنك في حلب وحمص، فهي صور تبقى ومن الصعب نسيانها لكنها في النهاية لا يمكنها كسر الحد الفاصل ما بين العشق الذي يجمعنا والغضب والحزن الذي يرتفع لساعات أو أيام أو أشهر.
في الإرهاب نتوقف عند اللحظة التي تسرقنا، ونركض باتجاه فيض المعلومات المتدفق، ثم ندرك أن المسألة ليست إحصاء من سقطوا، بل هي في الصور التي تم زرعها داخل القلب والعقل لتطرف يريد اقتحام عالمنا دون استئذان، وهو لا ينتظر "حدثا" ولا سعى لـ"سياسة" لأن عدوه جاهز دوما، وخصمة يتحرك في دمائنا، فهل علينا رسم دهشة على الوجه عندما يداهمنا "التوحش" للحظات.
سورية كانت دائما ضد الاحتمال الواحد، وهي ربما تحمل بذاتها برهانا على أن كسر المتوقع هو الذي يرسم مستقبلها، فالإرهاب لم يكن يوما سوى الحالة النمطية لأي رهان تقليدي، وهو أيضا مجاراة لواقع يحيط بنا، لكننا في النهاية نعرف أن "الحياة" هي التي تحمل الذهول والدهشة والرغبة في التحليق، أما الإرهاب فهو "حدث" تم خلقه لكي يدفعنا للاحتمال الأسوء... لكننا عاشقون لكسر الاحتمالات وللقفز فوق التنبوءات والحسابات التي أعدت سلفا.
www.souriaalghad.me