بينما كان يعمل في خدمة وكالة الإستخبارات المركزية، عام ١٩٥٠، كتب المجرم ضد الإنسانية ستيبان بنديرا: "إنّ الإتّجاه العامّ لسياسة التّحرير الّتي ننتهجها مبنيّ على فكرة أن النّضال في سبيل دولة اوكرانية مستقلّة هو نضالٌ ضدّ روسيا، ليس فقط ضدّ البلشفية، بل ضدّ أي شكلٍ من الإمبريالية الرّوسية التّوسّعية الّتي تميّز بها الشّعب الرّوسي. إذا تمّ تبديله بشكلٍ آخرٍ من الإمبريالية الرّوسية، سيصبّ كامل طاقته اولاً في وجه أوكرانيا المستقلّة لإخضاعها. سيُطلب من الشّعب الرّوسي أن يدعم هذه الإمبريالية. سيفعل كلّ شيء من أجل استعباد اوكرانيا. كلّ ما أقوله واضحاً بالإستناد إلى الفكر والمشاعر السّياسية الخاصّة بالجموع الرّوسية، من كلّ الطّبقات، سواء أكانت شيوعية أو ضدّ البلشفية.

في مقالة سابقة، كنتُ قد شرحت كيف ولماذا كوّنت المخابرات البريطانية والامريكية حلفاً مع البنديريّين الاوكرانيّين خلال الحرب الباردة. أصبح هؤلاء، بدلاً من ان يُحاكَموا في نورمبرغ، جنوداً خفيّين عند المنتصرين. بذلك أصبحوا قادرين على مواصلة هوسهم بِمحاربة روسيا بخدمة الأنغلوساكسون.

بعد ردّات الفعل المتعدّدة من القرّاء، اودّ أن أشرح في هذا المقال كيف تمكّن البنديريون من الإستيلاء على الحكم في اوكرانيا الحالية، وكيف تمكّنوا عقب ذلك من مواصلة الحرب العالمية الثّانية في العديد من البلدان. خصوصاً، اريد أن أُظهِر كيف انتقل هؤلاء المتطرّفون من صفة ملحقين بالقوات الامريكية إلى صفة قوّات الصّدم الاولى: عبر اتّفاقٍ مع السّتراوسيّين ضد روسيا. هذا الإتّفاق هو الّذي أدّى إلى وقوع الحرب الحالية.

بنديريون في الدّاخل، وبنديريون في الخارج

عندما بدأ الإتحاد السّوفياتي بالتّرنّح، خرج بنديريّو الدّاخل من الظّل وانتزعوا صفة شرعية لنفسهم. بعضهم كان قد نجا من الحرب العالمية الثانية وفترة الإضطراب الّتي لحقت بها (من ١٩٤٥ إلى ١٩٥٠). كان نيكيتا خروتشيف (سوفياتي اوكراني) قد عفا عنهم عام ١٩٥٤، وتمّت إعادتهم إلى إطار المنظومة السّوفياتية. بذلك، دخل البنديريون الإدارة الشّيوعية، دون أن يتخلّوا عن صلاتهم ببنديريّي الخارج، المرابطين في صفوف كتلة القوميّات المعادية للبلشفية الجامعة العالمية لمُعاداة الشّيوعية.

بينما كان الإتّحاد يترنّح، قامت حفنة من الطّلاّب، بعضهم بنديريّ، بتنظيم تحرّك في ساحة المايدان (تشرين الاول ١٩٩٠)، ضدّ أيّ علاقة بِروسيا (أُطلق على التّحرّك وصف "ثورة الغرانيت"). كانت هذه الفترة تتميّز بفوضى أدبية كبيرة: العديد من الاوكرانيين لم يكونوا يعتقدون أنّ الرّوس يطمحون إلى التّحرّر من النّظام السّوفياتي مثلهم. الكثير منهم اعتقدوا أنّ الإتّحاد السّوفياتي كان شكلاً من الإمبريالية الرّوسية، وأنّ الرّوس حاولوا أن يدمرّوا اوكرانيا.

عندما أعلنت أوكرانيا استقلالها، في ٢٤ آب ١٩٩١، ظهر البنديريّون إلى الضّوء بالكامل. لم يقدّموا أنفسهم على أنّهم معاونين سابقين للنّازيّة ومرتكبين لجرائم ضدّ الإنسانية، بل بصفة "قوميّين" ومناضلين ضدّ السّوفيات. توصّل البنديريون إلى مناصبٍ رفيعة، ومنها تمكّنوا من حمل المُجنّدين في خدمة العلم على توقيع تعهّدٍ بأن يقاتلوا روسيا في حال نشوب حربٍ بين البلدَين. بذلك تمكّنوا، عام ١٩٩٢، من تنظيم مسيرة في شوارع العاصمة ضمّت ٧٠٠٠ شخصاً، للإحتفال بذكرى ميلاد الجيش البنديريّ السّبعين. شارك في هذه المسيرة بنديريون من الخارج، بعد عودتهم إلى البلاد.

سلافا ستيتسكو، ارملة رئيس الحكومة الّذي فرضه النّازيّين، ياروسلاف ستيتسكو، تفتتح جلسة مجلس النّواب. اختتمت كلمته بنداء البنديريين: "المجد لاوكرانيا!".

إعادة تنظيم البنديريّين (١٩٩٠ إلى ١٩٩٨)

توزّع بنديريو الدّاخل بين عامّة المتحزّبين والاكثر تمرّساً: الأُول انتسبوا إلى الحزب القومي الإجتماعي الاوكراني، ثمّ حزب الحريّة (سفوبودا). الآخرون اسّسوا التّجمّع القومي الاوكراني وميليشيا الدّفاع الشّعبي.

إنفصل مسلّحو اندري بليتسكي (الّذي يعطي نفسه لقب "الفيورر الأبيض") إدارياً عن سفوبودا، ليأسّسوا منظّمة خاصّة بهم. ولكنّ سفوبودا هو ذاته. بقي الحزب يؤكّد على أنّه ينوي "تصفية جميع الأدباء المتحدّثين بالرّوسية والكارهين لأوكرانيا جسديّاً ودون محاكمة". بدأ الحزب بوضع جداول بأسامي المُؤيّدين لروسيا، لرومانيا، للمجر، وللتّتر، لأنّ "هذا القطيع يلزمه تقليص بما يقارب ٥ أو ٦ مليون شخص".

كان بنديريٌّ خارجيٌّ يترأّس ميليشيا الدّفاع الشّعبي: يوري شوخيفيتش، وهو ابن أحد المجرمين ضدّ النّازية المعروفين. تعاونت مجموعته مع وكالة الإستخبارات المركزية على خوض حروب ضدّ الرّوس، عادةً إلى جانب إسلاميّين. تمّ الإدلاء دون تأكيد بوجودهم في أبخازيا إلى جانب الجورجيّين (١٩٩٨)، ولكنّ وجودهم غير مشكوك بأمره إلى جانب الرّومانيّين في ترانسنيستريا (١٩٩٢)، فيلق اساما بن لادن في يوغوسلافيا (١٩٩٢ إلى ١٩٩٥)، الاذريّين في ناغورنو-كاراباخ (حتّى عام ١٩٩٤)، وخصوصاً مع الإسلاميّين خلال حرب الشّيشان الأولى.

أكّد المّدّعون العامّون الرّوس هويّة العديد منهم، بينهم إغور مازور، فاليري بوبروفيتش، دميترو كورشينسكي،أندري تياغنيبوك (أخ اوليغ تياغنيبوك)، دميترو ياروش، فلاديمير ماماليغا، وألكسندر موزيشكو. تميّز هؤلاء ببراعتهم في القتال ووحشيّتهم. تمّ تكريم الاخير بينهم "بطلاً قوميّاً" لإمارة إتشكيريا الإسلامية (الشّيشان)، لقيامه ب"كسر أصابع الضّباط (الرّوس)، اقتلاع أعينهم، أظافرهم وأسنانهم، وقتله للعديد منهم". أصبح موزيشكو قائد الحرس الشّخصي للأمير دجوخار دوداييف.

فتحت كتلة القوميّات المعادية للبلشفية مكاتباً لها في كييف، بعد أن بقي مقرّها الرّئيسي في ميونخ

بضعة أشهرٍ بعد انتخابه، في ٦ ايار ١٩٩٥، توجّه رئيس اوكرانيا الجديدة الثّاني، ليونيد كوشما، إلى ميونخ، لكي يلتقي بسلافا ستيتسكو وفريق كتلة القوميات المعادية للبلشفية. بذلك استحصل على دعم الولايات المتحدة الخفيّ لإجراء إعادة تنظيمٍ ليبرالية للبلاد.

.

عام ١٩٩٤، ترشّحت سلافا ستيتسكو، رئيسة الكتلة وأرملة ياروسلاف ستيتسكو، إلى النّيابة. بالرّغم من عدم امتلاكها الجنسية الاوكرانية، تمّ انتخاب ستيتسكو، وإعادة انتخابها من جديد عامَي ١٩٩٨ و٢٠٠٢. ترأّست ستيتسكو البرلمان وافتتحت أوّل جلسة لعام ١٩٩٨، في ١٩ آذار، وفي ١٤ ايار ٢٠٠٢ وسط تصفيق زملائها، باستثناء الحزب الشّيوعي الّذي خرج نوّابه من الصّالة. اشادت ستيتسكو بستيبان بنديرا وبزوجها، وانهت خطابها بشعارَيهما "المجد لاوكرانيا!" ماتت ستيتسكو في ١٢ آذار ٢٠٠٣، في ميونخ، بعمر ٨٢ سنة.

اغتيال جورجي غونغادزيه (٢٠٠٠)

خلال فترة ولايته الرّئاسية، خصخص ليونيد كوشما كلّ ما تمكّن من خصخصته. تركّزت الثّروات بين أيدي ١٣ لاعب، الأوليغارشيين، يتقسّمون إلى ٣ "عائلات": دونيتسك، دنيبروبيتروفسك، وكييف. لم يمضِ الكثير من الوقت قبل أن يتحصّل هؤلاء على قوّةٍ تفوق قوّة السّياسيّين. ما زال هذا النّظام قائماً، وما زال يحرم الاوكرانيين من سيادتهم ويُبهم الاوراق.

عام ٢٠٠٠، اختفى الصّحافي جورجي غونغادزيه، بعد أن كان قد قاتل في جورجيا في صفوف البنديريّين، ثمّ قام بالتّحرّي عن فساد الرّئيس كوشما ومحيطه. وُجدت جثّته لاحقاً، مقطوعة الرّأس ومغمورة بالدّيوكسين بهدف تعسير عمليّة التّعرّف عليها. عندها قام رئيس مجلس النّواب بالكشف عن تسجيلاتٍ لمحادثاتٍ بين الرّئيس كوشما، رئيس مجلس الوزراء، ووزير الدّاخلية، عن كيفية إغلاق فم الصّحافي المقتول. انتهت ولاية كوشما بشكلٍ كارثي.

في نهاية عام ٢٠٠٠، نظّم السّفير الامريكي ليف دوبريانسكي (قائد البنديريين في الولايات المُتّحدة) مؤتمراً جامعاً للحزبَين في واشنطن، محوره العلاقات الثّنائية بين الولايات المتحدة واوكرانيا. ترأّس السّتراوسي بول وولفويتز بعثة الجمهوري، بينما كان رئيس بعثة الحزب الدّيموقراطي هو زبيغنيو بريجيزنسكي.

تكلّم وولفوتيز أوّلاً. بعد أن أشاد بنزع السّلاح النّووي وإغلاق معمل تشرنوبيل والإنتساب إلى الشّراكة من أجل السّلام مع النّاتو، أعلن وولفويتز عن تحرير قرضٍ من صندوق النّقد الدّولي بمبلغ ٢.٦ مليار دولار، وعن اعتزام واشنطن بأن تضغط على الإتّحاد الاوروبي لكي يقبل بأوكرانيا عضوةً فيه. أكّد وولفويتز خصوصاً أنّ روسيا لا تزال قوّةً امبرياليةً كما تُظهر حرب الشّيشان الّتي شارك فيها البنديريون. يجب إذاً دعمهم ضدّ روسيا. أمّا بريجيزنسكي، فقارن اوكرانيا بروسيا ليجدعا اكثر ديموقراطيّةً وأقلّ فساداً. أصرّ بريجيزنسكي طويلاً على عدم اعتبارها دولة ما بعد سوفياتية، بل اوروبية، وعلى أن يكون بوسعها أن تنتسب إلى الإتّحاد الاوروبي.

إذاً، تمّ الإعلان عن الامر الحتمي: البنديريون، حلفاء الحرب الباردة، أصبحوا حلفاء الولايات المتحدة في العالم الاحادي القطب الّذي كان قيد البناء.

الثّورة البرتقالية (٢٠٠٤)

لم يكن من المفترض أن تؤدّي الإنتخابات الرّئاسية إلى تغيّرٍ مهمٍّ في معادلة القوّة بين كل "عائلة". انتهى الأمر بالنّسبة لكوشما (عائلة دنيبروبيتروفسك) بترشيحه رئيس مجلس وزرائه فيكتور يانوكوفيتش (عائلة دونيتسك). انتصر هذا الأخير، ممّا أدّى إلى احتجاجاتٍ غاضبة من عائلة كييف، المدعومة من الوقف القومي للدّيموقراطيّة (واجهة لوكالة الإستخبارات المركزيّة [1]). أُلغيت الإنتخابات، وعند إجراء اقتراع آخر، انتصر فيكتور يوشتشينكو. كانت هذه "الثّورة البرتقالية".

ولكن سرعان ما انقسم الفريق الجديد، بين الرّئيس المذكور من جهة ويوليا تيموشينكو من جهة أخرى. إستفاد البنديريون من هذا الشّقاق الدّاخلي في صفوف الاوليغارشيك ليتغلغلوا أكثر في المخيّمَين.

مرّة جديدة، سلافا ستيتسكو تفتتح جلسة مجلس النّواب عام ٢٠٠٢. "المجد لأوكرانيا!"

في ٨ ايار ٢٠٠٧، في تيرنوبول، وبمبادرة من وكالة الإستخبارات المركزية، أسّس بنديريّو ميليشيا الدّفاع الشّعبي والإسلاميّون "جبهةً ضدّ الإمبريالية" في وجه روسيا، برئاسة دميترو ياروش ودوكّا عمروف (أمير اتشكيريا) المُشتَركة. إنضمّت إلى المؤتمر منظّمات من ليتوانيا، بولّندا، اوكرانيا، وروسيا. من هذه الاخيرة، اشترك في المؤتمر انفصاليون إسلاميون من القرم، أديغيا، داغستان، كاباردينو-بلقاريا، كاراتشاييفو-تشيركاسيا، أوسّيتيا، والشّيشان. قرأ عمروف خطابه عن بُعد. بذلك، أُعيد إحياء كوميساريا الرّايخ عن الشّرق (الّذي أسّسه الفرد روزنبرغ) ومنظّمة ستيبان بنديرا، تحت حماية الدّولة الأوكرانية.

إستفاد فيكتور يانوكوفيتش عام ٢٠١٠ من انقسام عائلة كييف وانتصر في الإنتخابات. عند وصوله إلى الحكم، قام يانوكوفيتش بتعيين أفراداً من عائلته (أي البيولوجية) في مناصب الحكم الأساسية، عناوةً عن نظام العائلات الاوليغارشية. أصبح التّقرّب من عائلة يانوكوفيتش الشّخصية أهمّ من العلاقات مع أوليغاركيٍّ أو آخر. تدريجياً، وضع الرّئيس يانوكوفيتش يده على الحياة السّياسية بأكملها عبر حزبه: "حزب الأقاليم". أُقصِيَ ٥ أوليغاركيّين من المنظومة، ممّا دفعهم إلى التّحالف مع السّتراوسيّين والبنديريّين بهدف استرجاع الحُكم.

خلال هذه الفترة، إستمرّت البروباغاندا وتعوّد الاوكرانيون على تواجد البنديريّين، الّذين باتوا مموّلين من الأوليغاركي اليهودي إغور كولومويسكي. عام ٢٠١١، تمكّن البنديريّون من فرض تبنّي قانون يمنع الإحتفال بنهاية الحرب العالمية الثانية لأنّها اختُتِمت بانتصار السّوفيات وهزيمة البنديريّين، ولكنّ الرّئيس يانوكوفيتش رفض أن يوقّع على مرسومها. غضب البنديريون، وهاجموا مسيرة جنود الجيش الاحمر السّابقين، حيث انهالوا بالضّرب على العجزاء. بعد عامَين، ألغت مدينتا لفوف وإفانو-فرانكيفسك احتفال النّصر ومنعتا مظاهر الفرح. مع اقتراب نهاية عهده، عاد يانوكوفيتش ليكرّم ستيبان بنديرا "بطلاً قوميّاً".

عندما اعرب الحزب الشّيوعي عن تفاجئه برؤية يهودي يموّل نيو-نازيّين، أجابت عليه لجنة اليهود الأوكرانية أنّه يجدّد الإدّعاء المعادي للسّاميّة بأنّ اليهود هم من أتوى بالبلاشفة إلى الحكم وسبّبوا بداية الحرب العالمية الثانية.

خلال ثورة الكرامة (٢٠١٤)، تمّ تقديم دميترو ياروش امام جموع ساحة المايديان في كييف. كما يمكن أن نرى، رحّب الأوكرانيون به وردّدوا شعاراته. انتهى الامر بهتاف البنديريين: "المجد لأوكرانيا!".
بينما كانت ثورة الكرامة (٢٠١٤) تستعر، نظّم البنديريون مسيرةً بالشّعلات، لإحياء ذكرى المجرم ضدّ الإنسانية ستيبان بنديرا. أصبح البنديريون أكثر بكثير من مجموعة صغيرة.

ثورة الكرامة، أو يورومايدان (٢٠١٤)

نظّمت فيكتوريا نولاند ثورة الكرامة، عام ٢٠١٤، بمساعدة بنديريّين ذوي خبرة حربية. الجميع يعرف هذه الأحداث، لن أكرّر نفسي. هذه المرّة وصل أحد الأوليغاركيين، بترو بوروشينكو، إلى الرئاسة. أمّا البنديريّين فقد تمكّنوا من انتزاع المناصب الرّسمية الرّفيعة. ثلث الوزراء اتوا من سفوبودا او ميليشيا الدّفاع الشعبي. أصبح أندريه باروبوي أميناً عامّاً للمجلس الأمن والدّفاع الوطني، أمّا دميترو ياروش فقد أصبح نائبه. فور تولّيه الحكم، منع النّظام الجديد تعليم اللّغة الرّوسية، بالرّغم من استخدام ٤٠٪ من الشّعب لها في المنزل.

رفضت شبه جزيرة القرم هذا التّحوّل، واختارت الإستقلال والإنضمام إلى روسيا، بينما أعلن إقليمَي الدّونباس، دونتسك ولوغانسك، استقلاليّتهما.

لم ينوِ الرّئيس الاوكراني بيترو بوروشينكو أن يطبّق اتّفاقات مينسك، بل قطع الخدمات الرّسمية عن مواطنيه في الدّونباس، طالما استمرّوا في مجابهته.

في آذار ٢٠١٤، تغيّر اسم التّجمّع القومي الاوكراني وميليشيا الدّفاع الشّعبي، وتمّ دمجهما في قالب واحد بقيادة دميترو ياروش واندري بيلتسكي: القطاع الأيمن.

في نيسان ٢٠١٥، أعلن مجلس النّواب الاوكراني أنّ أعضاء منظّمة القوميّين الاوكرانيين سيُعبترون "مناضلون في سبيل الحرّية". دخل القانون حيّز التّنفيذ في كانون الاول ٢٠١٨، بعد أن وقّع عليه الرّئيس بوروشينكو. بذلك، أصبح من حقّ قدماء جناح إس.إس. العسكري أن يتلقّوا بدلات تقاعد والعديد من التّقديمات.

تمّ تعديل المناهج المدرسية لكي يتعلم الأطفال التّاريخ الجديد: لم تنتهِ الحرب العالمية الثانية بعد، ولكنّها ستنتهي قريباً بهزيمة روسيا وانتصار اوكرانيا.

فرض البنديريون شريعتهم بقوّة السّلاح في كلّ مكان، كما فعلت كتائب العاصفة (إس. أي.) النّازية في الثّلاثينات. دخلوا المحاكم حيث ارهبوا القضاة، دخلوا الإدارات لإخضاع العُمدة والحُكّام. جريمتهم الأشهر هي إحراق بيت النّقابات في اوديسّا بمن فيه [2].

.

كذلك، لم يعرب الكثيرون عن قلقهم عند إعلان أيرينا فاريون (برلمانية منتسبة إلى حزب سفوبودا بين ٢٠١٢ و٢٠١٤): "لا طريق امامنا غير تدمير موسكو. نحن نعيش لهذا الهدف، ولتحقيقه أتينا إلى هذا العالم: تدمير موسكو. تدمير الموسكوفيّين ليس فقط على أرضنا، بل أيضاً هذا الثّقب الاسود في الامن الاوروبي الّذي يجب أن يُزال عن الخريطة".

في ٢٤ تشرين الأول ٢٠١٦، غيّر الرّئيس بوروشينكو رمز المخابرات السّرية الأوكرانية، الّتب أصبحت تُظهر بوماً يمسك سيفاً موجّهاً نحو روسيا، مع شعار "الحكيم يصل إلى حكم النّجوم".

انتخاب فولوديمير زلنسكي (٢٠١٩-)

ادخل الأوليغاركي اليهودي إغور كولومويسكي (راعي البنديريّين) زلنسكي في عالم السّياسة، عبر تمويل برنامج التّلفزيوني، خادم الشّعب، ثمّ تكوين حزب سياسي له وتقديمه مرشّحاً للرّئاسة.

خلال إعطائه درسياً عن الدّعاية السياسية، سأل اليكسي أريستوفيتش، مستشار الرّئيس الإستراتيجي في مجال الدّعاية: "كيف نغشّ؟ من بإمكانه أن يحدّد المبادئ؟". ثمّ، بغياب الإجابات، أكمل: "يجب ان نُظهر العكس تماماً. إذا كنتم أقوياء، أظهروا أنّكم ضعفاء. إذا كنتم قريبين، أظهروا أنّكم بعيدين، والعكس بالعكس. يجب القيام بما يعاكس حقيقة الواقع. هذه ليست مسألة جانبية، انتبهوا. كيف نغشّ بنجاح؟ أيّ طريقٍ نسلكه لكي نغشّ ونصل إلى ما نريد. أي إلى أن نخدع.

تمحور برنامج زلنسكي حول ٦ نقاط:
 اللّامركزة، بما يوافق المعايير الاوروبية.
 تحويل الإدارات العامّة إلى محافظات شبيهة لنظيرتها الاوروبية.
 رفع مستوى المعيشة الاوكراني إلى درجة أعلى من المعدّل الاوروبي.
 تبنّي القوانين اللّازمة للسّماح بدخول اوكرانيا إلى الإتحاد الأوروبي.
 تنمية العلاقات مع الإتحاد الأوروبي والنّاتو.
 إعادة تنظيم الجيوش بما يتوافق مع معايير النّاتو.

أُغري الاوكرانيون بحملة هذا الفنّان اليافع ضدّ الفساد، وحلمه الاوروبي، دون ان يفهموا معنى الدّخول في النّاتو. بذلك انتُخب رئيساً بنسبة ٧٣٪ من الأصوات في ٢١ نيسان ٢٠١٩.

في آذار ٢٠٢١، اعادت مدينتا تيرنوبول ولفوف تسمية ملعبيهما، على شرف الجنرال رومان شوخيفيتش (والد مؤسّس ميليشيا الدّفاع الشّعبي) وستيبان بنديرا.

في الاول من تموز ٢٠٢١، وقّع الرّئيس فولوديمير زيلينسكي على قانون الشّعوب المحلّية الاوكرانية. بحسب هذا القانون، لم يعد من حقّ المواطنين ذوي أصول روسية أن يدّعوا بحقوق الإنسان أمام المحاكم.

في ٢ تشرين الثّاني ٢٠٢١، أصبح دميترو ياروش مستشار قائد الجيوش الاوكرانية، الجنرال فاليري زالوزنيه. تمّ ضمّ جميع المنظّمات المسلّحة البنديرية، أي حوالي ١٠٢ ألف رجل، إلى صفوف القوات المسلحة الاوكرانية. تمّ إعداد خطّة لمهاجمة الدّونباس والقرم. يواصل النّاتو، الّذي ينشر مدرّبين عسكريين له في ساحة القتال، إرسال العتاد.

في ٢٤ شباط ٢٠٢٢، هاجم الرّئيس الرّوسي فلاديمير بوتين اوكرانيا، "لتطهيرها من النّازية".

ترجمة
Alaa el-Khair

فلندعم شبكة فولتير

منذ ٢٧ عاماً، تناضل شبكة فولتير في سبيل حرّيّة التّفكير، المساواة في الحقوق، وروح التآخي في السّلاح. أعمالنا باتت تُترجم إلى لغاتٍ عديدة، و غَدَوْنا مصدر تحليل للعلاقات الدّوليّة يستخدمه العديد من الدّيبلوماسيّون، العسكريّون، الجامعيّون، و الصّحافيّون حول العالم.

لسنا فقط صحافيّون، بل ايضاً وخصوصاً مواطنين يدافعون عن ميثاق الأمم المُتّحدة و المبادئ العشرة المُعلن عنها في مؤتمر باندونغ. نحن لا نروّج لا لِأيديولوجيّة ولا لنظرة معيّنة للعالم، و لٰكنّنا نبحث عن تطوير التّفكير النّقدي عند قُرّائنا. نحن نفضّل التّفكّر على الإعتقاد، والبراهين على القناعات.

شاركوا عبر:
 التّبرّع بمبلغ ٢٥ يورو
https://buy.stripe.com/8wMaGSbCC7xo4Ug001
 التّبرّع بمبلغ ٥٠ يورو
https://buy.stripe.com/9AQ16i2222d42M87su
 التّبرّع بمبلغ ١٠٠ يورو
https://buy.stripe.com/aEU6qC5ee3h8biEeUX
 أو عبر تعهّدكم بأن تَهِبوا ١٠ يورو شهرياً.
https://buy.stripe.com/14k9CObCC2d44UgeUU
 التّبرّع بمبلغ ٥٠٠ يورو
https://buy.stripe.com/00g8yK4aaaJA86s4gk
 التّبرّع بمبلغ ١٠٠٠ يورو
https://buy.stripe.com/dR68yK5ee5pgdqM8wB

الفضل في صمودنا يعود لتشجيعكم لنا.

[1“الوقف الوطني للديمقراطية " نيد" الواجهة القانونية لوكالة الاستخبارات المركزية”, بقلم تييري ميسان, ترجمة سعيد هلال الشريفي, شبكة فولتير , 16 أيار (مايو) 2012, www.voltairenet.org/article174178.html

[2« Le massacre d’Odessa organisé au sommet de l’État ukrainien », Traduction Gérard Jeannesson, антифашист , Réseau Voltaire, 16 mai 2014.