هآرتس

ربط اكثر من معلق اسرائيلي بين عودة التصعيد العسكري الى الحدود الاسرائيلية-اللبنانية والتطورات السريعة والدراميتيكية التي تشهدها السياسة الاسرائيلية الداخلية مثل تفكك حزب الليكود بعد خروج ارييل شارون منه وتأليفه حزباً من وسط ويمين و تحديد موعد الانتخابات المبكرة.حول هذا الموضوع رأى عاموس هرئيل في "هآرتس" ان الهجوم الذي شنّه "حزب الله" هو رد على الضغوط التي يعانيها الحزب داخلياً منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري. ننقل بعض ما جاء في المقال: "في الوقت الذي بلغت فيه المأساة ذروتها في الكنيست، اختار حزب الله جذب الانتباه الى الجبهة الشمالية.ومثل كل عملية يقوم بها هذا التنظيم الشيعي يبدو ان توقيت العملية لم يأت بالصدفة.... التصعيد في الشمال كان متوقعاً وهذه المرة المخابرات كانت دقيقة: فقبل اسبوعين توقعت المخابرات العسكرية ان يقوم حزب الله بعملية نوعية مع ترجيح الخطف. ولقد حرصت اسرائيل على نشر هذه المعلومات، على امل ان يؤدي ذلك الى ردع الحزب، وهو الشيء الذي لم يحدث. وهذا لا يدل على ثقة بالنفس بقدر ما يدل على الظروف الضاغطة التي كانت وراء القيام بهجوم معروف سلفاً.

لقد بذل المسؤولون في "حزب الله" كل ما في استطاعتهم لإيجاد ذرائع لإطلاق النار الكثيف على الاراضي الاسرائيلية وكان المحور تسلل سيارات عسكرية اسرائيلية الى الجزء اللبناني من قرية الغجر، واتهموا رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون بالاستفزاز لأسباب سياسية. لكن هذه التبريرات غير مقنعة. فحجم القوات والاسلحة التي استخدمها الحزب والتحذير المسبق يدلان على ان العملية جرى التخطيط لها منذ زمن طويل. لكن ما الذي دفع الحزب الى التحرك؟ ان خطف جنود اسرائيليين جدد من شأنه ان يعيد تحريك المفاوضات لإطلاق سمير القنطار، والتي جمدت بعدما لم يف الحزب بتعهداته تقديم معلومات جديدة عن مصير الطيار رون أراد.لكن السبب الاساسي له صلة بالوضع الداخلي اللبناني وبمطالبة الحكومة بتجريد الحزب من سلاحه.التصعيد على الحدود سيعيد تصوير حزب الله بوصفه المدافع عن المواطنين في الجنوب. والاهم من ذلك، يشير ما يحدث الى ان الشيعة لا يزالون يملكون فتيل التفجير الذي قد يجر المنطقة الى تبادل الضربات المؤلمة... بدلاً من 15الى20 جندياً قتيلاً كان يسقط سنوياً للجيش عندما كان في جنوب لبنان يتكبد الجيش حالياً ثلاثة الى اربعة قتلى في السنة. ولقد تقلص الخطر على حياة المدنيين في صورة كبيرة منذ الانسحاب... ان الهدف من الرد الاسرائيلي هو اعلام الحزب ان اسرائيل لن تتساهل مع خروقه لكنها ستتجنب اشعال الجبهة في صورة كاملة... ان رفع الحزب حجم هجومه يتطلب رداً أكثر قسوة من جانب الجيش الاسرائيلي. وهنا بالذات المكان الذي يختلط فيه الأمني بالسياسي.فرغم محاولة الخطف فان مساحة المناورة الاسرائيلية تبدو اليوم محدودة. فهل يسمح ارييل شارون لنفسه بمواجهة طويلة ودموية على الجبهة الشمالية في الوقت الذي يحاول فيه التغلب على الليكود في الانتخابات؟ ايهود باراك في ظروف مشابهة تماماً اختار ضبط النفس في مواجهة حزب الله.من وجهة نظر معينة وضع شارون الحالي أكثر تعقيداً (...) .