"محظوظة" من تصبح "موضوعا اجتماعيا" لأنها ستقدم للثرثرة مادة ضرورية، ولعملية "الاجترار" أمرا لابد منه حتى تبقى "التقليدية" سمة لها "حراسها الكثر، وفيها العديد من المواضيع التي تصبح للعبرة والدرس، فهي "محظوظة" لأنها "نجمة" في كسر الاعتياد الاجتماعي، وفي البحث عن مساحة الخروج من جغرافية "الغثيان" دون أن يكون الأمر حالة سلسة لأن فيه الكثير من الألم وربما القلق الذي يحمل أحيانا على الغبطة.
يمكن التفكير دائما في عملية "الاجترار"... وحتى في تضاريس الأنثى التي تتحول إلى شفاه ضخمة بقدر حجم الكلمات القادرة على ابتلاعها ثم إعادتها إلى الهواء، ويمكن أيضا أن نشكل سلسلة من الحروف التي تحتل مساحة العيون، فنجد الكثير من الوجوه بلا تفاصيل لأن الكلمات أصبحت صورة شخصية لها، فـ"الاجترار" يولد التشابه وعندما ينكشف وجه أو تصبح معالمه أوضح من الكلمات تبدأ العملية التي تبدو أكثر قابلية للانفجار، بينما تتضخم الوجوه وربما تنفجر لتعطي رواية من نوع آخر.
شكل الأنثى، وربما الذكر أيضا، مسطح على قدر "الروايات" التي يتم وضعها بشكل متشابه، فلا حاجة للبحث عن "الأصول" أو نكش الخلافات لأنها قادرة على الظهور في أي لحظة بفعل هذا "الشكل" الذي ترتد عليه الحياة دون أن تنفذ إلى داخله فيبدأ بـ"الاجترار"، وبإنتاج أطول معلقة لكنها بلا قافية أو حتى دون التزام بطريقة سرد، لأن هذا السرد متقلب وفق مساحة الكلمات التي يعاد إنتاجها... هل هي مشكلة لغة؟ أما أنها نمط ثقافي تصبح فيه الحبكة حالة عادية بينما تصبح الشخصيات مأزومة بفعل وجودها داخل الحياة؟
ومن تصبح "موضوعا اجتماعيا" تدرك أنها الوحيدة التي اخترقت بكارة "الحظ" المعلق على يوميات الجلسات الصباحية والمسائية والمكالمات الهاتفية التي تستهلك الوقت، وربما اكتشفت أن "الغربة الاجتماعية" هي بذاتها حرية لا يستطيع البعض إدراكها، ففي كل مساحات العشق المعزولة عنا تبقى الأنثى مخلوق يستطيع أن ينهي نفسه تارة بالثرثرة وأخرى بخلق أوهام جديدة، بينما يمكن إعادة اكتشاف ذلك العشق البعيد بنظرة واحدة، أو إعادة رسم الحياة بالصمت فقط.
هي المعادلة التي لا تحمل سوى الممكن... لا تحمل سوى الافتراق والابتعاد عن تقلبات السرد الأنثوي، أو ذلك المكتوب بكلمات لا تحمل سوى كلمات اعتيادية، سمعتها الأجيال من قبل، لكنها بقيت مادة الوجود الذي يختصر الإناث والذكور ببعض حروف، فتتقلص اللغة وينكمش الوجود وربما تتكاثر في زوايا الزمن عملية اختلاق الروايات المملة أو "الاجترار" أو حتى البحث عن مادة قديمة يمكن إعادة وضعها على محيط دبق لشفاه تتضخم وتكبر على حساب "جمال الوجه" أو الفكرة أو حتى الحياة نفسها.