التعامل مع مسألة الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان وحتى .. إلغاء "قانون الطوارئ"، ربما يستلزم وضع "الحداثة" في موقعها الحقيقي، لأن هذه المصطلحات وليدة الحداثة مهما حاول البعض رد مفاهيمها إلى عهود سابقة.

واستخدام الديمقراطية أو الحرية هو تعبير حداثي وليس إجراء سياسي، فثمن تطبيق الديمقراطية على المستوى السياسي يكاد لا يذكر بمقارنة ما سيحدث على المستوى الاجتماعي، لأن أول من سيدفع ثمن هذه الديمقراطية هي الأسرة بمفهومها التقليدي. وأول من سيتنازل عن سلطته تجاه حقوق الإنسان هو الشكل الأسروي المعروف.

هذه الإحالة باتجاه الأسرة تحمل مؤشرات أساسية لأن الديمقراطية والحرية لن تكون واقعا دون ثقافة تحميها، وهذا الأمر ربما يفسر انهيار التجارب الديمقراطية بسرعة بعد الاستقلال. لكن الصورة كي تكتمل لا بد من إظهار التنازلات التي يستوجبها المنطق الحداثي في استخدام الديمقراطية. فصحيح أن الديمقراطية والحرية تستوجب قانون أحزاب، لكن هذه الديمقراطية التي تحمي حقوق الإنسان تستوجب "حرية المرأة الجنسية"!! فهل المجتمع مستعد لدفع هذا الثمن على حساب ثقافته التراثية؟

الموضوع ليس محاولة تيئيس من الحل الديمقراطي الواجب أو الضروري، بل على العكس إنه فتح افق لحماية هذه الديمقراطية وقبولها بكافة شروطها، وليس فقط بجانبها السياسي الذي يعرفه الجميع.

الحرية تتطلب التعبير حتى في مواجهة خطيب الجمعة وعلى الملأ، وليس عبر صفحات خجولة في الإنترنيت كما نفعل في سورية الغد ... والحرية ستتيح حماية حقوق الطفل حتى من والده ... والحرية تستوجب أيضا التخلي عن افتراض أنفسنا قيمين على المجتمع وقادرين على محاسبة أفراده في أي وقت.

هذه الديمقراطية التي تبني الغد .. حتى ولو وسمت بالإباحية .. وهذه الحرية التي يحق لها نبش كل شيء وطرح شكوكها حتى ولو طالت "المقدس" .. فهل نحن مستعدون لدفع الثمن ....