قصّة الأمن الفالت عند نقطة المصنع

المستقبل
أثار التحذير الذي أطلقه رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط عبر "المستقبل" أمس حول الوضع الأمني الفالت على الحدود اللبنانية ـ السورية، اهتمام اللبنانيين وقلقهم حيالَ استمرار الاختراقات المخابراتية السورية للأمن الوطني اللبناني.
وفي اطار متابعة هذا الموضوع الخطير، تسنّى لـ"المستقبل" الاطلاع على معلومات وفيرة من مصادر سياسية متابعة لا بل مواظبة على متابعة الشأن الأمني في البلاد.
وفي هذه المعلومات التي تنشرها "المستقبل"، ما يتعلق بحركة المخابرات السورية على الحدود، وبحركة المواكب الحزبية وتنقلات شخصيات موالية للنظام السوري، والتهريب على المعابر.
أولاً ـ في حركة المخابرات السورية:
بعد الاعلان من قبل قيادة الجيش عن اقفال الخط العسكري، تبيّن ان المخابرات السورية تستخدم الخط المدني (نقطة المصنع) بشكل متفلت من أي رقابة، بما في ذلك ان الرقابة غائبة عن المعابر التي يتسرب منها اشخاص للقيام بأعمال تخريبية في لبنان، وتتسرّب منها اسلحة أيضاً.
وفي المعلومات ان عشرات من عناصر المخابرات السورية يدخلون الى لبنان ويخرجون منه يومياً عبر المصنع، وببطاقات هوية مدنية سورية، والقسم الأكبر من هؤلاء معروف بالاسم وبالوجه من قبل العناصر الأمنية اللبنانية في هذه النقطة الحدودية، لأن هؤلاء كانوا يعملون سابقاً في مقار المخابرات السورية في لبنان. ودخول العناصر يتم من دون مراقبة لتحركها بعد الدخول الى الأراضي اللبنانية، علماً ان البعض منهم يدخل صباحاً ويعود مساء الى سوريا، وبعضهم الآخر يدخل ويخرج أكثر من مرة في اليوم الواحد.
ومثال على ذلك ان احد المسؤولين في المخابرات السورية ويدعى محمد أديب محمد صالح القطب وكان يعمل سابقاً مع العقيد السوري إياد محمود، دخل في 11 كانون الأول الماضي أي قبل يوم واحد من جريمة اغتيال الشهيد جبران تويني وغادَر في اليوم نفسه عبر المصنع، ثم تكرّر دخوله وخروجه بعد ذلك.
ومثال آخر على ذلك ان عناصر امنية لبنانية شاهدت العضو في المخابرات السورية هسام هسام يوم فراره عبر المصنع وبعدما ركن سيارته داخل الاراضي اللبنانية وأخذ وقته في اجراء اتصالات عبر هاتفه داخل لبنان قبل ان تصل سيارة من داخل الاراضي السورية وأقلته عابرة المصنع. وهنا تسأل المصادر كيف فرّ هسام هسام اذاً؟.
ثانياً ـ عبور المواكب والسيّارات.. وموضوع السوق الحرّة
وفي المعلومات ان ثمة عبوراً يومياً وأكثر من مرة في اليوم لسيارات تخص أحد الأحزاب. ومن هذه السيارات جيب "جي.تي.ام.سي" أميركي الصنع وأخضر اللون، وجيب "تويوتا" أبيض، وجيب آخر من صنع أميركي زيتي اللون.
وتمرّ هذه السيارات على نقطة الأمن العام أحياناً، ولا تمرّ أحياناً أخرى في الذهاب الى دمشق، علماً انها لا تتوقف بتاتاً في الاياب الى بيروت.
والأخطر ان الرائد ن.م وهو رئيس مركز المصنع في الأمن العام والعميد ع. م وهو أحد مسؤولي الأمن العام عمّما على مَن هم أدنى منهما رتبة ومسؤولية عدم التدقيق في بعض المواكب الحزبية، لا بل انهما يطلبان في عدد من الأحيان من بعض العناصر الأمنية تسهيل مهمة هذه المواكب، وأحياناً يطلبان مرافقتها حتى نقطة الجمارك اللبنانية.
وفي مجال آخر، وبحجّة الدخول إلى السوق الحرّة بين نقطتي الأمن العام اللبناني والأمن العام السوريّ، يتسلّل عدد من السيارات الذاهبة إلى دمشق، عبر الخطّ العسكريّ الذي لا يزال مفتوحاً من الجانب السوري للحدود. وبكلام آخر ثمّة تساهل بدخول السيارات إلى السوق الحرّة بالرغم من وجود تعميم بعدم السماح بالدخول إليها إلا بشكل قانوني.
ثالثاً ـ عبور الموالين للنظام السوري
وفي المعلومات ان نقطة المصنع تشهد عبوراً يومياً وشبه يومي لعدد كبير من الشخصيات الموالية للنظام في دمشق.
ومن هؤلاء: الوزير السابق وئام وهاب، الوزير السابق عاصم قانصوه (أمين البعث)، الوزير السابق علي قانصو (رئيس "القومي")، الوزير السابق طلال أرسلان، النائب السابق نجاح واكيم، الوزير السابق فايز شكر (بعثي)، الوزير السابق غازي سيف الدين (بعثي)، الوزير السابق محمود أبو حمدان، النائب مروان فارس (قومي)، غالب قنديل (شقيق ناصر قنديل).. وفي بعض الأحيان الوزير السابق عبدالرحيم مراد الذي باتت إقامته شبه دائمة في دمشق.
وفي بعض الأحيان تسلك هذه الشخصيات التابعة للنظام السوري معابر التهريب كمعبر حلوة الذي يستخدمونه للدخول إلى سوريا بعيداً من الأنظار.
رابعاً ـ الشريط بين الخطّين العسكري والمدني
وتفيد المعلومات في هذا المجال انه تمت إزالة الشريك الشائك الذي كان وضع بين الخطّين العسكري والمدني بعد الضجّة التي أدت الى إقفال الخط العسكري. كما تمت إعادة فتح مسالك التهريب بين الخطين إلى جانب مبنى الجمارك. وتتحدث المصادر عن حالات تهريب شبه يومية لـ"بضائع" سواء على الخط العسكري "السابق" أو الخط المدني.
والخطير أيضاً بحسب المصادر نفسها ان هذا الانفلات الأمني تزامن مع إزالة حواجز الجيش اللبناني في منطقة دير العشائر، ومع تخفيف الاجراءات عند عدد من المعابر الحدودية المعروفة.
ان المصادر السياسية المتابعة التي تكشف هذه المعلومات الخطيرة أمام الرأي العام، تحذّر من ان في هذا الوضع الأمني الفالت على الحدود تهديداً للأمن الوطني اللبناني وعاملاً مساعداً لمسلسل الجرائم والاغتيالات. وتؤكد انها لن تتوانى عن متابعة هذا الموضوع محمّلة بعض الأجهزة المسؤولية عن "تفليت" الأمن، وانها لن تقبل أن يستمر وضع بعض الأجهزة على ولائه خارج الحدود، وانها لن ترتاح قبل "تطهير" الأجهزة واستكمال بنائها بما يضعها تحت امرة السلطة اللبنانية كما ينصّ الدستور.