الديار
كشف عن معارضته السابقة لهذا المشروع في لبنان
كشف سفير الولايات المتحدة الاميركية الأسبق في لبنان ريتشارد باركر الذي شهد بداية الاحداث والسنوات التي اعقبت ذلك وصولاً الى «وثيقة الوفاق الوطني» المعروفة تداولاً «باتفاق الطائف» النقاب عن انه كان دائماً من الرافضين لفكرة قيام الكانتونات الطائفية في لبنان خلال فترة وجوده الديبلوماسي في لبنان، غير انه رأى الان ان هذا هو الحل المطروح: انه حالة من التقسيم القائم على فرز القوات والفئات على اختلافها في صيغة فيدرالية كأن تكون بيروت مثل واشنطن مدينة اتحادية فيدرالية ويكون لكل قضاء ولكل منطقة من الحكم الذاتي كما هو قائم في الولايات المتحدة.
وأكد السفير الاميركي ريتشارد باركر، انه بفعل التجربة لا يمكن العودة الى الصيغة التي كانت قائمة قبل العام 1975. هذا الأمر لا يمكن ان يستمر وعلى اللبنانيين جميعاً طرح افكار جديدة لمستقبل لبنان!
ويأتي ما جاء في مخزون ذاكرة ممثل الديبلوماسية الاميركية في لبنان في الوقت الذي لم تعد تخفي فيه لجان الكونغرس الاميركي عن ان ادراجها اصبحت متخمة منذ وصول الرئيس جورج بوش الى السلطة باسماء شخصيات لبنانية وعربية تنتمي لاقليات دينية او مذهبية او عرقية سواء في مصر او السودان او العراق ومن دول مجلس التعاون الخليجي وكلها تتحدث عن ضرورة منح «الحكم الذاتي» لهذه الاقليات واقامة حكومات ديموقراطية فيدرالية بديلة للاوطان والحكومات القائمة الآن.
وامام هذا السيل من المشاريع، فان الادارة الاميركية ليست بحاجة الى أي قرار من مجلس الأمن الدولي للبدء في تنفيذ هذه السيناريوهات، خصوصا ان مشاكل الاقليات ستكون معالجتها في «المطبخ الداخلي» لكل دولة وذلك في اطار السعي الاميركي لمساعدة هؤلاء الاقليات على استبدال «انظمتهم الديكتاتورية» القائمة بحكومات ديموقراطية فيدرالية تحمي حقوق الجميع وفق صيغة وطن فيدرالي واحد وقابل للإنماء مستقبلا ولكن في سياق اتحاد مصالح اقتصادية متبادلة.
وفي جعبة الادارة الاميركية العديد من «خرائط الطريق» الجاهزة لتحقيق الديموقراطية الفيدرالية في الدول العربية. بعض هذه الخرائط ما زال حتى الآن قيد الضغط والبعض الاخر هو قيد التهديد. والى حين انتهاء مرحلة من هم الان قيد التهديد والوعيد معا في المسألتين الفلسطينية والعراقية يبدأ العمل الجدي لتنفيذ «الهلال الاميركي الكبير» الممتد من تركيا الى اسرائيل مرورا بالعراق والاردن وفلسطين وايران وانتهاء بسوريا ولبنان ومصر ودول افريقيا الشمالية.
وبذلك يتحقق «الحلم الصهيوني» الذي تخيله الرواد الاوائل ورسمت ملامحه الخارطة التي تقدمت بها المنظمة الصهيونية العالمية الى مؤتمر السلم في فرساي عام 1919، والتي تتلخص في ايجاد «فراغ امني» من حولها لتملأ بقوتها العسكرية الهائلة وتحقق احلامها الوراثية بخلق كيانات طائفية واثنية تحمي امنها الاستراتيجي اقلها من القنابل الديموغرافية.