الرئيس السوري بشار الأسد لا يتحدث عن "عام الحسم" بصورة علنية ، فهذا المصطلح جزء من قاموس جهاز الدفاع في اسرائيل ، ولكن الاسد يفعل بالضبط ما قام به السادات: يبني قوة ويُعد خطة ويُجهز الرأي العام ، وعندما تحين اللحظة السانحة سيقوم بالخدعة ، واذا تواصل الوضع القائم فسيحدد متى سيحطم قواعد اللعبة.
ان مصطلح "عام الحسم" ليس تاريخا ، وليس اشارة على أن الحرب ستندلع في الصيف القريب بعد شهرين أو خلال سنة ، فالمصطلح بالنسبة لاسرائيل وللشرق الاوسط إنذار استراتيجي يقول انه يتوجب الاستعداد للحرب ، بعبارة اخرى: من هذه النقطة وما بعدها سترتفع درجة الجاهزية في الجيش ، وفقا للمؤشرات التي تدلل على ما يجري في الطرف السوري.
كما أن المؤشرات الدالة قد تكون أحداثا اقليمية يمكن لها أن تجر اسرائيل وسوريا الى المجابهة ، مثل هجمة اميركية على ايران ، وسخونة الحدود مع لبنان وانهيار النظام هناك ، وغيرها من الأحداث التي تحطم الوضع القائم والهش أصلا ، والأحاديث عن الحرب الوشيكة في الصيف هي بداية هذا الطريق الطويل.
منذ نيسان 2006 ، لاحظت اسرائيل "طوفان الكلمات" السوري الذي يتمحور حول الصيغة الجديدة: السلام مقابل هضبة الجولان ، وإلا فسنبدأ بالمقاومة ، والأمر الجديد كان اضافة توجه عملي للصيغة: اذا لم تعاد هضبة الجولان من خلال التسوية فسنبدأ بعمليات ارهابية على طراز حزب الله ، الى أن تتراجع اسرائيل وتتنازل ، كما عاد التركيز على قضية هضبة الجولان الى مركز جدول الاعمال القومي السوري.
لكن السوريين لم يصلوا بعد الى النقطة التي يعتبرها جهاز الدفاع في اسرائيل نقطة اللاعودة ، أو النقطة التي يشعرون عندها أنهم قد وصلوا الى النضج من ناحية كمية ونوعية الوسائل القتالية والنظرية العسكرية ، الامر الذي سيضع اسرائيل أمام معضلة الرد.
فمتى سيصل السوريون الى هذه النقطة؟ ، ليس واضحا ، ربما خلال نصف سنة أو ربما أكثر ، الامر يعتمد على عدة عوامل ، مثلا ، استمرار تجاهل الأتراك لقطارات السلاح المسافرة من ايران عبر تركيا نحو سوريا ، واسرائيل لا تملك أي تأثير على الأتراك ليوقفوا سباق التسلح المار من اراضيهم ، وللأتراك مصلحة صارخة في الحفاظ على السلام الداخلي قبل كل شيء مع ايران وسوريا ، لذلك سيواصلون غض أبصارهم عن شحنات السلاح تلك. واذا "ضبط" السوريون انفسهم ولم يحاولوا استعادة الجولان بالقوة خلال السنوات الاربع القادمة على الأقل ، فسيتمتعون حينئذ بحماية "المظلة النووية" الايرانية.
لذلك جاء الجيش وقال للمستوى السياسي: لا تنتظروا الى أن يشعر الجيش السوري أنه جاهز ومستعد للضرب ، عليكم أن تتفحصوا نوايا السوريين وامكانية عقد التسوية السياسية معهم ، واذا كان هناك ما يمكن الحديث عنه ، فذلك سيؤجل الخطوة العسكرية ويخفض مستوى التوتر ، هذا ما قاله رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان" أمام لجنة الخارجية والأمن بكلمات مختلفة ، ولا يعني أن رئيس هيئة الاركان قد أصبح يغار فجأة من رئيس الوزراء ، أو أن رئيس "أمان" يريد الحلول محل وزيرة الخارجية ، لكن التصريحات التي صدرت هذا الاسبوع سعت الى ا ، توضح للمستوى السياسي: اذا لم تكن لدينا قدرة لايقاف العملية عسكريا ، فعليكم استخدام الوسائل السياسية ، وإلا فاننا جميعا سنكون في ورطة.

مصادر
يديعوت أحرنوت (الدولة العبرية)