ليس من الجيد أن يتذكر الجيش الاسرائيلي فجأة في بداية الصيف بأن السوريين يتزودون بالاسلحة ويتحصنون على حدود هضبة الجولان ، واذا تواصلت القطيعة السياسية فقد تنشب الحرب خلال هذا الصيف ، فهذه خدعة اعلامية بالتأكيد كما يقول السياسيون والمحللون ، وهذا عمير بيرتس الذي يريد التأثير على الانتخابات التمهيدية في حزبه ، واولمرت الذي يريد صرف الأنظار عن التحقيقات الجارية ضده ، ولكن لا ، ليست قضية التحقيقات ، وانما اولمرت الذي يريد أن يُجبرنا على التنازل عن هضبة الجولان.
السياسيون لا يطيقون عقدة الشك: هم يستمتعون بها ، فكلما كانت تقديراتهم أكثر إثارة للريبة والشك ، كلما تأكدوا من مهارتهم وحنكتهم ، وعقدة الشك ايضا تُسهل عليهم تحمل مصاعب الحياة ، ومع حيل ديوان رئيس الوزراء هم يعرفون كيف يواجهون الأمر ، ومع منظومة الصواريخ الجديدة التي ينشرها الأسد ، أصبح الوضع أصعب عليهم اليوم ، ورغم ذلك ، هذا الأسد هو ، وليس غيره.
في الجيش الاسرائيلي يرون البلدوزرات التي تُعد الخنادق والمواقع المحصنة في الشطر السوري من الهضبة ، ويرون إرساليات السلاح من روسيا وايران التي تُثري الترسانة السورية في مواجهة اسرائيل ، والاسلحة السورية التي تمر عبر الحدود اللبنانية ، واذا كان أخضر من الخارج وأحمر من الداخل ، فهذا بطيخ بالتأكيد ، يقولون هناك ، الأسد يستعد للحرب.
فاذا نشبت الحرب فستكون على ثلاث جبهات: حزب الله من لبنان ، وايران ستساعد من ناحيتها ، وهذا السيناريو التشاؤمي بالطبع ، والجيش الاسرائيلي تعلم دروس حرب لبنان الثانية ، ودروس تقرير فينوغراد ، ولذلك لم يعد يُقدًم على المخاطرة.
ان التحضيرات للحرب ترمي الى إجبار اسرائيل على التفاوض ، وهذه ليست خدعة ، فالسوريون يقولون ذلك علانية مرارا وتكرارا ، وكبار الضباط في الجيش الاسرائيلي الذين تحدثت معهم حول هذه القضية في نهاية الاسبوع ، أبدوا استغرابهم من عدم قدرة الحكومة على الرد بصورة ايجابية ، ففي جولة المباحثات السابقة في عهد براك ، وافق السوريون على نزع سلاح متبادل: مقابل كل كيلومتر يُنزع سلاحه داخل اسرائيل ، سيقومون هم بنزع سلاح 6 كيلومترات من الاراضي السورية ، بما في ذلك كل هضبة الجولان ، وهذه تسوية يمكن لاسرائيل أن تتعايش معها من الناحية العسكرية.
السلام مع اسرائيل ، وربما حتى بداية السلام ، قد يُخرج سوريا من الدائرة الايرانية ويُقربها من المحور السني المعتدل ، وهذه البشارة ستكون أكثر أهمية اذا وصلت ايران الى القدرة النووية.
وبالطبع ، حزب الله ، فمن دون رعاية سوريا سيعود نصر الله الى حجمه الطبيعي ، وبإبعاد التنظيمات الارهابية من دمشق ، اسرائيل ستكسب أرباحا جانبية اضافية من الاتفاق مع سوريا.
الثمن معروف وواضح: كل هضبة الجولان ، فالأسد الابن لن يتنازل عما رفض والده التنازل عنه ، وهناك ايضا أسعار: رفع المقاطعة الدولية التي فرضها بوش عن سوريا ، وإضعاف حكومة السنيورة في لبنان ، وإهمال الموضوع الفلسطيني.
التركة السياسية في اسرائيل واضحة قاطعة: اسرائيل لم تقل أبدا كلمة لا لطرف عربي يرغب في التفاوض معها ، وفي بعض الاحيان تهربت من المفاوضات بذرائع إبداعية (بن غوريون في قمة لوزان ، وغولدا في مباحثات يارينغ ، واسحق شمير) ، ولكنها لم تقل لا صراحة في أي مرة من المرات.
واولمرت ايضا لا يستطيع أن يقول كلمة لا ، لذلك اضطر للاعلان في هذا الاسبوع عن أنه يدعو سوريا الى المباحثات المباشرة ، والتسوية قد لا تتحقق ، ولكننا قد نجتاز الصيف بسلام.

مصادر
يديعوت أحرنوت (الدولة العبرية)