محاولا اللحاق قبل أن (تقع الفاس بالراس) يفتتح الاستاذ الكبير (عزمي بشارة) حوارا ساخنا حول اللغة وصراع الهوية (جريدة الحياة 5 /7 / 007 ) مع استشرافه ان تصبح اللغة سببا لصراع مجتمعي داخلي بعد أن كانت مجالا لصراع داخلي خارجي في مفهوم الهوية ، فاللغة العربية والتي تعاني من ما يمكن تسميته شروخ عمودية مع الثقافة المعولمة ، اى انها هذه الايام تنحو تجاه شروخ أفقية في المجتمعات العربية عبر طرق واماكن استخدامها اجتماعيا وكأنها تحضر لصراع داخلي تحت عنوان اللغة .

ولعل الاستاذ بشارة يدعونا للمشاركة في هذا الحوار على اساس استباق (الفاس) خصوص وأن اللغة العربية تعبر مخاضا أفقيا وعموديا (دون أن نقول تحد) ، فاللغة كمنتج اجتماعي مرتبطة تماما بما يستطيع المجتمع انتاجه صناعة وغلالا وفكرا ،والا اضطر لأستيراد لغته كما يستورد احتياجته الاستهلاكية (صناعة وغلالا وفكرا) فها هو محمد اركون ينعي على اللغة العربية مقدرتها على مجاراة العلوم الاجتماعية والتأليف بها، فاذا كان هذا هو الوضع بالنسبة لنوع واحد من العلوم فكيف بالحري هذا الهياج الهائل من العلوم والدراسات التي يمور عالم اليوم بها ، كما يمكن لهذا النعي ان يطاول أي شأن من شؤون الحياة التي تعتمد على الاستيراد .

من جهة ثانية تبدو اللغة كشعار عن ايديولوجيا سياسية لا يتفق الجميع عليها وبالتالي على شعاراتها حيث يبدو مأزق اللغة اشد وأدهى خصوصا عندما تتحول للغة ذاتها الى مرجعية ثقافية وسياسية .

في الحراك العام وحسب رؤية الاستاذ بشارة حيث يرى أن اللغة بمعناها المجتمعي يمكنها أن تكون ضمانة للأرتقاء العلمي والمعرفة وضرب أمثلة عن الجامعات المنتجة للمعرفة مع التزامها لغتها ولكنه لم يتطرق الى التفاعل المستمر والاساسي الذي تشكله الترجمة كفعل اساسي ولحظي للأتساق مع العالم ، لتتحول الترجمة اليومية اللحظية لما يحصل في العالم وعلى كافة الاصعدة الى فعل اساسي في الحياة المجتمعية ، فأما ان يتم تحويله بلغة العلم والمعرفة المجتمعية ،او يتم استخدامه فرديا وشرائحيا منتجا الشرخ الأفقي في المجتمع والذي اشار اليه الاستاذ بشارة بأكثر من طريقة ، فاللغة قوقعة في حالات سباتها التفاعلي مع الآخرين ، وهي عرضة للتفكك ( وصراع الهوية هو واحد من سمات هذا التفكك ) والفلكرة ( من فلكلور ) في حال تم الاستمرار التعامل معها على اساس انها هوية وهوية فقط . الانتاج هو الهوية ، واستمرارنا في انتاج لغة جديدة ومتجددة نعطيها نحن هويتنا المدنية والحضارية ، والا سوف نظل دائمي التعثر بما يسمى اولويات تحقق الهوية التي يمكن لها الا تنتهي في المدى المنظور .