صدرت في الايام الاخيرة اشارات متناقضة من واشنطن بين دعوة باحثين نافذين الى «الحوار» مع دمشق والكشف عن اتصالات بين مسؤولين اميركيين وجماعة «الاخوان المسلمين» المحظورة بهدف «زعزعة الاستقرار» السوري.

وقال السفير السوري في واشنطن عماد مصطفى لـ «الحياة» ان بلاده «غير متلهفة لعودة العلاقات مع ادارة اميركية على وشك انتهاء ولايتها» ذلك انطلاقا من «سياسة واقعية» تقوم على ان ادارة الرئيس جورج بوش «لا تريد فتح صفحة جديدة مع سورية».

وكان الباحث انطون كودرسمان كتب في تقرير صدر بعد زيارته مع باحثين من «مركز الدراسات الدولية» تضمن لقاءات مع الرئيس بشار الاسد ووزير الخارجية وليد المعلم، ان ثمة اعتقاداً سورياً بأن ادارة بوش «ليس لديها اهتمام جدي للحوار، وان اي تقدم محتمل في العلاقات سيكون بعد خروجه» من البيت الابيض، قبل ان تنشر «وول ستريت جورنال» تقريرا مفصلا عن لقاءات رسمية مع «الاخوان».

غير ان كودرسمان قدم تصوره لـ «بدايات محتملة» في المصالح المشتركة بين الطرفين ازاء قضايا الشرق الاوسط مع اقتراحات لما يمكن ان يقوم بها كل طرف من جهته، مشددا على ضرورة ان تؤكد ادارة بوش بـ «وضوح ان ليس لديها اهتمام بتغيير النظام (السوري) وانها لا تحاول فرض حكومة اخرى في دمشق».

ومن المقترحات التي قدمها الباحث الاميركي الى ادارة بوش، تعيين سفير في دمشق بعد سحب السفيرة مارغريت سكوبي في بداية 2005 وتخفيف العقوبات الاقتصادية مقابل جملة من الخطوات المتوقع ان تتخذها دمشق مثل ان «تقول بوضوح ان لا نية لديها لاعادة ارسال قواتها الى لبنان وانها لا تدعم الحركات المتطرفة» اخذا في الاعتبار ان «لا احد يمكن ان ينتقد انتظار دمشق حكومة صديقة في بيروت وعلاقات اقتصادية قوية»، اضافة الى خطوات لـ «دعم العملية السياسية في العراق» و «قمع عمليات المتمردين فيه ومنعهم من عبور الحدود» مع استمرار الخطاب السوري بالتركيز على الرغبة في «سلام حقيقي مع اسرائيل مقابل استعادة الجولان».

وكتب جون الترمان الذي كان ضمن الوفد الاميركي ان الاحتمالات ضئيلة لتحسين العلاقات. لكن اقترح ان تقوم واشنطن بـ «ادارة» علاقتها مع دمشق على اساس ان اميركا دولة قوية بما يكفي للحوار، ذلك بعدما اشار الى «مصالح مشتركة» للطرفين مثل عدم تقسيم العراق وعدم استقواء الجهاديين في الشرق الاوسط، مع اعتقاده ان «حشر سورية في الزاوية» لا يعني تعديل سلوكها، اضافة الى امكانية بدء بناء الثقة من «اهداف صغيرة».

ويوافق مصطفى على وجود «قوى في واشنطن تريد تحسين العلاقات»، واوضح في حديث الى «الحياة»: «هناك الكثير من الاصوات في الحزبين الجمهوري والديموقراطي والكونغرس ووسائل الاعلام ومراكز البحوث، تريد الانخراط الديبلوماسي مع سورية بحيث صار موقفها مختلفا عن موقفها قبل سنتين. لكن ادارة بوش لا تزال غير راغبة وهناك قوى قوية تعارض الانخراط». وزاد: «القيادة السورية تأخذ في الحسبان الطبيعة الخاصة لادارة بوش ومقاربتها الايديولوجية للامور»، موضحا ان «سورية غير متلهفة لاستعادة العلاقات مع ادارة على وشك انتهاء ولايتها بعدما قامت بكل ما قامت به من اعمال عدائية. ثانيا، ان سورية غير مستعدة لتقديم التنازلات مقابل تحسين العلاقات». وزاد: «ان فتح صفحة جديدة في حاجة الى طاقم جديد في واشنطن. هذا ليس قراراً سياسياً سورياً، بل نابع من فهمنا لواقع الادارة وتوجهاتها».

مصادر
الحياة (المملكة المتحدة)