الكاتب : نضال الخضري

هناك لحظات من الصعب أن نضعها في كلمات، فالثورة لم تنتصر فقط لكنها أغرقتنا بزمن سنحتاج أياما حتى نستطيع الحديث عنه، وهي شكلت لنا صورة لم يرسمها أحد من قبل، وأخيرا فإنها ثقة أخرى سنحملها للأجيال الجديدة أو القادمة، أو حتى تلك التي رحلت وهي تؤمن بأن المستقبل لا يمكن أن يدخل مرحلة "العماء".

في مصر نهاية تأخرت كثيرا، لكنها ظهرت وخطفتنا معها باتجاه الأمل، فنحن نستطيع اختراق حالة جديدة وغير مسبوقة، وتركت لنا أيضا كما من "الثقافة" التي وضعت أفقا يٌصنع في كل لحظة، وربما يكفي أننا عشنا تلك اللحظة واستطعنا أن "نتحالف" معها من اللحظة الأولى، بينما كان الشباب يظهرون في كل لحظة تاركين وراءهم كل التفاصيل التي أغرقت أجيالا سابقة.

هم هناك يستعدون لبداية نثق بأنهم يستحقونها وقادرون على المضي فيها، ومتأكدون بأن الزمن الحالي لا يحتاج إلى فرح عارم فقط بل إيمان عميق بأن المجتمعات قادرة على الاستمرار وتقديم نماذج رائعة تجعل الحياة حديقة تضج بأصوات النساء اللواتي تحولن فجأة إلى عمق الحياة الاجتماعية.

في صور الدراما المصرية والتحقيقات التي كنا نقرؤوها كانت صورة المرأة تنحسر لتصبح جسد ينتقل كي ينتظر "التحرش"، أو ينحشر في المحاكم بانتظار الطلاق، أو هو سلعة للتصوير المخفي كي ينتقل عبر "الإنترنيت"، لكن الأنثى في مصر مسحت الصورة النمطية التي أرادها البعض أن تصبح عنوانا، وأصبحت أصوات النساء عنوانا.

أجمل ما قدم هو التنوع... وأجمل ما ظهر هو في القدرة على تجاوز كل التراكم الذي أحاط بنا وبهم، ففي مصر نساء جديدات... رجال قادرون على الحياة دون روايات قذرة هي حتما لم تكن موجودة لكن البعض أرادها عنوانا لمجتمع قدم أروع ما عنده، وأعاد تلوين وجوهنا جميعا فأصبحنا تحت الشمس، محجبات وسفر... مؤمنين بأن الوطن يجمعنا وأننا قادرون وقادرات على احتضان المستقبل بقوة وعطف.

بداية نسجلها لأنها تكتبنا جميعا في تاريخ يتم خلقه أمامنا، فنحتاج لكلمات لم نستخدمها ماضيا، أو حتى أدوات أحسن البعض استخدامها، وأخيرا نوع من المحبة يخترق الكون ليجسد أقدم عشق ما بين الناس وأرضهم.

"حقيقتهم"، فإذا ذرفنا الدموع في لحظة فرح فلأننا نسجل للتاريخ أننا لسنا وريثي ثقافة بلا صناع مستقبل بامتياز.

بداية نعرف أن مصر قادرة على احتضانها كي نعود إليها كمنا عادت إلينا.