فرنسا، المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية، الولايات المتحدة الأمريكية: مشروع قرار

إن مجلس الأمن،

إذ يشير إلى بروتوكول حظر الاستعمال الحربي للغازات الخانقة أو السامة أو ما شابهها ولوسائل الحرب البكتريولوجية، وإلى اتفاقية حظر استحداث وإنتاج وتخزين واستعمال الأسلحة الكيميائية وتدمير تلك الأسلحة التي انضمت إليها الجمهورية العربية السورية في ١٤ أيلول/سبتمبر ٢٠١٣، وإلى قراراته 1540 (2004) و 2118 (2013) و 2209 (2015) و 2235 (2015) و 2314 (2016) و 2319 (2016)،

وإذ يعرب عن هوله لاستخدام الأسلحة الكيميائية الذي أبلغ عن وقوعه في منطقة خان شيخون في جنوب إدلب بالجمهورية العربية السورية يوم 4 نيسان/أبريل 2017، مما تسبب في خسائر في الأرواح وإصابات على نطاق واسع، وإذ يؤكد أن استخدام الأسلحة الكيميائية يشكل انتهاكا جسيما للقانون الدولي، وإذ يشدد على وجوب محاسبة المسؤولين عن أي استخدام للأسلحة الكيميائية،

وإذ يلاحظ أن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، بالإضافة إلى ما تضطلع به من تحقيقات جارية، أعلنت أن بعثة تقصي الحقائق التابعة لها هي في صدد جمع وتحليل المعلومات المتعلقة بهذا الحادث من جميع المصادر المتاحة، وستقدم تقريرا عن ذلك إلى المجلس التنفيذي للمنظمة،

وإذ يشير إلى أن المجلس قرر في قراره 2118 (2013) ألا تقوم الجمهورية العربية السورية باستخدام الأسلحة الكيميائية أو استحداثها أو إنتاجها أو حيازتها بأي طريقة أخرى أو تخزينها أو الاحتفاظ بها، أو بنقل الأسلحة الكيميائية، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، إلى دول أخرى أو جهات من غير الدول، وشدد على ألا يقوم أي طرف في سوريا باستخدام الأسلحة الكيميائية أو استحداثها أو إنتاجها أو حيازتها أو تخزينها أو الاحتفاظ بها أو نقلها،

وإذ يشير إلى تقرير المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية (EC-82/DG18 المؤرخ 6 تموز/يوليه 2016) الذي ذكر فيه أنه ليس بوسع الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن تحلّ كل ما تم تمييزه من ثغراتٍ وأوجه عدم اتساق وتبايُنات في الإعلان السوري، ولذلك يتعذر عليها أن تتحقق تماما من أن سوريا قدمت إعلانا يمكن أن يُعدَّ دقيقا وكاملا وفقا لاتفاقية الأسلحة الكيميائية أو قرار المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية EC-M-33/DEC.1 المؤرخ 27 كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٣ أو القرار 2118 (2013)،

وإذ يشير إلى قراره بأن استخدام الأسلحة الكيميائية في الجمهورية العربية السورية يشكل تهديدا للسلام والأمن الدوليين،

1 - يدين بأشد العبارات استخدام الأسلحة الكيميائية المبلغ عن وقوعه في الجمهورية العربية السورية، وعلى الخصوص الهجوم على خان شيخون المبلغ عن وقوعه في ٤ نيسان/أبريل ٢٠١٧، ويعرب عن سخطه لأن الأفراد لا يزالون يتعرضون للقتل والإصابة بالأسلحة الكيميائية في الجمهورية العربية السورية، ويعرب عن تصميمه على وجوب محاسبة المسؤولين عن ذلك؛

2 - يعرب عن دعمه الكامل لبعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، ويطالب جميع الأطراف بأن تتيح الوصول دون إبطاء وعلى نحو آمن إلى أي مواقع تعتبرها بعثة تقصي الحقائق التابعة للمنظمة، وبحسب الحالة، آلية التحقيق المشتركة بين منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمم المتحدة، مواقع ذات أهمية فيما يتعلق بالحادث المبلغ عن وقوعه في خان شيخون، بما في ذلك موقع الحادث المبلغ عن وقوعه في 4 نيسان/ أبريل، وفقا للقرار 2118 (2013)، ويطلب إلى بعثة تقصي الحقائق أن تقدم تقريرا عن نتائج تحقيقها في أقرب وقت ممكن؛

3 - يطلب إلى الأمين العام أن يتخذ الترتيبات اللازمة حتى يتسنى لآلية التحقيق المشتركة الاتصال على نحو وثيق مع بعثة تقصي الحقائق من أجل التحقيق على وجه السرعة في أي حادث تقرر بشأنه بعثة تقصي الحقائق ثبوت أو احتمال استخدام المواد الكيميائية كأسلحة، من أجل تحديد الجهات الضالعة فيه وفقا لأحكام الفقرة 5 من قراره 2235 (2015)؛

4 - يشير إلى أنه اقتضى، في قراريه 2118 (2013) و 2235 (2015)، من الجمهورية العربية السورية وجميع الأطراف في سوريا أن تتعاون تعاونا كاملا مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، بما في ذلك بعثة تقصي الحقائق، ومع الأمم المتحدة، بما في ذلك آلية التحقيق المشتركة؛

5 - يشدد على أن ذلك يشمل الالتزام الذي يقع على الجمهورية العربية السورية بالامتثال للتوصيات ذات الصلة الصادرة عن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمم المتحدة، بما في ذلك التوصيات الصادرة عن بعثة تقصي الحقائق وآلية التحقيق المشتركة، بقبول الموظفين الذين تعيّنهم منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أو الأمم المتحدة، وتوفير وضمان الأمن للأنشطة التي يضطلع بها هؤلاء الموظفون، وإفساح السبل أمام هؤلاء الموظفين للوصول فورا ودون قيد إلى أي موقع وإلى جميع المواقع ومنحهم الحق في تفتيشها، في سياق اضطلاعهم بمهامهم، وإفساح السبل للوصول فورا ودون قيد أمام الأفراد الذين تكون لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أو الأمم المتحدة، بما في ذلك آلية التحقيق المشتركة، أسباب تدعوها إلى الاعتقاد بأنهم مهمّون لأغراض ولايتها، ويشدد تحديدا على أن ذلك يشمل الالتزام الذي يقع على الجمهورية العربية السورية بمد آلية التحقيق المشتركة وبعثة تقصي الحقائق بما يلي وباتخاذ الخطوات التالية:

(أ) خطط الرحلات الجوية، وسجلات الرحلات الجوية، وأي معلومات أخرى بشأن العمليات الجوية، بما في ذلك جميع خطط الرحلات الجوية أو سجلات الرحلات الجوية المودعة في 4 نيسان/أبريل 2017؛

(ب) أسماء جميع الأفراد الذين يتولون قيادة أي طائرات؛

(ج) ترتيب الاجتماعات المطلوبة، بما في ذلك الاجتماعات مع العمداء أو الضباط الآخرين، في غضون فترة لا تتجاوز خمسة أيام من تاريخ طلب الاجتماع؛

(د) توفير إمكانية الوصول على الفور إلى القواعد الجوية ذات الصلة التي تعتقد آلية التحقيق المشتركة أو بعثة تقصي الحقائق أن الهجمات التي استخدمت فيها المواد الكيميائية كأسلحة قد تكون انطلقت منها؛

6 - يطلب إلى الأمين العام أن يبلغ عما إذا تم فعلا توفير المعلومات وإمكانية الوصول المبين في الفقرة ٥ ضمن تقاريره المقدمة إلى مجلس الأمن كل ٣٠ يوما عملا بالفقرة ١٢ من القرار 2118 (2013)؛

7 - يشير إلى أنه قرر فرض تدابير بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة في حالة ارتكاب انتهاكات للقرار 2118؛

8 - يقرر إبقاء هذه المسألة قيد نظره الفعلي.

مناقشة مجلس الأمن

افتتحت الجلسة في الساعة 15/15.

الرئيسة (تكلمت بالإنكليزية): بموجب المادة 37 من النظام الداخلي المؤقت للمجلس، أدعو ممثل الجمهورية العربية السورية إلى المشاركة في هذه الجلسة.

يبدأ مجلس الأمن الآن نظرة في البند المدرج في جدول أعماله.

معروض على أعضاء المجلس الوثيقة S/2017/315، التي تتضمن نص مشروع قرار قدمته فرنسا والمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية والولايات المتحدة الأمريكية.

أعطي الكلمة الآن لأعضاء المجلس الذين يرغبون في الإدلاء ببيانات قبل التصويت.

السيد رايكروفت (المملكة المتحدة) (تكلم بالإنكليزية): يشرف هذا المملكة المتحدة أن تعرض، باسم الآخرين القائمين على صياغة النصوص - الولايات المتحدة وفرنسا - مشروع قرار يدين أحداث ٤ نيسان/أبريل في منطقة خان شيخون جنوب إدلب في الجمهورية العربية السورية. ما حدث في خان شيخون في الأسبوع الماضي كان أسوأ أفعال البشر. وقد طغت على جدول الأعمال الدولي خلال الأيام الثمانية الماضية. وأحداث ذلك اليوم والطريقة التي عانى بها الضحايا تعنيان أن على مجلس الأمن أن يتصرف.

وعند الحكم على كيفية اتخاذ الإجراء، علينا أن نشير إلى تصميم المجلس في ٢٠١٣، متصرفا بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وفي العديد من القرارات منذ ذلك الحين، على إزالة وتدمير جميع الأسلحة الكيميائية في سورية، واتفاقاتنا اللاحقة للتحقيق في جميع الحوادث حيث يبدو مزيد من استخدامها. يجب أن نشير أيضا إلى عزم المجلس على وجوب محاسبة المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيميائية. أننا نطرح مشروع قرار اليوم، آخذين في الاعتبار ذلك التصميم والعزم.

ويدين النص أحداث ٤ نيسان/أبريل في إدلب. ويعرب عن دعمه الكامل لبعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وآلية التحقيق المشتركة بين منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمم المتحدة، المكلفتين بالفعل بالتحقيق في جميع هذ الحادث وغيره من الحوادث من هذا القبيل، ويشدد على ضرورة توفير إمكانية وصول كامل للمحققين إلى المواقع ذات الصلة، ويذكر بما يترتب على جميع الأطراف في سورية من التزامات بالتعاون الكامل في هذا الصدد. ونعتقد أن هذا هو الحد الأدنى الضروري للاستجابة المطلوبة من المجلس. ونشكر جميع أعضاء المجلس الذين ساعدوا على صياغة مشروع القرار خلال الأسبوع الماضي. ونشكر الولايات المتحدة، بوصفها رئيسا، على طرح النص للتصويت، ونحث جميع أعضاء المجلس على التصويت مؤيدين لصالح مشروع القرار.

السيد سافرونكوف (الاتحاد الروسي) (تكلم بالروسية): أود أن أبلغ أعضاء مجلس الأمن أنه اقترحنا إلى الجانب الأمريكي، خلال المفاوضات التي جرت اليوم في موسكو بين وزير خارجية الاتحاد الروسي، السيد لافروف، ووزير خارجية الولايات المتحدة، السيد تيليرسون، أن نبعث بيانا مشتركا إلى المدير العام للأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، السيد أُزومجو، طالبا منه أن يشكل فورا إلى بعثة دولية مستقلة لزيارة خان شيخون، حيث يدعى أن عوامل كيميائية قد استخدمت، وقاعدة الشعيرات الجوية. وسينظر وزير خارجية الولايات المتحدة في هذا الاقتراح، ونتوقع استجابة بناءة من واشنطن العاصمة، نظرا للحالة الراهنة.

ونظرا لما قلته للتو، وحقيقة أنه سيعقد غدا، ١٣ نيسان/أبريل س اجتماع المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي، حيث ستجري مناقشة هذه المسائل، نرى أن طرح مشروع القرار للتصويت اليوم لا يخدم غرضا مفيدا.

الرئيسة (تكلمت بالإنكليزية): المجلس مستعد للشروع في التصويت على مشروع القرار المعروض عليه. أطرح مشروع القرار للتصويت عليه الآن.

أجري تصويت برفع الأيدي.

المؤيدون:

أوروغواي، أوكرانيا، إيطاليا، السنغال، السويد، فرنسا، مصر، المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية، الولايات المتحدة الأمريكية، اليابان

المعارضون:

الاتحاد الروسي، دولة بوليفيا المتعددة القوميات

الممتنعون عن التصويت:

إثيوبيا، الصين، كازاخستان

الرئيسة (تكلمت بالإنكليزية): هناك 10 أصوات مؤيدة مقابل صوتين معارضين وامتناع 3 أعضاء عن التصويت. لم يعتمد مشروع القرار بسبب التصويت السلبي لعضو دائم في المجلس.

أعطي الكلمة الآن لأعضاء المجلس الراغبين في الإدلاء ببيانات عقب التصويت.

السيد رايكروفت (المملكة المتحدة) (تكلم بالإنكليزية): إن النزاع الذي عصف بسورية قد استمر لأكثر من ست سنوات. بالنسبة لشعب سورية، قد يشعر أن ذلك النزاع قد استمر دهرا. وهنا في هذه القاعة، أتيحت لنا مناسبات كثيرة للعمل، لحظات لنبين له أن الأمل لم يتبدد بعد، فرص ليتحد العالم في إدانة جرائم الحرب. واليوم كانت لحظة من تلك اللحظات. ما حدث في خان شيخون في الأسبوع الماضي كان أسوأ أفعال البشر. لقد قام علماء المملكة المتحدة الآن بتحليل العينات التي تم الحصول عليها من خان شيخون وقد ثبت أنها لغاز الأعصاب السارين أو لمواد شبيهة بالسارين. ولذلك فإننا نتشاطر تقييم الولايات المتحدة أنه من المرجح للغاية أن يكون النظام مسؤولا عن هجوم بغاز السارين على خان شيخون.

وندرك الحاجة إلى إجراء تحقيقات سريعة ومستقلة. وبعد ظهر اليوم، دعا وزير خارجية روسيا أيضا إلى إجراء هذا التحقيق، ولكن روسيا قد استخدمت حق النقض ضد مشروع قرار يدعم ذلك التحقيق. إن رسائل روسيا متباينة وأهدافها مشوشة. إن بعثة تقصي الحقائق في سورية التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية والشعب السوري يحتاجان إلى دعمنا السياسي، وهو ما كان يتعين علينا، بصفتنا مجلس الأمن منحه. وستواصل المملكة المتحدة تقديم ذلك الدعم، بغض النظر عن تصويت اليوم، وسيستمر عمل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.

لقد واجهنا مرة أخرى حق النقض الروسي — المرة الثامنة التي استخدمت فيها روسيا حق النقض لحماية النظام السوري. إن استخدام حق النقض اليوم يدعو إلى الأسف أكثر من أي وقت آخر لأن روسيا كانت وراء الاتفاق المبرم عام 2013 لتفكيك برنامج الأسلحة الكيميائية في سورية، وهي مبادرة قد ثبت فشلها. وروسيا لا يمكن الآن أن تدعي أنها تعارض استخدام الأسلحة الكيميائية. لقد شاهدت روسيا نفس الصور التي شاهدنا جميعا قبل أيام في هذه القاعة. كيف يمكن لأحد النظر في وجوه الأطفال القتلى ويختار نقض مشروع قرار يدين هذا القتل؟

لا يمكن تبرير أن روسيا قد اختارت حماية مرتكبي تلك الهجمات بدلا من العمل مع بقية المجتمع الدولي على إدانتهم. حينما بثت تلك الصور ومقاطع الفيديو عبر الشاشات في جميع أنحاء العالم، تلقى فريقي رسالة من طفلة أخرى - وهي بانا العبد فتاة سورية من حلب تبلغ من العمر 7 أعوام فتحت للعالم بمساعدة أمها نافذة على النزاع عبر موقع تويتر. وكانت الرسالة التي وجهتها بسيطة. كانت أنه يمكننا أن نحدث فرقا. ويجب أن نطالب بالعدالة من أجل الأطفال. رسالتها تمثل صوتا واحدا، لكنه صوت يعكس آراء الملايين من السوريين. المطالبة بالعدالة للأطفال.

والحقيقة التي ينفطر لها القلب هي أن نداء الطفلة الصغيرة لن يسمع في هذه القاعة. ليس اليوم. وبغض النظر عن حق النقض اليوم، علينا أن نثق في هذه الكلمات. سنحاسب النظام. وسنواصل العمل مع شركائنا الدوليين لإنهاء أي استخدام للأسلحة الكيميائية والتماس العدالة لجميع ضحايا هذه الهجمات الكيميائية البشعة. وسنجتمع في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي غدا لمناقشة أفضل السبل لدعم مصداقية التحقيقات الدولية التي تحدد المسؤول وتمهد الطريق لمحاسبة الجناة.

إن الكارثة في سورية ليست السبيل الذي يجب أن تسير عليه الأمور. بالأمس اجتمع وزراء خارجية مجموعة الدول السبعة والبلدان الإقليمية الرئيسية في إيطاليا لمناقشة كيفية المضي قدما من المأساة التي وقعت الأسبوع الماضي. وقدموا دعما قويا لزيارة وزير الخارجية تيليرسن إلى موسكو اليوم لمناقشة كيف يمكن أن تعمل روسيا مع المجتمع الدولي لوضع حد لمأساة الحرب في سورية. وتتمتع روسيا بنوع التأثير على النظام الذي يمكن أن ينهي استخدام الأسلحة الكيميائية والبراميل المتفجرة، ويمكن أن يؤدي إلى وقف حقيقي لإطلاق النار يمكن أن يسفر عندئذ عن استئناف مفاوضات سياسية جادة بشأن الانتقال السياسي. أشار وزراء الخارجية إلى انه إن اتخذت روسيا تلك الخطوات، سيكون المجتمع الدولي مستعدا للعمل معها من أجل إحلال السلام في سورية وهزم داعش والإرهاب وإعادة بنائها. وهذا هو الخيار أمام موسكو. إن العالم الآن ينتظر معرفة ما إن كانت روسيا ستستجيب لمجموعة الدول السبعة وتضطلع بمسؤولياتها كعضو دائم في مجلس الأمن لتساعد على وضع حد لاستخدام نظام الأسد للأسلحة الكيميائية، والعمل مع المجتمع الدولي لإنهاء هذه المأساة.

السيد دولاتر (فرنسا) (تكلم بالفرنسية): إن فرنسا هالتها نتيجة التصويت اليوم. ونأسف بشدة لأن مجلس الأمن، نتيجة لحق نقض روسي آخر، لم يتمكن من الاتفاق على مشروع قرار بسيط ومتوازن يدين ويسعى إلى تسليط الضوء على ما حدث في خان شيخون. ولكننا سعينا للانخراط بحسن نية في مناقشة بشأن مشروع القرار. لكننا فشلنا مرة أخرى في الارتقاء إلى مستوى المسؤولية التي أخذناها على عاتقنا والقيم الأساسية التي يفترض أن ندعمها ونكفل احترامها. بعد أربع سنوات تقريبا من مذبحة الغوطة في آب/أغسطس ٢٠١٣، خطا المجلس خطوة مروعة إلى الوراء.

فالهجوم على خان شيخون قد يبدو آخر الأمثلة على الازدواجية البغيضة للنظام المتشدد. مرة أخرى يشير كل ما يتعلق به إلى مسؤولية نظام الواضحة عن الهجوم. ومن خلال ذلك الهجوم تجاوز النظام السوري عتبة أخرى من الرعب والازدراء لأبسط المعايير والمبادئ الأساسية للإنسانية، الذي واصل كما شهدنا الاستخفاف بها. لقد دأبت فرنسا تقول، لا على سبيل الإيديولوجية بل لأن الأدلة تخبرنا بذلك، إن الشرق الأوسط لن ينعم بالسلام والأمن ما دام هناك نظام أدين بارتكاب جرائم حرب بل وجرائم ضد الإنسانية من أجل المحافظة على قبضته على السلطة. ذلك النظام يذبح شعبه بذريعة مكافحة الإرهاب، مع الاستمرار في تأجيج نيران داعش.

وبعد الهجوم الذي وقع في 4 نيسان/أبريل، دمرت الضربات الجوية للولايات المتحدة منشأة عسكرية تابعة للنظام السوري كانت تستخدم للقصف الكيميائي.

وجاءت العملية الأمريكية ردا مشروعا على جريمة جماعية لا يمكن أن تمر دون عقاب. ويتحمل بشار الأسد، كما أكدنا في مناسبات عديدة، كامل المسؤولية عن هذا التطور.

ومثل استخدام روسيا لحق النقض في ٢٨ شباط/فبراير (انظر S/PV.7893) إزاء مشروع القرار (S/2017/172) الذي كان يهدف إلى معاقبة المسؤولين عن الهجمات الكيميائية التي ارتكبت منذ عدة سنوات بالفعل،مؤشرا خطيرا يلوح بخطر الإفلات من العقاب. وكان ينبغي لمجزرة خان شيخون أن تكون بمثابة جرس إنذار لنا جميعا بشأن مسؤولياتنا. كيف يمكن لمن يدعون بأنهم ملتزمون بنظام عدم الانتشار ومكافحة الإفلات من العقاب رفض الأدلة المعروضة أمامهم؟ كيف يمكنهم أن يتفادوا مرارا وبهذه الطريقة المنهجية، مسألة وحشية استخدام أسلحة الدمار الشامل التي تستهدف الأبرياء؟ وما من شيء يمكن أن يبرر غض الطرف عن هذه الفظائع، أو الإخفاء أو محاولة إلقاء اللوم على جهة أخرى ومحاولة فرض خطابا مضادا على العالم.

وفرنسا لن تستسلم لفكرة عجز المجلس كما يسعى البعض لفرضها عليها. وسنقدم دعمنا الكامل لعمل آليات الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، بما في ذلك في جهودها الرامية إلى تسليط الضوء على ملابسات الهجوم. يجب علينا أيضا أن نؤيد تأييدا تاما الفريق التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية المسؤول عن التحقيق في الإعلان الأولي السوري. وسيظل هدفنا هو تفكيك برنامج الأسلحة الكيميائية السورية.

ولن تقبل فرنسا بإفلات المسؤولين عن الفظائع المرتكبة في سورية من العقاب. ولن ندخر جهدا لكفالة محاكمة الجناة على جرائمهم أن عاجلا أم آجلا. كما ستواصل فرنسا العمل على تعزيز نظام عدم الانتشار، وهو أمر حيوي لأمننا الجماعي، والذي سعى المجلس دائما إلى التمسك به حتى الآن.

إن المبادرة التي أطلقتها فرنسا، إلى جانب المكسيك، بشأن الحد من استخدام حق النقض في حالة الفظائع الجماعية تستهدف تحديدا حالات من هذا النوع. ومن الواضح أنها الآن قد أصبحت أكثر أهمية من أي وقت مضى، وأنها تجسد شواغلنا.

وهذه المأساة تذكرة أخرى بأن عملية انتقالية سياسية حقيقية وحدها هي التي ستتيح لنا كفالة تحقيق السلام والأمن للشعب السوري والعودة إلى الاستقرار في الشرق الأوسط. ولا يمكننا أن ننتظر جرائم أخرى تضاف إلى القائمة الطويلة من التجاوزات التي يرتكبها النظام السوري، الذي لم يعد بإمكان أي أحد، ولا حتى أقرب مؤيديه، أن يبررها.

لا يمكننا ببساطة أن نستسلم. ونحن مدينون لضحايا هذا الهجوم الكيميائي الشنيع، وبعبارات أعم، لجميع ضحايا المأساة السورية. وفي هذا السياق، وعلى الرغم من أن حق النقض قد تم استخدامه مرة أخرى اليوم، فإن فرنسا تدعو رسميا جميع أعضاء مجلس الأمن إلى توحيد كلمتهم وتنحية الانقسامات السياسية والمصالح الوطنية كي يفرضوا مرة أخرى حظرا كاملا على الأسلحة الكيميائية، ويساعدوا على تحقيق، على أساس عاجل، عملية انتقال سياسي في سورية، تماشيا مع القرار 2254 (2015) وبيان جنيف (S/2012/522، المرفق)

فلنرق إلى مستوى مسؤولياتنا أمام حكم التاريخ.

السيد أبو العطا (مصر): السيدة الرئيس، أيدت مصر مشروع قرار (S/2017/315) الذي تقدمت به كل من المملكة المتحدة وفرنسا والولايات المتحدة، من منطلق حرصنا على قيام مجلس الأمن بواجباته تجاه الجرائم التي ترتكب بحق الشعب السوري، لا سيما تعرض أشقائنا السوريين لاستخدام السلاح الكيميائي في أكثر من حادث. وأود أن أكرر اليوم ما سبق أن أكدت عليه، وهو أنه يصعب علينا تصور أن تمر تلك الجرائم مرور الكرام بدون محاسبة دقيقة وعادلة.

وإننا ساندنا، وسنظل نساند مفهوم المحاسبة لكل من ثبت ضلوعه في تلك الأفعال غير الإنسانية، أيا كانت الأسباب وراءها. بما في ذلك من خلال مجلس الأمن، وعلى أساس التقاليد والقواعد المتوافق عليها، والتي تحرص على تقصي الحقائق والأدلة من خلال الآليات الدولية المتوافق عليها بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. ومن ثم دعوني أعرب عن أسفنا الشديد أزاء عجز المجلس عن اعتماد هذا المشروع وفشله في مجرد توجيه رسالة لدعم التحقيقات الدولية اللازمة للكشف عن ملابسات الأحداث الأليمة التي شهدتها مدينة خان شيخون.

إلا أنني أريد التأكيد أيضا على أن عدم اعتماد القرار لا يجب أن يؤثر بأي شكل من الأشكال على المهام المنوطة بها بالفعل كل من بعثة تقصي الحقائق، وآلية التحقيق المشتركة، بولايتيهما الواضحتين المنصوص عليهما في قرارات المجلس. وأدعو في هذا الصدد جميع الأطراف الدولية والإقليمية والسورية، إلى التعاون الكامل مع الآليتين الدوليتين وفقا للقرارين 2235 (2015) و 2298 (2016) في سبيل تحقيق العدالة الناجزة. وهو أقل ما ندين به جميعا للشعب السوري الشقيق الذي ما زال يتحمل فاتورة الاستقطاب الحاد بالمجلس.

السيد كاردي (إيطاليا) (تكلم بالإنكليزية): إيطاليا كانت تأمل أن وحدة المجلس سيحافظ عليها في ضمان اتخاذ إجراءات سريعة بعد آحدث الأهوال في النزاع السوري.

وبوصفنا عضوا منتخبا في مجلس الأمن، نشعر بمسؤولية خاصة في الارتقاء إلى مستوى توقعات عضوية الأمم المتحدة، التي أوكلت إلينا المساعدة على صون السلم والأمن الدوليين، وهي مسؤولية اليوم لم نتمكن من النهوض بها.

لقد صوتنا مؤيدين لمشروع القرار (S/2017/315) كي نؤكد مجددا، أولا، إدانتنا بأشد العبارات لأي استخدام للأسلحة الكيميائية في أي مكان وتحت أي ظروف، وثانيا، دعمنا لإجراء تحقيق كامل في الوقائع في خان شيخون من جانب بعثة تقصي الحقائق التابعة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وحسب الاقتضاء، من جانب آلية التحقيق المشتركة بين منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمم المتحدة. وندعو الحكومة السورية وجميع الأطراف في سورية إلى أن تتعاون تعاونا كاملا مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمم المتحدة حتى يتسنى التعجيل باختتام التحقيق في هذا الحادث البشع.

ثالثا، هناك حاجة إلى مكافحة الإفلات من العقاب. وما دام لا تتم مساءلة أي شخص، ولا يواجه عواقب ملموسة لارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، سيظل الحافز على مواصلة ارتكابها قائما.

وسنبذل قصارى جهدنا لضمان، حتى في غياب قرار مجلس الأمن محددة، أن تعمل الآليات القائمة على توضيح الوقائع والمسؤوليات المتصلة بهجوم خان شيخون في أقرب وقت ممكن.

ومما يثير الانزعاج الشديد أن القانون الدولي الإنساني والهيكل الدولي لعدم الانتشار لا يزالان ينتهكان انتهاكا صارخا. إن التمسك باحترام هذه القواعد، بما في ذلك القرار 2118 (2013)، واتفاقية الأسلحة الكيميائية، التي هي حجر الزاوية للنظام الدولي لعدم الانتشار، كان ينبغي أن تكون أولوية مشتركة، أولوية توحدنا بدلا من تفريقنا.

تتطلب تحديات الأزمة السورية تماسكا وتعاونا قويين من جانب المجتمع الدولي. وعليه، لا يوجد أي بديل للمشاركة ومحاولة إيجاد حلول مشتركة. وتظل إيطاليا ملتزمة بالعمل مع الأعضاء الآخرين في المجلس والأعضاء الآخرين في المجتمع الدولي في القيام بذلك.

وكما قلت صباح اليوم، فإن على المجتمع الدولي واجب وقف المعاناة الرهيبة للسكان المدنيين السوريين من خلال التوصل إلى حل سياسي واستعادة السلام والأمل في المستقبل في ذلك البلد.

السيد بيشو (اليابان) (تكلم بالإنكليزية): لقد صوتت اليابان مؤيدة مشروع القرار (S/2017/315) الذي اقترحته فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.

لقد مثل استخدام الأسلحة الكيميائية في خان شيخون، حسبما أفادت تقارير، إهانة للإنسانية وانتهاكا صارخا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

نظرا لخطورة الحالة، من الأهمية بمكان أن يعرب المجلس عن تصميمه على معالجة هذه المسألة.

ومن المؤسف حقا حدوث حالة أخرى من الانقسام في المجلس رغم الحاجة الواضحة إلى معالجة الحادث. وما حدث للتو هنا لا يؤثر ولا ينبغي أن يؤثر على تصميم المجلس فيما يخص هذه المسألة. وعلينا أن نحدد على وجه السرعة ما إذا كانت الأسلحة الكيميائية قد استخدمت فعلا، وأن نحدد المسؤولين عن ذلك ونحاسبهم. وترحب اليابان بفتح بعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية في الجمهورية العربية السورية تحقيقها، ونحثها على إعداد تقرير بشأن استنتاجاتها في أقرب وقت ممكن.

إن الحكومة السورية وجميع الأطراف في سورية ملزمة بموجب القرارين 2118 (2013) و 2235 (2015) بالتعاون الكامل مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمم المتحدة، بما في ذلك آلية التحقيق المشتركة بين منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمم المتحدة. وفي معرض التصدي للادعاءات المتواصلة بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية، تؤمن اليابان بأهمية زيادة تحسين التنسيق بين بعثة تقصي الحقائق وآلية التحقيق المشتركة بين منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمم المتحدة، والمجلس بحيث يمكن للمجلس أن يتفاعل بسرعة أكبر مع الاستخدام المزعوم للأسلحة الكيميائية.

السيد ليو جيايي (الصين) (تكلم بالصينية): تشعر الصين بقلق بالغ جراء استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية، وتعارض بشدة استخدام أي دولة أو جماعة أو فرد للأسلحة الكيميائية. وتدرك الصين أن الحكومة السورية قد وجهت رسالة إلى المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية تطلب فيها من المنظمة إيفاد بعثة تحقيق إلى خان شيخون وقاعدة الشعيرات الجوية، لإجراء تحقيق. وتدعم الصين منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمم المتحدة لإجراء تحقيق شامل وموضوعي ونزيه في الحالات ذات الصلة من أجل التوصل إلى نتيجة تستند إلى أدلة قوية يمكن أن تصمد أمام اختبار الزمن وتدعمها الوقائع، وتقديم مرتكبي الهجوم والأطراف المسؤولة الأخرى إلى العدالة.

ويكتسي الحفاظ على الوحدة داخل مجلس الأمن، أهمية حاسمة من أجل التوصل لأي حل للقضية السورية. وأملنا منذ أمد طويل في أن يتكلم مجلس الأمن بصوت واحد عن قضية الأسلحة الكيميائية في سوريا. وكنا نعمل بلا كلل من أجل تقديم مشروع قرار كان سيحظى بتأييد جميع أعضاء المجلس. وتثني الصين بشدة على أعضاء المجلس المنتخبين على عملهم الشاق محاولين التوصل إلى توافق في الآراء بين أعضاء المجلس. ونأسف أسفا عميقا لعدم التوصل إلى توافق آراء من هذا القبيل بشأن مشروع القرار. ويتوخى من محاولة دفع مشروع القرار الذي لا يزال ثمة انقسام خطير بين أعضاء المجلس بشأنه، تقويض وحدة المجلس وإضعاف الجهود الرامية للتوصل إلى حل سياسي.

إن مشروع القرار الذي صوتنا عليه يتضمن صياغة تدين استخدام الأسلحة الكيميائية داخل سوريا وتدعو إلى إجراء تحقيق في الحالات ذات الصلة، وهي صياغة تدعمها الصين. ومع ذلك، ربما جرى تعديل بعض العناصر الأخرى من النص لضمان توافق الآراء. ولذلك، إمتنعت الصين عن التصويت على مشروع القرار.

وقد تسبب الصراع الممتد منذ أمد طويل في سورية في وقوع خسائر بشرية كبيرة. ولا يزال الحل السياسي يمثل السبيل الوحيد لتخليص الشعب السوري من معاناته. فالحل العسكري ليس هو الحل، ولا يؤدي سوى إلا إلى تفاقم معاناة الشعب السوري. وتدعو الصين الأطراف المعنية إلى مواصلة المسار صوب تسوية سياسية ودعم مبدأ قيادة وملكية السوريين، ودعم دور الأمم المتحدة بوصفها القناة الرئيسية للوساطة، ودعم الجهود التي يبذلها المبعوث الخاص دي ميستورا. ويجب علينا أن نكثف جميع المسارات الموازية الأربعة، المتمثلة في الحفاظ على وقف إطلاق النار والسعي إلى التوصل إلى حل سياسي، وتنسيق أنشطة مكافحة الإرهاب وتقديم المساعدات الإنسانية لتيسير سعي جميع الأطراف للتوصل إلى حل مقبول للجميع من خلال محادثات جنيف.

وتأمل الصين في أن يعمل المجتمع الدولي بشكل متضافر وأن يقوم بدور بناء في التوصل إلى حل شامل ونزيه وملائم للقضية السورية دونما تأخير.

السيد سافرونكوف (الإتحاد الروسي) (تكلم بالروسية): صوت الاتحاد الروسي معارضا مشروع القرار (S/2017/315) بشأن حادث الأسلحة الكيميائية في خان شيخون في 4 نيسان/أبريل. وتم التوصل إلى هذه النتيجة سلفا لأننا أعربنا باستمرار عن عدم اتفاقنا القاطع مع الطبيعة المشوهة للوثيقة التي لم تتغير ولو قليلا، تبعا للأحداث والمشاورات. وتم تجاهل المخاوف والأولويات الروسية وتنحيتها جانبا بذرائع وهمية. وتمثلت المشكلة الأساسية في تحديد مشروع القرار الذي أعدته اللجنة الثلاثية، الطرف المذنب قبل إجراء تحقيق مستقل وموضوعي. ولا يتفق هذا النهج مع المعايير القانونية. وكان هؤلاء الأعضاء على علم بشواغلنا، ولكنهم طرحوا مرة أخرى مشروع قرار أحادي الجانب، وبالتالي كان محكوما عليه بالفشل في التصويت. هل أصبح تقويض وحدة مجلس الأمن عمدا عادة؟.

إن ضرب القاعدة الجوية السورية، الذي جرى قبل إجراء تحقيق دولي، يمثل انتهاكا للقانون الدولي ويفتقر إلى موافقة مجلس الأمن. ومن شأن التصويت بتأييد مشروع قرار الترويكا الغربي، أن يعني إضفاء الشرعية على تلك الأعمال غير القانونية التي لا يمكن قبولها من وجهة نظر القانون الدولي والمنطق السليم. وإذا رأى شركاؤنا أنه من الضروري اعتماد قرار عام بشأن المواد الكيميائية في سورية، فيجب أن نجلس معا على طاولة المفاوضات، وأن نتفق بشكل جدي على وثيقة شاملة، التي ستتضمن بطبيعة الحال تقييماتنا المدعومة بالوقائع، المتعلقة باستخدام الإرهابيين للأسلحة الكيميائية. وبعبارة أخرى، نحن بحاجة إلى العمل على أساس المراعاة المتبادلة لمصالح واهتمامات بعضنا البعض.

وإذا كان هدف شركائنا الغربيين في مشروع القرار هو الرد على أحداث محددة في خان شيخون، فبدلا من التحيز ضد سوريا من جانب واحد، كان ينبغي أن يهدف مشروع القرار إلى ضمان أن تتمكن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، من تنفيذ ولايتها وتقوم بإجراء تحقيق محايد. وهذا هو بالضبط الفرق الرئيسي بين مشروعي القرارين الغربي والروسي. وتتحدث الترويكا عن التحقيق بطريقة غير واضحة للغاية، من خلال إشارتها الروتينية، وتؤكد أن بعثة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لتقصي الحقائق إلى الجمهورية العربية السورية ستحدد، حسب تقديرها، الأماكن التي تود زيارتها. وبالمناسبة، فإن علامة استفهام كبيرة تحوم حول ما إذا كانت ترغب في المضي قدما بهذه الطريقة.

وتتضمن الوثيقة الروسية ولاية واضحة للقيام بذلك وبطريقة لا تترك شكوكا في أن كل الموارد المتاحة وجميع الوسائل قد استنفدت لإعداد استنتاجاتها، والأهم من ذلك، أن هناك زيارة إلى الموقع الذي وقع فيه الحادث. ونصر أيضا على ضرورة تسمية أفراد البعثة على أساس التنوع الجغرافي الواسع. ويجب أن تكون نتائج التحقيق موثوقا بها.

ومما يبعث على بالغ قلقنا أنه منذ تلقي الأنباء عن الاستخدام المزعوم للأسلحة الكيميائية في خان شيخون قبل ثمانية أيام، لم يتم اتخاذ أية خطوات ملموسة للتحقيق في الحادث من خلال الكيانات الدولية ذات الصلة. وكالمعتاد، يبدو أن بعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية قد أنشئت للعمل عن بعد، بدون زيارة المواقع التي وقعت فيها الحوادث. ونعتقد أن ذلك يمثل تمويها باتخاذ إجراءات، مما يجرد منظمة حظر الأسلحة الكيميائية من المصداقية.

وسيتعين علينا، في أعقاب ما حدث، أن نكون أكثر صرامة في النظر إلى ما تفعله منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وبعثة تقصي الحقائق. وإننا مقتنعون بأننا بحاجة إلى إجراء تحقيق كامل وفوري.

ولم تستنفد إمكانيات إجراء مثل هذا التحقيق. ولكي يتم إجراء تحقيق، يتعين أن يزور فريق دولي من الأخصائيين المؤهلين تأهيلا عاليا منطقة خان شيخون وقاعدة الشعيرات الجوية التي ضربت بالقذائف في أقرب وقت ممكن. وفي رأينا أن الهدف من زيارة خان شيخون هو تحديد ما إذا كانت الأسلحة الكيميائية قد استخدمت هناك، وإذا كان الأمر كذلك، فما هي الظروف التي استخدمت فيها ومن يمكن أن يتحمل المسؤولية عن هذا الاستخدام. ومن الضروري كذلك القيام بزيارة إلى قاعدة الشعيرات الجوية، لأن بذلك يمكننا تحديد ما إذا كانت المواد السامة التي استخدمت في قصف خان شيخون قد سبق تخزينها في الشعيرات أم لا.

إننا نشدد على حقيقة أنه تماشيا مع قرارات مجلس الأمن، بما في ذلك القرار 2118 (2013)، على جميع الأطراف في سورية منح المفتشين الدوليين إمكانية الوصول بحرية ومن دون عوائق إلى مناطق حوادث الأسلحة الكيميائية المزعومة. وقد أظهرت دمشق، في بيان موقفها بشأن تلك النقطة، انفتاحا واستعدادا للتعاون. وقد تقدمت السلطات السورية، في 11 نيسان/أبريل، بطلب رسمي إلى المدير العام للأمانة التقنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، السيد أُزومجو، بإرسال بعثة إلى خان شيخون والشعيرات. ونحن بحاجة إلى الاستفادة من ذلك الاقتراح من جانب السلطات السورية، بدلا من فعل ما فعلناه في أعقاب الهجمات بالأسلحة الكيميائية على الغوطة الشرقية وخان العسل، إذ صار الناس خائفين من إجراء تحقيق. فقد كان هناك العديد من أنواع الاستفزازات، وقد وصلنا تقريبا إلى النقطة التي كان فيها بعض الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن على وشك شن هجمات مسلحة على الأراضي السورية. ولحسن الحظ، ساد التعقل.

وقد أرسل المنسق العام للجنة المعارضة العليا للمفاوضات، السيد حجاب - على غرار السلطات السورية - رسالة إلى الأمم المتحدة يطلب فيها البدء بإجراء تحقيق في خان شيخون وقال إنه يقف على أهبة الاستعداد للمساعدة في التحقيق، الأمر الذي يعني، بالنسبة لنا، توفير الوصول الآمن إلى موقع الحادث الكيميائي المزعوم. وبعبارة أخرى، انتهى الأمر بنا إلى وضع غير عادي للغاية حيث يطالب مسؤولو الحكومة في دمشق والمعارضة معا بإجراء تحقيق مستقل، في حين أن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لا تفعل شيئا، لأسباب غير معروفة.

ولكن إذا أردنا التحدث بأسلوب مهني، فإنه لكي يتم إجراء تحقيق بواسطة سلطات دولية مختصة في ما جرى في خان شيخون، وبذلك نعني أولا وقبل كل شيء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، فلا حاجة إلى قرار جديد لمجلس الأمن، وهذا شيء كان يقوله الممثل الدائم للمملكة المتحدة خلال الأسبوع الماضي، غير أنه كان يضفي معنى مختلفا على تلك الكلمات. فقد تبين أن القرار كان ضروريا بالنسبة له من أجل استباق نتائج التحقيق. وينبغي ألا ننسى حقيقة أن بلدنا كان موجودا في بداية العملية الفريدة وغير المسبوقة المتمثلة في تجريد سورية من أسلحتها الكيميائية التي نفذت بنجاح - وقد اعترفت بهذا منظمات دولية موثوق بها.

غير أنه لا يزال لدى بعض العواصم ميل ضد النظام السوري. وقد خرجنا بانطباع واضح مؤداه أن مقدمي مشروع القرار، في حقيقة الأمر، لا يريدون العمل مع الناس الذين قدموا لهم الرعاية والذين يشعرون بالاطمئنان في إدلب. إنهم لا يريدون الوفاء بمسؤوليتهم عن كفالة أن يحصل الأخصائيون الدوليون على إمكانية الوصول الحر والآمن. أكرر مرة أخرى، إنهم يخشون إجراء تحقيق نزيه يمكن أن يبين أن هناك نظاما متطورا للتلاعب بالأسلحة الكيميائية. ولدينا كل الأسباب للاعتقاد بأن استفزازات أخرى من المتطرفين ستتبع، بعد خان شيخون، باستخدام المواد السامة.

ونشدد مرة أخرى على أنه ينبغي أن تهدف الجهود الجماعية اليوم إلى دعم عملية السلام باستخدام منصتي أستانا وجنيف لتعزيز نظام وقف إطلاق النار وإلى المكافحة المشتركة للإرهاب، باستخدام معيار واحد. وينبغي أن تكون إحدى الخطوات الأولى هنا إجراء تحقيق محايد وغير متحيز ومستقل في مأساة خان شيخون، الذي يشمل بالضرورة السفر إلى مكان الحادث. ويجب أن لا تستخدم التحقيقات من على البعد بعد الآن. إننا نتطلع إلى القرارات المحددة التي ستصدر بشأن هذه المسألة في 13 نيسان/أبريل، أي في اجتماع المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية بذلك التاريخ.

وأود مرة أخرى أن أطلب من المتكلمين عدم توجيه إهانات وإساءات إلى روسيا في بياناتهم. فعلينا أن نبقى في إطار بعض حدود الاحترام.

السيد أليمو (إثيوبيا) (تكلم بالإنكليزية): هناك نقطتان دأبنا على التشديد عليهما منذ انضمامنا إلى مجلس الأمن فيما يتعلق بالإجراءات التي يتخذها مجلس الأمن بشأن مسائل الأسلحة الكيميائية.

الأولى هي وحدة المجلس. والأساس المنطقي لذلك هو أن البديل، أي الانقسام داخل مجلس الأمن، أمر يأتي بنتائج عكسية في أي جهد لضمان وقف استخدام الأسلحة الكيميائية. وهو كذلك ضار بعملية السلام.

ثانيا، اتخذت خطوة رئيسية قبل بضعة أسابيع فقط فيما يتعلق بإزالة الأسلحة الكيميائية من سورية. وقد كان ذلك إنجازا كبيرا، ينبغي أن يكون بمثابة نموذج بصرف النظر عن أي شكوك فيما يتعلق بمدى فعالية تنفيذه. ولذلك فقد كان أمرا تعيسا ومؤسفا أن يكون المجلس اليوم غير قادر على الاستجابة للتقارير الواردة عن استخدام الأسلحة الكيميائية بإدلب في 4 نيسان/أبريل 2017.

إننا حقا لا نعتقد أنه كان سيصعب إلى هذا الحد التوصل إلى توافق في الآراء على مشروع قرار، لأن ما كان يفترض أن يفعله القرار هو الدعوة إلى إجراء تحقيق شامل لضمان المساءلة، يستند إلى نتائج عملية مهنية مستقلة ونزيهة. فقد كانت هناك بالتأكيد إمكانية أمامنا للتوصل إلى الحلول التوفيقية الضرورية بشأن المسألة العالقة التي يساور العديد من بيننا قلق بشأنها. فما كان يمكن أن يحل المسألة بسهولة هو اللجوء إلى صيغة متفق عليها بالفعل من القرارات السابقة. فتلك الصيغة قوية بما يكفي لإيصال رسالة وكفالة تحقيق الهدف وهو محاسبة المسؤولين. وقد حاولنا، كأعضاء 10 منتخبين، العمل من أجل تحقيق تلك الغاية. إننا نشكر الصين على استعدادها للنظر في الجوانب الإيجابية لتلك الجهود.

ومما لا شك فيه أن جميع الأطراف ملزمة بالتعاون مع بعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، الأمر الذي ذكر بوضوح شديد في الماضي. وكان سيسهل اللجوء إلى الصيغة التي أشرت إليها آنفا لتحقيق توافق الآراء اللازم، لأن لا أحد في المجلس يعارض فحوى مشروع القرار الذي يدعو إلى إجراء تحقيق. وهذا تتوقعه كامل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وباقي العالم من مجلس الأمن اليوم. إنه بلا شك أمر محزن جدا أن لا نتمكن من بعث الرسالة الصحيحة.

وكما ذكرنا بوضوح في الأسبوع الماضي، فقد كنا بالتأكيد نميل إلى النظر في مشروع القرار، لأنه ببساطة يطلب إجراء تحقيق في حادث يحتمل أن يشكل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي. وكنا نأمل ونتوقع أن تتم معالجة الفقرة التي تسببت في أن يساورنا نحن وأعضاء المجلس الآخرين بعض القلق، من خلال المشاورات. ومن المؤسف حقا أن لا يتمكن المجلس من التوصل إلى توافق في الآراء ويفقد فرصة بعث رسالة قوية وموحدة إلى العالم بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية، الذي يمثل إهانة للبشرية جمعاء.

السيد سكوغ (السويد) (تكلم بالإنكليزية): لقد أعربت السويد مرارا عن غضبها إزاء ما ورد من تقارير عن الهجوم الكيميائي البغيض وغير المقبول في خان شيخون.

فاستخدام الأسلحة الكيميائية لا يشكل انتهاكاً للالتزامات المحددة بموجب القانون الدولي فحسب، بل أيضاً تهديداً للسلام والأمن الدوليين. ونحن، بوصفنا أعضاء في مجلس الأمن، لدينا مسؤولية اتخاذ إجراءات للاستجابة لذلك. وينبغي ألا يكون ذلك مسألة استقطاب. إنه واجب أساسي من واجبات مجلس الأمن.

وبوصف السويد عضواً منتخباً، فقد عملت بلا كلل لضمان التعجيل باعتماد قرار قوي من شأنه أن يدين الهجوم المبلغ عنه ويدعم إجراء تحقيق سريع ووافٍ ويحاسب المسؤولين. إن جميع الجهود المبذولة لهذا الغرض قد استنفدت خلال الأيام القليلة الماضية. وكان للمجلس فرصة التكلم بصوت واحد ضد الاستخدام غير المشروع للأسلحة الكيميائية. وكانت الوحدة في المجلس لتعزز التحقيقات الجارية وتبعث برسالة واضحة بشأن رفض هذا المجلس للأسلحة الكيميائية. ولذلك نشعر بخيبة أمل عميقة لتعذّر إيجاد هذه الوحدة بشأن مسألة ينبغي وجود أرضية مشتركة فيها. ويؤسفنا أنه لم يعتمد مشروع القرار بسبب الاستخدام الروسي لحق النقض. ويجب أن يجتمع المجلس بحيث يخضع المسؤولون عن هذا الهجوم المروّع للمساءلة. وسنواصل جهودنا المبذولة في هذا الاتجاه.

ونحن على ثقة بأن الآليات الموجودة ستكفل تحقيقاً سريعاً وكاملاً ونزيهاً لتحديد جميع الوقائع. ونحث جميع الأطراف، وبخاصة حكومة سورية، على التعاون التام وفقاً للقرار 2118 (2013). وعندما تصبح تقارير بعثة تقصي الحقائق في الجمهورية العربية السورية وآلية التحقيق المشتركة بين منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمم المتحدة متاحة بشأن الهجوم في خان شيخون، يجب أن يتصرف هذا المجلس متحداً بناء على تلك النتائج.

وكما ناقشنا هذا الصباح، علينا الآن أكثر من أي وقت مضى مضاعفة جهودنا لتنشيط العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة لإعادة تنشيط وقف إطلاق النار وكفالة وصول المساعدات الإنسانية. والسبيل الوحيد لإنهاء المعاناة في سورية هو من خلال عملية سياسية انتقالية تمشياً مع القرار 2254 (2015).

السيد يورنتي سوليث (دولة بوليفيا المتعددة القوميات) (تكلم بالإسبانية): في البداية، تود بوليفيا أن تؤكد مجدداً على إدانتها الثابتة بأقوى العبارات الممكنة لاستخدام الأسلحة الكيميائية. إن تلك الأعمال غير مبررة وإجرامية في جميع الأوقات، بغض النظر عن الذريعة لاستخدام الأسلحة الكيميائية أو أياً كان الضحايا أو مكان وقوع هذا الهجوم.

كما تود بوليفيا أن تؤكد الحاجة الملحة إلى إجراء تحقيق مستقل ونزيه وشامل ونهائي في الأحداث التي وقعت قبل بضعة أيام في سورية. وقد صوتت بوليفيا معارضة لمشروع القرار لأنها ترى أن مجلس الأمن ينبغي ألا يستخدم منبراً للدعاية للحرب أو التدخل. وينبغي ألا يستخدم بيدقاً يمكن التضحية به في لعبة شطرنج. لقد كان مشروع القرار المقدم اليوم نتيجة للمفاوضات التي استُبعد منها للأسف بعضُ الأعضاء. ونود أن نوجّه الانتباه إلى حقيقة أن مشاريع القرارات التي يجري عرضها لا يدعمها توافق الآراء. ونعلم مسبقاً أنها ستتعرض للنقض من قبل أعضاء دائمين في مجلس الأمن. فما الفائدة من هذه الممارسات؟

يبدو أن مشاريع القرارات هذه تُستخدم كأداة للتأثير في المناقشات الجارية بين روسيا والولايات المتحدة في موسكو. فهل هذا ربما ذريعة لما حدث اليوم؟ هل يُستخدم مجلس الأمن بيدقاً لهذه الأغراض؟ وهل الذين يطرحون هذه المقترحات يفعلون ذلك حقاً لصالح الشعب السوري أو يفعلون ذلك لأسباب سياسية أو عسكرية تتعلق بهم؟ نعتقد أنه من التناقض أن تُقدّم إلى مجلس الأمن مشاريع قرارات - باستخدام أدوات متعددة الأطراف - بعد اتخاذ خطوات انفرادية.

وستضع بوليفيا تماماً كل إمكاناتها تحت تصرّف منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وتدعم جهودها فيما تتابع التحقيق المطلوب. وندعو مرة أخرى إلى الوحدة في المجلس. فذلك لا يقتصر على دعم عملية السلام في سورية وضمان وصول المساعدات الإنسانية بحيث يمكن أن تصل المعونة لجميع ضحايا النزاع الرهيب الدائر في البلد. فعلينا أيضاً أن ندعم الوحدة من أجل الوفاء بمسؤوليتنا على النحو المبين في ميثاق الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.

السيد عمروف (كازاخستان) (تكلم بالإنكليزية): إننا واثقون بأنه لا يوجد حل لمسألة سورية غير الحل السياسي. وينبغي لنا جميعاً بذل كل جهد ممكن لكفالة أن نتوصل إلى ذلك. ويشعر بلدي بقلق بالغ تجاه استخدام الأسلحة الكيميائية ويدينه بشدة، والذي وقع في محافظة إدلب في وقت سابق في نيسان/أبريل. إن جميع الأطراف المعنية، بما فيها حكومة الجمهورية العربية السورية، يجب أن تكفل الوصول الآمن ودون عوائق لآلية التحقيق المشتركة بين منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمم المتحدة حتى تتمكن من الاضطلاع بتحقيقاتها بطريقة مهنية وموضوعية وعادلة، على النحو المبين في ولايتها في القرار 2235 (2015).

ونؤمن إيماناً قوياً بأن مجلس الأمن، بوصفه الهيئة الوحيدة المكلفة بصون السلم والأمن الدوليين، ينبغي أن يحافظ على وحدته في هذه المرحلة الحرجة. لقد عمل أعضاء مجلس الأمن المنتخبون جاهدين لإيجاد أرضية مشتركة وضمان نهج متحد وفعال للمسألة. ونعرب عن استعدادنا للعمل مع أعضاء المجلس بشأن نص توافقي. لا يريد العالم أن يشهد التوترات وعدم الفعالية تميزان المجلس. بل يريد أن يرى نهجاً موحداً ملموساً للمضي قدماً في عمليتي أستانا وجنيف اللتين تصبّان في مصلحة الشعب السوري.

وأخيراً، ندعو جميع الأطراف إلى بذل المزيد من الإرادة السياسية والتوحيد من خلال الحوار والتوافق من أجل إيجاد حل سياسي للأزمة في سورية.

السيد سيك (السنغال) (تكلم بالفرنسية): يود وفد بلدي أن يؤكد مرة أخرى أن لا شيء يمكن أن يبرر الفظائع التي تتمثل في استخدام الأسلحة الكيميائية. ونحن طرف في اتفاقية الأسلحة الكيميائية. وتكرر السنغال إدانتها لاستخدام الأسلحة الكيميائية في خان شيخون في ٤ نيسان/أبريل في محافظة إدلب. ولهذا السبب يؤيد وفد بلدي بطبيعة الحال مشروع القرار المقدم اليوم من الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة، ويسعى إلى كشف الحقيقة بشأن الهجوم على أساس شفاف وغير متحيز ومحايد.

لقد طلب أعضاء مجلس الأمن والأمين العام إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، من خلال بعثة تقصي الحقائق في الجمهورية العربية السورية، مواصلة جهودها الرامية إلى تجميع وتحليل المعلومات المهنية المقبلة بغية تحديد المسؤولية عن استخدام الأسلحة الكيميائية وتمكين المجلس من اتخاذ التدابير اللازمة. وبالإضافة إلى تسليط الضوء على ما حدث في ٤ نيسان/أبريل في محافظة إدلب، ندعو إلى روح التوافق التي سادت عندما ناقشنا القرارين 2118 (2013) و 2235 (2015)، اللذين يمثلان تقدماً في مجال الأسلحة الكيميائية في سورية. وأود أن أشدد على ضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة على أساس بيان جنيف (S/2012/522، المرفق) والقرار 2254 (2016)، الأمر الذي يمكن أن يدفع بنتائج إيجابية للأزمة.

السيد روسيلي (أوروغواي) (تكلم بالإسبانية): هناك مقولة شائعة تقول إن أول ضحايا الحرب هي الحقيقة.

وبالرغم من أن ذلك ينطبق على شتى أنواع الحروب، فإنه ينطبق بشكل خاص على هذه الحرب. إذ تشترك فيها الدول والجهات الفاعلة من غير الدول. ويبدو أن بعض الدول قد تلقت دعوة للمشاركة فيها، في حين لم تتلقاها دول أخرى لكنها تعتقد أن لها كل الحق في التدخل. وهناك إرهابيون يعملون في العلن وفي الخفاء على حد سواء. هناك العشرات من الجماعات المسلحة التي يفترض أنها تقف مع شيء ما. تدعي بعضها الانتماء الديني. ويعقد ذلك بالطبع كل الأمور لأنه في الحرب إن اعتقد أحد أن الله يؤيده، فمن الصعب إقناعه بإلقاء أسلحته دون أن يعتبر مرتدا أو خائنا. وفي القرن الحادي والعشرين يبدو أنه لا يزال هناك أشخاص يعتقدون أن الله موجود عند استخدام فوهة المدافع.

لقد صوتنا تأييدا لمشروع القرار لأننا، من جهة، ندين بشدة استمرار استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية. ثانيا، أوضح مشروع القرار المعلومات المطلوبة لإجراء تحقيق واسع النطاق ومستفيض ومستقلة

يجب علينا البحث عن الحقيقة. لقد سعت مجموعة من أعضاء المجلس طوال الأسبوع الماضي وفي بداية هذا الأسبوع، إلى إيجاد توازن بين مختلف المواقف حول هذه الطاولة، ليتسنى إجراء تحقيق واسع وشامل يقربنا من الحقيقة. وللأسف تكشفت الأحداث بطريقة حالت دون ذلك، ومرة أخرى شرع مجلس الأمن في عملية مشابهة لرواية غارثيا ماركيث، “وقائع موت معلن سلفا”.

والامتيازات التي تفرق بين مختلف أعضاء المجلس تذكرنا بتعبير من رواية جورج أورويل “مزرعة الحيوان”، وهو أن بعض الحيوانات تتمتع بمساواة أكثر من غيرها. وهذا الخلل القانوني، بل المغرض، يعني أن العديد من الأعضاء في حالة يتعين عليهم فيها اختيار أقل الضررين من حيث الخيارات المعروضة عليهم.

ونود أن نكرر موقفنا وموقف الدول الـ 121 الموقعة على مدونة قواعد السلوك، المتمثل في أنه على الأعضاء المتمعين بحق النقض الامتناع عن استخدام ذلك الحق عند النظر في جرائم الحرب، ومن الواضح أن الهجوم الذي وقع مؤخرا في خان شيخون هجوم من هذا النوع.

السيد يلتشينكو (أوكرانيا) (تكلم بالإنكليزية): عقب الهجوم المروع بالأسلحة الكيميائية في إدلب بسورية في ٤ نيسان/أبريل، أتيحت لنا عدة فرص للتعبير عن مواقفنا الوطنية بشأن المسألة. واليوم، صوتت أوكرانيا تأييدا لمشروع القرار بإدانة هذه الجريمة البشعة والمطالبة بإجراء التحقيقات الفورية والشاملة. أي استخدام للأسلحة الكيميائية يشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي وجريمة حرب. ولذلك ينبغي لمجلس الأمن أن يتخذ إجراءات بسرعة وحزم في مواجهة استمرار الهجمات الواسعة النطاق، وبالتالي يمنع المزيد من محاولات ارتكاب هذه الجرائم البغيضة، وكذلك يضع حدا للتهديد الكيميائي في المنطقة. لكن ذلك لم يحدث، واليوم أشعر بالخزي لأن هذا الجهاز قد أخفق في القيام بعمله. لقد أخفق مرة أخرى اليوم، إذ عرضت علينا صور الأطفال القتلى، في وقت يتوقع فيه العالم من مجلس الأمن أن يتخذ إجراءات في أعقاب الجريمة البشعة. إن التصويت كان اختبارا لمصداقية المجلس، ولم ننجح في هذا الاختبار. وما استمعنا إليه للتو من الوفد الروسي يجسد ذلك الفشل ويرمز لعدم قدرة المجلس على القيام بالأمر الصحيح، حتى في حالات الجرائم الدولية الأكثر وحشية. إن عجز المجلس المستمر في مواجهة الهجمات الكيميائية في سورية يؤدي إلى مزيد من الإفلات من العقاب ويوجه إشارة إلى الجناة مفادها أنه يمكنهم الإفلات من العقاب. ونأسف بشدة لأن المجلس أضاع اليوم فرصة أخرى للوفاء بمسؤولياته بموجب ميثاق الأمم المتحدة.

وبالرغم من نتائج التصويت، أثني على جهود تلك الوفود التي شاركت في إعداد مشروع القرار، الذي يسعى إلى إجراء تحقيق شامل وكامل في تلك المأساة. ونقدر أن موقفا حازما في الدفاع عن العدالة والقانون الدولي، واستعادة احترامهما قد حصل على تأييد أغلبية أعضاء المجلس، بالرغم من المحاولات التي تبذلها بعض الوفود لتشويه الحقائق.

الرئيسة (تكلمت بالإنكليزية): سأدلي الآن ببيان بصفتي ممثلة الولايات المتحدة.

وارى عبد الحميد اليوسف طفليه التوأم البالغين تسعة أشهر الثرى الأسبوع الماضي. لقد كان لكل فرع من فروع العائلة الكبيرة لعبد الحميد مقبرته الخاصة لدفن موتاه. 22 ضحية من عائلة واحدة. حمل عبد الحميد طفليه في أحضانه. حاول التحكم في مشاعره. حاول التوقف عن البكاء. كل ما استطاع عبد الحميد قوله قبل أن يودعهما مثواهما الأخير “قولا وداعا، قولا وداعا”. إنهما أصغر ضحايا هجوم نظام الأسد الكيميائي الوحشي والهمجي.

لا أحد في أي مكان في العالم يتعين عليه مواجهة هذا النوع من المعاناة. لهذا قدمت الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وفرنسا مشروع قرار اليوم. وهي خطوة نحو محاسبة مرتكبي هذا الهجوم الكيميائي، وأشكر الأعضاء الذين دعموا ذلك المسعى. ولكن روسيا قالت “لا” لمحاسبة الجناة باستخدامها حق النقض. وقالت روسيا “لا” للتعاون مع تحقيق الأمم المتحدة المستقل، وقالت “لا” لمشروع قرار كان من شأنه أن يساعد على تعزيز السلام في سورية. وقد اختارت روسيا مرة أخرى دعم الأسد، حتى مع وقوف بقية دول العالم - بما ذلك في العالم العربي - صفا واحدا لإدانة ذلك النظام القاتل.

وقالت روسيا إن مشروع القرار كان منحازا وأن نظام الأسد ليس ضالعا في ارتكاب ذلك الهجوم. وأكد مشروع القرار ببساطة المعلومات التي يطالب النظام بالفعل بتقديمها للمحققين. وقد أخبرتنا آلية التحقيق المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية عدة مرات أن الأسد لم يوفر إمكانية الوصول اللازمة للتحقيق. نحن بحاجة إلى مواصلة دعم دور الآلية في مواصلة التحقيق في ما حدث يوم 4 نيسان/أبريل. إن كان النظام بريئا، كما تدعي روسيا، لكانت المعلومات المطلوبة بموجب مشروع القرار أثبتت براءته. وللأسف كانت هذه هي المرة الثامنة التي تستخدم فيها روسيا حق النقض على القرار السوري. والولايات المتحدة ليست سعيدة برؤية روسيا منعزلة مرة أخرى في مجلس الأمن. إننا نريد العمل مع روسيا لدفع عملية سياسية في سورية. ونريد أن تستخدم روسيا نفوذها على نظام الأسد لوقف الجنون والوحشية التي نراها كل يوم في الميدان.

كان يمكن أن يكون تصويت اليوم نقطة تحول. ومرة أخرى، كان يمكن أن يكون تصويت اليوم بمثابة لحظة ترى فيها روسيا أن مصالحها ليست مع دكتاتور قاتل، بل مع البلدان العديدة في المجتمع الدولي، بما في ذلك جميع بلدان الشرق الأوسط، التي ترغب في إنهاء الصراع.

وبإخفاقها ستظل روسيا منعزلة. ونحث روسيا على التكاتف مع العدد الهائل من البلدان التي تدفع للحل السياسي. لقد قال المجتمع الدولي كلمته. يجب على روسيا الآن إثبات الكثير.

وللأسد والحكومة السورية، أقول ليس لديكم أصدقاء في العالم بعد الأعمال الفظيعة. والولايات المتحدة تراقب أنشطتهما عن كثب. لقد ولت أيام الغطرسة وتجاهل القيم الإنسانية. ولن نستمع لأعذارهما. وأقترح أن ينظرا إلى تصويت اليوم بإمعان وأن يستجيبا لإنذارنا.

أستأنف الآن مهامي رئيسة لمجلس الأمن.

وأعطي الكلمة لممثل الجمهورية العربية السورية.

السيد بشار الجعفري (الجمهورية العربية السورية): سيدتي الرئيسة، تدين بلادي بأشد العبارات وترفض أي استخدام للأسلحة الكيميائية وأي نوع من أنواع أسلحة الدمار الشامل، باعتباره جريمة ضد الإنسانية وأمرا مرفوضا وغير أخلاقي، ولا يمكن تبريره تحت أي ظرف كان. إن المستهدف باستخدام هذه الأسلحة هو الشعب السوري، الذي ما زال إلى اليوم الضحية الأولى لجرائم الجماعات الإرهابية المسلحة التي لم تتورع حتى عن استخدام الأسلحة الكيميائية ضده، وأؤكد لهذا المجلس أن بلادي حريصة اليوم كما كانت في السابق، على معرفه المجرم الحقيقي المسؤول عن استخدام الأسلحة الكيميائية في بلادي، سورية.

وانطلاقا من هذه المبادئ الثابتة، فقد انضمت حكومة بلادي إلى معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية ونفذت كل التزاماتها بموجب اتفاقية الحظر، وقد حققت بلادي إنجازا غير مسبوق في تاريخ المنظمة من خلال إنهاء البرنامج الكيميائي السوري بزمن قياسي وإلى غير رجعة، وذلك مثبت في بيان البعثة المشتركة للتخلص من الأسلحة الكيميائية في سورية، المقدم إلى هذا المجلس الكريم في شهر حزيران/يونيه 2014.

وكما أعلمت هذا المجلس صباح اليوم (انظر S/PV.7921)، فإن بلادي وفي إطار تعاونها المستمر والشفاف مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، قد وجهت فعلا البارحة رسالة إلى مدير عام المنظمة تدعوه فيها لإيفاد بعثة فنية حيادية ونزيهة ومهنية إلى كل من خان شيخون وقاعدة الشعيرات الجوية لاستجلاء حقيقة ما حدث، بشكل شامل وشفاف ونزيه. وتؤكد بلادي، سورية استعدادها لتأمين وصول البعثة إلى قاعدة الشعيرات الجوية بهدف التحقيق فيما إذا كانت تخزن فيها مادة السارين أم لا. أما فيما يتعلق بمدينة خان شيخون، فإنني بكل أسف، مضطر للقول لكم إن الوصول إليها يجب أن يؤمنه تنظيم جبهة النصرة الإرهابي ومن معه من تنظيمات إرهابية أخرى هناك، وذلك عبر حكومات الدول التي تدعم هذا التنظيم وتوجهه وتديره على الأرض، وفي مقدمتها فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة وتركيا وقطر والسعودية وإسرائيل.

إن بلادي هي صاحبة المصلحة الأولى في جلاء الحقيقة، وهي تدعم من حيث المبدأ، أي إجراء يتخذه هذا المجلس بهدف الوصول إلى هذه الحقيقة، لكننا نعارض مشاريع قرارات تحمل في طياتها لغات سياسية ماكرة، تستبق أصلا نتائج أي تحقيق، وتنحو نحو توجيه التحقيق بشكل مسبق باتجاه اتهام الحكومة السورية، كما فعل زميلاي مندوب بريطانيا ومندوب فرنسا. لقد اعتادت الدول الغربية الثلاث على إدراج لغات مماثلة في مشاريع قرارات سابقة، ليصار إلى إساءة استخدامها من قبل هذه الدول لاحقا، من أجل تبرير التدخل في شؤون دول أعضاء أخرى والعدوان العسكري عليها، كما حصل في ليبيا ودول أخرى.

إن من يتمعن في قراءة مشروع قرار اليوم (S/2017/315) يدرك أن الهدف الحقيقي من ورائه ليس استجلاء الحقيقة، بل انتهاك السيادة السورية بالمطلق واستغلال المعلومات التي يمكن جمعها عبر مشروع القرار هذا، في حال كان قد تم اعتماده، لاستهداف كوادر ومواقع وقدرات الجيش السوري من قبل الجماعات الإرهابية المسلحة المدعومة من هذه الدول الثلاث ومن شركائها في المنطقة، وذلك بحجة البحث عن “غودو الكيميائي” كما حصل في العراق.

إذا كان مقدمي مشروع القرار اليوم لا يرون أي فائدة في الآليات المتاحة في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، فلماذا لا يقدمون مشروع قرار آخر لإنهاء أعمال منظمة حظر الأسلحة الكيميائية مثلا؟ وتصفية أرشيفها وحفظه في صناديق فولاذية لن يسمح بفتحها إلا بعد 60 عاما، تماما كما فعلوا بأرشيف لجان التفتيش عن شبح أسلحة الدمار الشامل العراقية، بلادي لم تستخدم السلاح الذري ضد هيروشيما وناغازاكي، بلادي لم تستخدم السلاح الكيميائي والبيولوجي ضد فيتنام، بلادي لم تستخدم اليورانيوم المنضب ضد العراق، بلادي لم تجرب سلاحا ذريا على جزائريين أحياء في الصحراء الجزائرية.

لقد أعلمت المبعوث الخاص، السيد ستيفان دي ميستورا، بتاريخ 31 آذار/مارس خلال المباحثات في جنيف، بتقارير موثقة ومبكرة، عن حيازة الجماعات الإرهابية المسلحة في مناطق ريف دمشق وإدلب وحماة، لمواد كيميائية سامة، بغرض استخدامها كسلاح ضد المدنيين. كما حذرته من تزييف الحقائق وفبركة الأدلة والاتهامات بحق الحكومة السورية، كما حصل في مرات سابقة. قلت هذا الكلام للسيد دي ميستورا قبل حدوث حادثة خان شيخون بخمسة أيام.

وكما أعلمتكم صباح اليوم، فإن حكومة بلادي وجهت أكثر من 90 رسالة، كان أخرها منذ يوم فقط، إلى مختلف الأجهزة المختصة في الأمم المتحدة، تضمنت معلومات موثقه عن حيازة الجماعات الإرهابية المسلحة، وعلى رأسها “داعش” و“جبهه النصرة”، لمواد كيميائية سامة وصلت إليها، ومنها ماده السارين التي وصلت لهذه الجماعات من ليبيا عبر الأراضي التركية وبعلم السلطات التركية.

إن مقدمي مشروع القرار هذا يعرفون حق المعرفة بأن القرارات الصادرة عن هذا المجلس، وعن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية منذ انضمام بلادي إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، تشكل الإطار القانوني الدولي الكافي والمناسب في هذا المجال، وإني أدعو بقية الدول الأعضاء في هذا المجلس، إلى إعمال المنطق والمحاكمة الرشيدة، والسعي للحصول على إجابات واضحة وحقيقية لأسئلة يطرحها هذا الحادث المؤلم، وردود فعل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا عليه. لنحاول أن نجيب معا عن الأسئلة التالية: لماذا لم تأت الأفلام والصور عن حادثة خان شيخون إلا من منظمات تدعي العمل في المجال الإنساني، في حين أنها مرتبطة بشكل مباشر بالجماعات الإرهابية المسلحة على الأرض؟ وهنا أتحدث بشكل محدد عن جماعة تسمى بــ “الخوذ البيضاء” التي منحتموها جائزة “أوسكار” في إتقان التمثيل، والتي وافيناكم مرارا وتكرارا بصور وأفلام وأدلة موثقة، عن أن أعضاءها يعملون بإشراف المخابرات البريطانية، ويتم تمويلهم من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا. هذا أول سؤال.

السؤال الثاني، هل قرأتم التقرير الصادر عن منظمة “أطباء سويديون لحقوق الإنسان” الذي كشف خداع ما يسمى بـ ”الخوذ البيضاء”؟

السؤال الثالث، هل تعلمون أن الطبيب البريطاني، شاجول إسلام، الذي كان متواجدا مع الجماعات الإرهابية المسلحة على الأرض في خان شيخون، وكان الشاهد الأساسي في كل الحملات الإعلامية الاستفزازية ضد الحكومة السورية، هذا الطبيب البريطاني من أصل باكستاني، كان قد اعتقل لمدة ثلاثة عشر شهرا في بريطانيا بتهم تتعلق بالإرهاب، ومنها خطف صحفيين بريطانيين في سورية؟ مجرم إرهابي ويصبح شاهد عيان، ويبنى على شهادته هذا النوع من الفبركة الإعلامية.

فوق ذلك كله، كيف يمكن لمن يدعي أنه يسعى إلى الحقيقة، وعبر الشرعية الدولية، أن يشن عدوانا عسكريا على موقع يزعم هو، بأن طائرات انطلقت منه لضرب خان شيخون بالأسلحة الكيميائية؟

أدعوكم أيها السادة إلى قراءة ما ورد في كتاب “قصة بنغازي الحقيقية، ما لا يريد البيت الأبيض وهيلاري كلينتون منكم أن تعرفوه”. هذا هو عنوان الكتاب، لمؤلفه الأمريكي آرون كلاين، والذي يشرح بالتفصيل دور التنسيق والوساطة الذي اضطلع به السفير الأمريكي في ليبيا كريس ستيفنز في عمليات تصدير الأسلحة ومادة السارين من ليبيا إلى الدول التي دعمت الإرهابيين في سورية، وفي مقدمتها تركيا.

كما أدعوكم لقراءة تقرير علمي صدر اليوم عن البروفسور الأمريكي ثيودور بوستول، المختص في العلوم والتكنولوجيا من معهد ماساتشوستس. وهو تقرير يقيم ما صدر عن البيت الأبيض من مزاعم حول ما جرى في خان شيخون، حيث يرى البروفيسور الأمريكي أن المعلومه التي اعتمد عليها المسؤولون الأمريكان لاتهام الحكومة السورية هي حفره على الطريق في شمال “خان شيخون”، مجرد حفرة، ثم يستنتج أن هذه البيانات تبدو أكثر اتساقا مع إمكانية أن الذخيرة كانت موجوده على الأرض، ولم يتم إسقاطها من الجو.

ماذا يسمي زميلي مندوب فرنسا قتل الطائرات الحربية الفرنسية لـ 200 مدني في قرية طوخان الكبرى في ريف حلب في 19 تموز/يوليه 2016؟ وماذا تسمي زميلتي مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية قتل الطائرات الأمريكية لـ 237 مدنيا في بلدة المنصورة بعد هروبهم من داعش في منطقة الرقة؟

تؤكد بلادي استمرارها في تنفيذ جميع تعهداتها التي التزمت بها حين انضمامها إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، وفي حربها على الإرهاب التي لن تتوقف تحت تأثير أي ابتزاز سياسي وإعلامي أو استغلال رخيص لدماء الأبرياء في بلادي، سورية. أوجه باسم حكومة بلادي الشكر والتقدير لروسيا الاتحادية وبوليفيا الصديقة اللتين صوتتا ضد مشروع القرار، كما أوجه الشكر للوفود التي امتنعت عن التصويت، إدراكا منها لحقيقة الأغراض الخبيثة التي كانت تختفي وراء مشروع القرار هذا، والتزاما منها بسيادة مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحده، وإيمانا منها بأن مثل القرارات تؤثر على مصداقية العمل الدولي ومؤسساته، وتهدد السلم والأمن الدوليين.

رفعت الجلسة الساعة 30/16.