أثار تفاقم الخلافات الفلسطينية الداخلية وتحوّلها اشتباكات مسلحة القلق لدى المعلقين الاسرائيليين الذين تساءلوا عن انعكاسات ذلك على خطة فك الارتباط.

في "هآرتس" تساءل يوئيل ماركوس امس عن السبب الذي يدفع الفلسطينيين الى "وضع العصي في دواليب “ارييل شارون” الرجل الوحيد الذي اتخذ قراراً ودافع عنه في وجه الغالبية في حزبه وضد المتشددين باستقلالية واعصاب حديد مطلوبة لمثل هذه الخطوة المهمة التي ستمنح الفلسطينيين للمرة الاولى خيطاً من الامل في ان تصبح لديهم دولة مثل كل الدول.

... مبادرة شارون الانسحاب من طرف واحد او في شكل متفق عليه من غزة كان يفترض ان يستقبلها الفلسطينيون بوصفها أفضل ما حدث لهم على الاطلاق. لا أحد يتذكر أن المملكة الاردنية عندما كانت تحتلهم عرضت عليهم دولة فلسطينية مستقلة او اقترحت إعادة جزء من الاراضي التي استولت عليها الاردن عام 1948. بفضل شارون تعترف غالبية الجمهور الاسرائيلي اليوم بحل الدولتين في ارض اسرائيل، كما تدرك ان معظم الاراضي ستعاد عاجلاً ام آجلا على اساس تبادل الاراضي. ويخطىء من يظن ان اخلاء غزة سيكون الاخير. في هذه الاثناء تحول فك الارتباط توجهاً تبناه العالم الغربي الديموقراطي، ولن يسمح له بالانهيار.

في هذه المرحلة على الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني التغلب على الاطراف المتشددين والرافضين في معسكريهما. ولكن لا يمكن المقارنة بين النزاعات الداخلية للشعبين. عندنا غالبية الجمهور تؤيد الانسحاب، والجهاز الديموقراطي القوي في اسرائيل قادر على فرض ارادة الاكثرية على المتشددين رغم التظاهرات والتهديدات بالحرب الاهلية. فالجيش سينفذ ما هو مطلوب منه رغم المتطرفين الذين يرغبون في جر الدولة الى مواجهة دموية. من شاهد شارون في مقابلة لقاء مع الصحافة، يخرج بانطباع ان الامر محسوم بالنسبة اليه. اسرائيل ستخرج من غزة حتى لو احتاج ذلك الى صدام بالقوة مع المتطرفين.

الفارق بيننا وبينهم انهم كل مرة يقع خلاف بين المنظمات يطلقون النار على اليهود. ففي الايام الاربعة الاخيرة اطلق اكثر من مئة صاروخ قسام وقذيفة على المستوطنات الاسرائيلية. عندما يقول شارون لن يحدث الانسحاب تحت اطلاق النار فلا يقصد بذلك ان الانسحاب سيلغى، بل ان الجيش سيدخل قوات كبيرة الى القطاع لإسكات اطلاق النار. لقد نجح ابو مازن في ان يصنع لنفسه صيت الرجل الضعيف. ولكن بالنسبة الى شارون لا يمكن القول طوال الوقت انا ضعيف. فالرجال لا يصلون الى الزعامة في دولة قامت على الدم والنار من موقع الضعف (...) في اللقاء الاخير بينهما قال شارون لأبو مازن: اعطيناك وقتاً طويلاً واظهرنا ضبطاً للنفس، ولكن حان الاوان للبدء بفرض النظام عندك. السلوك الفلسطيني والهجمات من شأنها ان تضعف شارون داخل حزبه وان تؤدي في النهاية الى سقوطه ونشوب انتفاضة ثالثة. فهل هذا ما يريده الفلسطينيون؟...

مصادر
هآرتس (الدولة العبرية)