أجرت الصحف الاسرائيلية لمناسبة رأس السنة اليهودية جولة افق في احداث السنة الماضية، وتوقع المعلقون ان تتأثر احداث السنة المقبلة بالانسحاب من طرف واحد من غزة. ننقل ما جاء في افتتاحية "هآرتس" تحت عنوان: "سنة الصحو": "تصويت اللجنة المركزية لليكود في 26 ايلول حدد سياسة اسرائيل في السنوات المقبلة. وقد برهن هذا التصويت انه حتى الليكود حزب ارض - اسرائيل الكاملة يقبل باخلاء المستوطنات ورسم الحدود بين دولة اسرائيل ودولة فلسطين.

وحتى لو يكن تفضيل مقترعي اللجنة المركزية في الليكود لأرييل شارون على بنيامين نتنياهو هو لأسباب أيديولوجية وانما من اجل المحافظة على السلطة، فأعضاء اللجنة المركزية يعلمون ان مواطني اسرائيل كلهم يباركون اخلاء قطاع غزة ويرغبون في مواصلة مخطط تقسيم ارض اسرائيل. ان اعضاء اللجنة المركزية لليكود يمثلون وجه الدولة أكثر من أي طرف سياسي آخر. واذا كانوا يعرفون هذه الحقيقة فمن المنطقي افتراض ان الجمهور كله يعرف ذلك.

سنوات طويلة ضيعها حتى الان شارون، المحرض الأكبر الذي خرب كل محاولة لوقف البناء في المستوطنات والذي جرف الاموال من كل وزارة تولاها من اجل تمويل هذا المشروع الذي لا لزوم له، والذي كان على رأس المحرضين ضد اسحق رابين واتفاقات أوسلو، ها هو قد وصل الى الاستنتاج نفسه. لا مجال للبحث عن لوم وتأنيب على السنوات الضائعة، ولكن من الممكن مطالبته بتحقيق التفاهم السياسي المتأخر من دون اقتطاع للزمن او تضييعه وتحقيق التقسيم الكامل في أيامنا وعدم ترك تنفيذ هذه المهمة الصعبة لورثته.

كانت هذه سنة الصحو، سنة فك الارتباط وسنة الجدار. الصلة بين دولة اسرائيل وبين الشتات خارج الجدار انقطعت نهائياً. كل الجمهور يرغب في اعادة اسرائيل الى ديارها والسماح للفلسطينيين بحياة مستقلة. وتحقيق هذا الهدف ممكن باتفاق سلام او من دونه. فالتلميحات في شأن مواصلة الانسحاب من طرف واحد والتي صدرت عن رئيس المخابرات العسكرية والمستشار الاعلامي لرئيس الحكومة لا يمكن ان تكون عرضية. فالمقصود هنا مزاج يضع على عاتق اسرائيل مسؤولية ترسيم حدودها بقدر الامكان في صورة أحادية الطرف، تماماً مثلما كانت المستوطنات خطوة احادية.

ما سيفعله شارون في الأشهر المقبلة هو مسألة سياسية. والهدف واضح ومقبول من غالبية الجمهور. لقد اتضح هذه السنة انه عندما يقود سياسي سياسة متطرفة يرى وراءه المجموعة المتطرفة التي تفيد من التطرف. ولكن عندما يتحول السياسي قائداً ينجح في تجنيد الرأي العام حتى الأكثر رفضاً. وعندما يكون السياسي قائداً فعلاً وليس مقوداً تزداد حظوظ النجاح".

مصادر
النهار (لبنان)