رشحت إسرائيل مؤخراً نفسها لعضوية مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لعامي 2020-2018 (الفترة التي لم يترشح لها أحد بعد)، في أول اقتراح قرار تتقدم به الى الأمم المتحدة على الإطلاق، ما يفترض ضمناً زوال الفتور المتبادل، الذي عكسه رئيس الوزراء الإسرائيلي الأول دافيد بن غوريون في العام 1955 بعبارة عبرية مركبة <<الأمم المتحدة.. إنها لا شيء يذكر>>.

وجاء في صحيفة <<نيويورك تايمز>> أن رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون استقبل بحرارة في خطابه أمام الجمعية في 15 أيلول الماضي، الأول من نوعه في تاريخ الأمم المتحدة، في قاعة تعج بأصابع الاتهام الموجهة لإسرائيل وتزخر بالقرارات المدينة لها بالأكثرية، وحيث اعتاد مندوبو العرب بانتظام على الانسحاب كلما طلب إسرائيلي الكلام.

أضافت الصحيفة ان السفير الإسرائيلي للأمم المتحدة دان غيلرمان قال إن <<هناك خطوات لم يكن من الممكن أن تحصل سابقاً، ولو قبل عامين>>، مشيراً إلى الجهود الجديدة المبذولة لنيل القبول للعضوية. هذه <<الخطوات>> تمثل الجهود الإسرائيلية لاستغلال تحركات الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، في الاشهر ال18 الأخيرة، لتقليص تهميش إسرائيل في الأمم المتحدة.

وترسم الصحيفة جدول هذه التحركات بدءاً بالتحرك الأول في مؤتمر معاداة السامية في الأمم المتحدة، في حزيران من العام 2004، حيث قال أنان <<دعونا نعترف بأن سجل الأمم المتحدة حول معاداة السامية كان في بعض الأحيان بعيداً عن مثالياتنا>>. يليه للمرة الأولى شمل المعاداة للسامية في قرار سنوي ضد التعصب الديني، صدر بأكثرية 177 صوتاً في تشرين الثاني الماضي. ثم في كانون الثاني، عقدت الجمعية العامة دورة استثنائية لمناسبة الذكرى الستين لتحرير معسكرات الموت النازية، ونظمت معرضاً حول <<أوشفيتز>>. يلي ذلك حضور أنان افتتاح جناح جديد في آذار الماضي لنصب <<ياد فاشيم>> في القدس المحتلة، وكان المسؤول الأجنبي الوحيد الذي خطب في الافتتاح. ثم انتخاب غيلرمان نائبا لرئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة في حزيران الماضي، والذي أصبح في 20 أيلول الماضي أول إسرائيلي يترأس الجمعية. وقدم وزير الخارجية الاسرائيلي سيلفن شالوم، الذي قال لمندوبي الأمم المتحدة <<إن علاقات إسرائيل مع الأمم المتحدة هي اليوم أفضل مما كانت عليه في أي وقت مضى>>، مستدركا <<وبرغم ذلك، فإنهم يبقون بعيدين عما يجب أن يكونوا عليه>>.

ولقد نتجت هذه التغييرات جزئياً جراء الضغوط المتواصلة من قبل الولايات المتحدة، المدافع الرئيسي عن إسرائيل في الأمم المتحدة، والتي ألقت منذ العام 1972 ب39 فيتو لتحميها من رقابة مجلس الأمن.

ثم حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة 27 كانون الثاني يوماً سنوياً لتخليد ذكرى ضحايا الهولوكوست. غير أن لحظة الفشل الكبرى في العلاقات بين الجانبين حدثت في العام 1975 مع مرور قرار في الجمعية العامة يساوي الصهيونية بالعنصرية. وبقي هذا القياس مسجلاً في الكتب إلى أن سحب في العام 1991، بعد حملة قادتها الولايات المتحدة.

وتتخوف مديرة شؤون الأمم المتحدة آمي غولدستان من أن <<هذه التغييرات ليست تأسيسية، بل هي تغييرات هوائية>>، تضيف <<لقد رأينا خطوات ضخمة تبعاً للالتزام الشخصي للأمين العام، غير أن السؤال هو ماذا سيحصل بعد عام حين تنتهي ولايته. إذ ليس واضحاً ما إذا كانت الجمعية العامة والدول الأعضاء تحظى بالالتزام نفسه لتطبيع وضع إسرائيل>>.

مصادر
السفير (لبنان)