النهار

فصل جديد من فصول الهجوم على التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري الارهابية ، هو ما تفتقت عنه البارحة عبقرية اجهزة المخابرات في نظام البعث في سوريا، فخرج شاهد بائس من القبعة ودبرت له على عجل مقابلات في محطات لبنانية، ومن ثم مؤتمر صحافي دعيت اليه كل وسائل الاعلام العربية والعالمية. والادهى من ذلك كله تأكيد الشاهد هسام هسام انه منذ مغادرته لبنان ودخوله سوريا لم يقابل مسوؤلا سوريا و لم يحقق معه أحد: وحده الروح القدس نظم له مؤتمرا صحافيا يضاهي مؤتمرات رؤساء الدول، ووحدها العناية الالهية والعزة الوطنية والقومية التي يتمتع بها الشاهد ضبطت له اسئلة مجموعة من صحافيي النظام الموصوفين في دمشق! كم هي رائعة الديموقراطية في سوريا، وكم هي مصونة حقوق التعبير وحرية الفكر، وكم هو سهل الاتصال بالاعلام وحشده في ظل نظام البعث في قلب دمشق نفسها!

لن ندخل في دهاليز شاهد النظام في سوريا ، و لكن أبعد من هذا الموضوع نطرح جملة أسئلة تبدو لنا عاجلة : لماذا يغالي النظام البعثي في سوريا في أداء أدوار سلبية في منطقة الشرق الاوسط ؟ ولماذا لم تتطور سياسات النظام من نظام الابتزاز الذي لم يوفر جهة عربية و لا دولية ولم يتأخر يوما عن عقد تفاهمات غيرمنظورة (خطوط حمر) مع العدو عندما كان الامر يتعلق بتصفية قضية منظمة التحرير الفلسطينية تحت ستار مصادرة القرار الفلسطيني الحر او بالسيطرة على لبنان؟ لماذا لم يتطور من حالة سالبة الى حالة ايجابية؟ و لماذا يمعن في استعداء الشعب اللبناني لا لشيء سوى لانه لا يفهم معنى ان يتمسك شعب بحريته رافضا الذل على يد المافيات المخابراتية ؟ ولماذا لا يدرك ان لكل شيء نهاية، فكيف إذا كان شراً ؟ ولماذا يرفض الارتقاء الى مستوى النظام الباحث عن الاصلاح في الداخل والسلام في محيطه مع جيرانه العرب اولا وقبل اسرائيل نفسها؟ ولماذا لا يرى ان منطق الامور عند حصول جريمة هو الملاحقة والمحاسبة، فيستميت من أجل الافلات من عقاب المجتمع الدولي له على الجريمة الارهابية التي لم تكن الاولى وبالتأكيد لم تكن الاخيرة؟ ولماذا يكذب على شعبه فيصوّر له قضية التحقيق في جريمة اغتيال الحريري على انها مخطط اميركي – صهيوني للنيل من صمود سوريا وممانعتها، في حين ان المسألة هي تحقيق في جريمة ارهابية يعرف المواطن السوري المقهور ان النظام ليس ببريء منها؟ واخيرا وليس آخرا لماذا يصطنع النظام بطولات وهمية في حروبه ضد اللبنانيين، و مماطلته في التعاون مع التحقيق الدولي، في الوقت الذي تسرح القوات الاميركية و تمرح يوميا في عمق عشرة كيلومترات داخل الحدود السورية، ولا نسمع ولو كلمة واحدة استنكارا من النظام ؟

أسئلة و أسئلة يثيرها سلوك سئمه العرب جميعا قبل ان يسأمه الغرب.

سلوك أفقد النظام أصدقاءه حتى خلت الساحة تماما. سلوك يتكرر اليوم مؤكدا المعادلة البسيطة التالية: نظام بائس لا يولّد إلا شهودا بائسين من نوع هسام هسام!