صدى البلد

المعبر في الجدار الفاصل بين باقة الغربية الاسرائيلية وبين قرى نزلة عيسى وباقة الشرقية في الضفة الغربية هو المعبر الأكثر قُربا لقرية علار "الضفاوية" من حيث جاء المخرب الانتحاري لطفي أبو سعدة، الذي نفذ العملية الانتحارية هذا الاسبوع في مجمع الشارون التجاري في نتانيا.

من تلة قريبة من المعبر (الذي يسمى باللغة العسكرية المعبر 101) يمكن أن يرى الشخص منازل علار على مسافة بضعة كيلومترات من الحدود الواقعة على الجبال الممتدة فوق قرى عتيل ودير الغصون. من ينجح في اجتياز الجدار هنا الذي هو في هذه النقطة سور اسمنتي، يسافر مسافة قصيرة جنوبا نحو شارع كفار يونا ومن هناك يصل خلال عشرين دقيقة الى أطراف نتانيا.

هل مر المخرب من هنا؟ حسب رأي بعض الشبان من أبناء عائلة أسعد الذين يقطنون في أربعة منازل مجاورة للجدار، ليس الامر ممكنا تقريبا. هناك 65 شخصا من عائلة أسعد يقطنون في الجانب الغربي من السور الفاصل، أي في الجانب الاسرائيلي بين بيوت باقة الغربية الاسرائيلية. ولكن لشدة الدهشة هم سكان القرية الفلسطينية نزلة عيسى ولا يملكون بطاقات اسرائيلية ومن المحظور عليهم الدخول الى اسرائيل. من المسموح لهم فقط اجتياز الحاجز الحدودي من اجل الدخول الى منازلهم، وعندما يخرجون يعودون الى الحاجز والى الضفة.

أحدهم، جهاد أسعد، يخرج كل صباح من المنزل ويمر بحاجز 101 باتجاه طولكرم ويسافر من هناك الى رام الله. هو يعمل في وزارة الاقتصاد الفلسطينية في وظيفة جزئية في جامعة بيرزيت. ليس هناك أي حاجز بين منزله وبين اسرائيل، ولكنه يقول أنه لا يبحث عن المشاكل، وأنه لا يتجرأ على زيارة منازل باقة الاسرائيلية المجاورة لمنزله. في يوم الثلثاء صباحا بعد العملية، وفي يوم الاربعاء ايضا، خرج الى طولكرم كالعادة ولكن اتضح هناك أن شارع رام الله مغلق بسبب العملية، فعاد الى منزله.

باقة الغربية، نزلة عيسى وباقة الشرقية هي في الواقع مساحة بلدية متصلة، ومبنية باكتظاظ والسور الفاصل يقوم بشطر منازلها على الجانبين. في موقع واحد شمال المعبر الحدودي ومنازل عائلة أسعد يوجد بيت واحد ذا بوابة نحو اسرائيل والبوابة الاخرى نحو الضفة. على سطحه وضع الجيش نقطة مراقبة. كانت سابقاً منطقة تجارية محمومة. أما الآن فقد أصبحت صامتة هادئة. قلة من العرب من حملة التراخيص والتصاريح يمرون من هناك.

على سبيل المثال امرأة واحدة اسرائيلية من باقة الغربية التي تزوجت من رجل من باقة الشرقية. في الليالي كانت تنام في منزل زوجها واطفالها الواقع شرقا، وفي الصباح تتوجه عبر الحاجز الى مكان عملها في الغرب. وماضياً كان المستوطنون يمرون من هنا مسافرين في قوافل مصحوبة بالجيش في طريقهم نحو مستوطنات حرمش ومافو دوتان. أما الآن فقد شقوا لهم طريقا جديدا وهم يمرون في معبر كبير وأكثر تنظيما بجوار القرية المشطورة برطعة الواقعة في وادي عارة.

فهل ينجح عرب الضفة الذين لا يملكون تصاريح في التسلل الى هذه المنطقة عبر الجدار أم من خلال المعابر؟ جلال أبو طعمة، رجل الاعمال الذي كان في السابق رئيسا لبلدية باقة الغربية يقول: "أنا استطيع أن أقنع الانسان أن يقلل من الأكل وأن يتبع الحمية وأن يكون نباتيا - ولكنني لا استطيع اقناعه بأن يتوقف عن الأكل بالمرة".

بكلمات اخرى، الناس في الضفة في الجانب الثاني من الجدار الفاصل هم جياع. ومن يجوع لن يتمكن أي شيء من منعه من محاولة الدخول الى اسرائيل وجلب الخبز الى بيته. من يتحمس للمرور يستطيع أن يمر، سواء أكان عاملا يبحث عن كفاف يومه، أو كان مخربا.

التصريح الخاص للدخول الى اسرائيل يُعطى لقلة قليلة من سكان القرى الفلسطينية الواقعة شرقا والذين يمنعهم الجدار من فلاحة اراضيهم الموجودة داخل اسرائيل. السلطات أقامت من اجلهم معابر زراعية وبامكانهم أن يمروا لعدة ساعات في اليوم وفي مواسم معينة فقط. سكان قرية قفين مثلا وجدوا اربعة آلاف دونم من اراضيهم وكرومهم وقد أصبحت داخل اسرائيل، بين باقة الغربية وكيبوتس ميتسر. يسمحون لهم بالمرور من الجدار في موسم القطاف، ولكنهم عندما يمرون يستطيعون ايضا العمل في الاراضي الزراعية المجاورة لاراضيهم.

فهل سيستطيعون مواصلة طريقهم والتسلل الى داخل اسرائيل في هذه الحالة؟ دورون ليبر، سكرتير كيبوتس ميتسر يقول ان المسألة صعبة جدا. اغلبية عمال القطاف هم نسوة ومسنون. وعندما يرون الجنود يفرون بالرغم من وجود التصاريح في أيديهم. كروم الزيتون التابعة لقفين آخذة في الذبول، حسب رأيه. مزارعو قفين يستطيعون العمل في كرومهم ست ساعات في اليوم، وخلال هذه الفترة يتوجب عليهم أن يقوموا بكل ما تستوجبه الفلاحة، وعليه يضطرون احيانا الى تقنيب اشجار الزيتون وإحراقها، ولكنهم يتركون النار مشتعلة لعدم وجود وقت لديهم وربما كان هذا هو السبب لحدوث حرائق كبيرة في المنطقة كل ليلة تقريبا. هم يشكون بأن اليهود هم الذين يحرقون كرومهم عن قصد. مهما كان السبب فالنتيجة هي آلاف الدونمات من كروم الزيتون الفلسطينية تحترق بين ليلة وضحاها. بعض الكروم الاخرى أُهملت. الجدار الحدودي الفاصل بالنسبة لسكان قرى الضفة الحدودية هو نهب وجور كبيران.

في القرى الحدودية لعرب اسرائيل على امتداد الضفة من كفر قاسم جنوبا وحتى صندلة شمال جنين، يخشون من الحديث عن عرب الضفة الذين يمرون من دون تصاريح ويقيمون بصورة غير قانونية عندهم. من يقوم بنقل وتشغيل ومنح الاقامة لهؤلاء المخالفين يضطر الى دفع غرامات باهظة وربما يدخل الى السجن. هناك عدد كبير من المشاة، ولكن الإغراء كبير.

العمال غير القانونيين يدفعون مقابل السفر 150 - 200 شاقل من ارييل، موديعين، وشرقي القدس الى منطقة المثلث ووادي عارة. وهم يعملون في العادة لدى أقاربهم وينامون في اماكن خفية ويتوجهون الى منازلهم مرة أو مرتين في الشهر.

في جهاز الدفاع الاسرائيلي يقولون انه عندما يُستكمل بناء الجدار، سيتمكنون من منع مرور المقيمين غير القانونيين والمخربين بصورة شبه تامة. هذه مسألة يصعب تصديقها. صحيح أن الجدار الفاصل في قطاع غزة قد برهن عن نفسه ولكن هناك الجدار يحيط بغزة على امتداد الخط الاخضر حيث لا يوجد اسرائيليون في الجانب الآخر ولا توجد معابر تقريبا باستثناء معبر ايرز الذي يمر فيه عدد قليل من العرب.

ولانه لا توجد امكانية للتسلل من غزة، فهم يقومون باطلاق الصواريخ والقذائف من هناك.

في الضفة الغربية في المقابل، سيمر عشرات آلاف الناس دائما عبر المعابر في الأسوار والجدار. طالما بقيت مستوطنات خلف الخط الاخضر وآلاف الاسرائيليين القاطنين فيها يدخلون الى اسرائيل في كل صباح، وطالما بقي آلاف الفلسطينيين المارين للعمل في اسرائيل، خصوصا في القدس ومحيطها - ليست للجدار أي فرصة للمنع المطلق والاغلاق المحكم. المخرب الانتحاري من علار الذي فجر نفسه وقتل الناس في نتانيا كان قادرا على الدخول الى اسرائيل عبر عدة احتمالات. من المحتمل أن يكون قد مر في حاجز باقة، ولكن ربما ايضا عبر برطعة أو من خلال أحد المعابر الزراعية في ارييل، أو موديعين، أو القدس. حتى اذا استكمل الجدار وفقا لخطط جهاز الدفاع - فلن يكون بامكانه أن يمنع دخول الانتحاري القادم.