النهار / رندى حيدر

خصص المعلق في "هآرتس" مقاله أمس للحديث عن الفوز الذي حققته "حماس" في الانتخابات البلدية وانعكاسه على الانتخابات الاشتراعية الفلسطينية المرتقبة. وجاء في المقال:

"مهما بدا الامر غريباً فالفوز الباهر لـ"حماس" في الانتخابات البلدية والتقديرات التي تقول بأن الحركة قد تحقق فوزاً مهماً في الانتخابات البرلمانية لا تثير لدى زعامة الحركة شعوراً بالفرح انما بالخوف. وليس الخوف من التهديد الصادر في نهاية الاسبوع من مجلس النواب الاميركي الذي تحفظ عن مشاركة "حماس" في الانتخابات، فللحركة قاعدة تأييد واسعة في الشارع والتهديدات الاميركية او الاسرائيلية على غرار تلك الصادرة عن وزير الخارجية سيلفان شالوم لا تؤثر كثيراً في الرأي العام الفلسطيني.

الخوف الاساسي هو ان زعامة "حماس" ليست مستعدة بعد للامساك بزمام السلطة الفلسطينية.

في نهاية الاسبوع سئل الناطقون باسم "حماس" ماذا سيفعلون اذا حصلوا على غالبية المقاعد في البرلمان الجديد الذي سينتخب بعد خمسة اسابيع، هل سيؤلفون الحكومة الجديدة أم سيشاركون فيها. لم يجيبوا عن السؤال، بل قال احدهم المتحدث في غزة سامي أبو زهري: "سنقرر عندما يحين الاوان"، فمن يريد السلطة وادارة السياسة اليومية عليه ان يقبل بالتسويات. من المستحيل مثلاً مواصلة التمسك بالايديولوجية المحافظة لـ"حماس" التي تقاطع اسرائيل وترفض اي علاقة بها ومن جهة أخرى تريد ادارة الاقتصاد الفلسطيني.

يعرف زعماء "حماس" من استطلاعات الرأي في المناطق ان نسبة 60 الى 70 في المئة من الناس تؤيد استمرار التهدئة وحل دولتين لشعبين. ويعلم هؤلاء ان التأييد لحركتهم ينبع بصورة اساسية من كراهيتهم لسلوك الفساد والبذخ لدى زعماء "فتح". في دعايتهم الانتخابية تجنبوا، لهذا السبب، قدر الممكن الاهتمام بالموضوعات السياسية وشددوا على الموضوعات الداخلية. وليس من قبيل المصادفة اختيار اسم "الاصلاح والتغيير" لقوائمهم للانتخابات، وهو اسم غير ملزم ويشير الى الرغبة في الاهتمام بالامور الداخلية والاجتماعية.

لا يزال لـ"حماس" متسع من الوقت قبل الدخول في الموضوع السياسي، اذ ينبغي لها ان تأخذ موقعها في الحركة الوطنية اي منظمة التحرير الفلسطينية. لذا يمكن "حماس" ان تفيد حتى الآن من عالمين: من جهة التعبير عن "الاصلاح والتغيير" بوصفهم الاكثرية في البرلمان، ومن جهة أخرى ترك العمل الروتيني والقذر – اجراء الاتفاقات والتسويات مع اسرائيل – لرئيس السلطة محمود عباس وزملائه من حركة "فتح". في المواقف الاخيرة لحركة "حماس" في الايام الاخيرة يشرح المتحدثون باسم الحركة انهم اهملوا حتى اليوم الموضوعات الداخلية، وشددوا على الحرب ضد اسرائيل، وانهم اليوم يريدون تغيير سلم الاولويات. من هنا ليست مصادفة اننا لا نسمع باسم "حماس" في الهجمات الاخيرة... زعماء الحركة يقظون لتحذيرات اسرائيل والولايات المتحدة التي تطالبهم بشيء من الحذر مثل عدم التفوه بكلام حماسي معادٍ لاسرائيل وممارسة دعاية تدعو الى التهدئة. الفوضى السائدة "فتح" تجعل اقناع الناخبين مهمة سهلة، وحتى الآن يبدو فوز "حماس" في الانتخابات في كانون الثاني مضمونا".