هآرتس

انتقد عدد من المعلقين الصحافيين في إسرائيل المبالغة في التغطية الاعلامية للحال الصحية لشارون التي فاقت، وفقا لتعبير يوئيل ماركوس في "هآرتس"، التغطية الاعلامية لمرض البابا الراحل يوحنا بولس الثاني. وفي هذه الاثناء لا يزال حزب "كاديما" يتقدم بقية الاحزاب (40 الى 41 مقعدا) ولفت صعود بسيط نهاية الاسبوع في شعبية حزب "الليكود" (16 مقعدا) الذي بات متقاربا في قوته مع "حزب العمل" (17 مقعدا). المعلق السياسي زئيف شيف في "هآرتس" خصص تعليقه للكلام على الاستراتيجيا التي سيطبقها ايهود أولمرت لدى انتخابه رئيسا للحكومة المقبلة، وجاء في مقاله: "الرئيس المقبل للحكومة الاسرائيلية سيكون زعيم "كاديما" ايهود أولمرت. والسؤال الاساسي: هل سيواصل أولمرت طريق ارييل شارون ام سيختار طريقا مستقلا؟ بالتأكيد سيقول أولمرت انه سيواصل تحقيق مخططات شارون بعد انتخابه. ولكن عمليا شارون لم يكشف يوما عن كل اوراقه السياسية، اما المواقف التي عرضها على الصحافيين في 29/10/2005 فكانت مواقف استهلالية. لقد مر أولمرت، مثله مثل العديد من انصار اليمين، في السنوات الاخيرة، بتحول فكري. وهكذا أيّد فك الارتباط من طرف واحد عن قطاع غزة، ولكنه على نقيض شارون ليس لديه ماض دموي مع الفلسطينيين حتى لو بدا انه لا يثق بهم.

ونستنتج من كلامه في السنتين الاخيرتين انه توصل الى خلاصة تقول باستحالة بقاء اسرائيل دولة ديموقراطية يهودية اذا لم تغير سياستها التقليدية. لا شك انه يستند في ذلك الى التخوف من الميزان الديموغرافي السلبي الناشئ بين اسرائيل والفلسطينيين. من هنا موافقته على التراجع الى المناطق التي تملك فيها اسرائيل غالبية يهودية كبيرة. ويتخوف أولمرت من استمرار الارهاب الفلسطيني حتى بعد توصل اسرائيل الى تسوية مؤلمة مع الفلسطينيين، سواء عن قصد، او لانهم غير مهيئين لتنفيذ تعهداتهم ووقف اعمال العنف. هذا ما جرى للفلسطينيين في الاردن وفي لبنان حيث كانوا سببا لاندلاع الحرب الاهلية.

لقد اعتقد شارون انه قادر على وضع حد نهائي للارهاب بالقوة، لكن هذا لم يحدث، وهذه الحقيقة ستدفع اولمرت الى التفكير بمواصلة خطوات اسرائيلية كبيرة احادية الجانب، مثلما حدث في قطاع غزة. بعد الانتخابات ستتوقف الحكومة، برئاسته، امام عدد من الاحتمالات. الاحتمال الاول ان يواصل الفلسطينيون الارهاب. ستنتظر حكومة اسرائيل تطبيق الفلسطينيين "خريطة الطريق" وترد بعمليات عسكرية، وستعتبر واشنطن ذلك بمثابة حرب دفاعية، لكنها ستطالب اولمرت بتنفيذ التعهدات التي قطعها شارون بتفكيك المواقع غير القانونية ووقف توسيع المستوطنات الحالية...

هناك امكان استراتيجي آخر اصعب، هو السعي مباشرة الى اتفاق دائم، وثمة شك في ان تتمكن "منظمة التحرير" وحدها في التوصل الى مثل هذا الاتفاق مع اسرائيل، ناهيك بأن "حماس" ستزيد بالتأكيد من قوتها في الانتخابات... الامكان الثالث يعيد اولمرت وحكومة اسرائيل الى الخطوات الاحادية الجانب، وفي مثل هذه الحالة ستحدد اسرائيل حدودها الموقتة المذكورة في "خريطة الطريق" في مواجهة الكيان الفلسطيني الذي سيتحول الى دولة. ولا يمكنها القيام بذلك من دون انسحابات جديدة، وليس فقط بواسطة جدار الامن والفصل...".