بين البيان الرئاسي المتوقع لمجلس الامن في ضوء التقرير الذي قدمه الموفد الدولي تيري رود – لارسن قبل ثلاثة اشهر في شأن تطبيق القرار 1559 والبحث في التمديد للقوة الدولية في الجنوب (تحدثت معلومات ديبلوماسية عن احتمال رفع العصا الدولية فوق رأس لبنان والتهديد بالتجديد للقوة ثلاثة اشهر بدل ستة وخفض عددها)، تقع الحكومة اللبنانية بين مطرقة التحالف الشيعي المطالب ببيان ينزع عن "حزب الله" صفة الميليشيا لئلا ينطبق عليه تنفيذ القرار 1559، وسندان مجلس الامن الذي يطالبها بالتزام قرارات الشرعية الدولية وتنفيذ هذا القرار، وان وفق الاسلوب الذي يراه مناسباً.

فالتحالف الشيعي يستمد عزماً من خط المواجهة الايرانية – السورية التي توجها لقاء الرئيسين السوري بشار الاسد والايراني محمود احمدي نجاد في دمشق من اجل توظيفه لمصلحته في حين يحاول المجتمع الدولي وهو امر مفهوم في العمل السياسي، لاحراج الحكومة بالقرار 1559 والوضع في الجنوب مع ان ثمة من قد يعتبر ان هذا "الاحراج" يساعد الحكومة اللبنانية على الاستمرار في التزاماتها وعدم الخضوع لتأثيرات او ضغوط بعض الداخل الذي يود ان ينسف هذه القرارات، وخصوصاً اذا جاء البيان الرئاسي قوياً في عباراته ومضمونه.

ويخشى ان يبقي التوازن السلبي بين الطلبات والطلبات المضادة الازمة الداخلية تراوح مكانها باعتبار ان حسن النيات الذي يبديه الجميع لا يعدو كونه سعياً الى تبرئة الذمة شعبياً من افتعال ازمة ورمي الكرة في ملعب الآخرين. وقد بدت الازمة، وفق ما شرحها الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله قبل ايام، بسيطة جداً قياساً بالشلل الذي تواجهه الحكومة ومعها البلاد، اذ ان الامر يقتصر في رأيه على بيان يؤكد ان "حزب الله" ليس ميليشيا والاتفاق مسبقاً خارج مجلس الوزراء. وقد حصرها بأسباب محددة لا علاقة لها اطلاقاً بالمجريات الاقليمية، اكان ما يتعلق منها بايران او بسوريا، في حين ان مخاوف الافرقاء الآخرين لا تتعلق فقط بالشق الداخلي الذي يتحدث عنه نصرالله، بل ايضاً بامتداداته الخارجية التي اعطاها البيان المشترك الايراني – السوري بُعداً حقيقياً بالجزم بلغة القدرة والقرار في ملفات تتعلق بلبنان وفلسطين والعراق.

ولا تنفي مصادر ديبلوماسية معنية صلة التحرك الدولي المتجدد حول القرار 1559، علماً ان اسباباً معقولة ادت الى ارجاء تعليق مجلس الامن على تقرير رود لارسن ذلك لان التقرير الاول للرئيس السابق للجنة التحقيق الدولية ديتليف ميليس كان طاغياً على ما عداه – بضرورة ابقاء الضغط على دمشق في شق مختلف عن ذلك المتعلق بالتحقيق الجاري في اغتيال الرئيس رفيق الحريري نتيجة المخاوف من محاولات لزعزعة استقرار لبنان. وقد لمس المجتمع الدولي اهمية استمرار هذا الضغط لئلا يعطي السوريين رسالة خاطئة ان المجتمع الدولي تساهل او تراجع وهو ما فهمه السوريون بتوظيفهم المرونة في مضمون القرار 1644. فيما الواقع ان معدي القرار اعتمدوا هذه الصيغة لضمان اجماع اعضاء مجلس الامن عليه. كما من المهم استمرار الضغط الدولي من اجل عدم ترك السوريين يشعرون بالارتياح والتخلي عن التزاماتهم حيال القرار 1559 الذي تعتبر عواصم مؤثرة انه يعني ايضاًً السوريين في الشق المتعلق بنزع سلاح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية. اما في الشق المتعلق بالتحقيق الدولي، فإن دمشق تسعى الى ايجاد مخرج لتعاونها مع التحقيق بعدما نصحها جميع اصدقائها بمن فيهم الروس بالتعاون الكامل لئلا يرتد عدم التعاون سلباً عليها، من خلال الاشادة بتعيين الرئيس الجديد للجنة التحقيق سيرج برامرتز وتحميل الرئيس السابق ميليس مسؤولية سلوكها السلبي وعدم تعاونها الجدي والكامل. ولم تستبعد هذه المصادر ان يكون تعاون بعض الدول على تأمين الاخراج الملائم للتجاوب السوري مع لجنة التحقيق من خلال اغلاق الباب الذي بدا ان رياح التغيير تتهددها عبره ولو نظرياً كون سوريا من الدول التي كانت تفاخر بعدم وجود معارضة سورية لها في الخارج يمكن ان يستفاد منه لاضعافها. وهذا الباب هو الاتهامات الحادة التي ساقها ضد الرئيس السوري شخصياً نائبه السابق عبد الحليم خدام وخصوصاً ان غالبية المقابلات الصحافية مع وسائل اعلام عالمية اميركية وغير اميركية ارتفعت في اطار تشجيع سوريا على التعاون بخطوات جدية بالسرعة المطلوبة.