كم هو مثقل وباعث على اليأس ادراك ان نحتاج مع هذا الرجل ، حسن نصرالله - سمسار الجثث الابدي - ليس فقط الى ادارة التفاوض القريب للبحث في إعادة الاسرى ، ولا في إعادة اجزاء الجثث لتدفن في اسرائيل فحسب ، بل ان نستمر في محادثته في الغد وبعد غد ولاشهر وسنين تأتي بعد ذلك ايضاً ، وانه في كل مرة عندما ندفع الى ما يحدث على الحدود الشمالية - عند حدود اسرائيل ، ولو كان ذلك على نحو غير مباشر - سنجده بإزائنا.

ولا ينبغي ان توجد قلة فهم ، فحسن نصر الله لا يكذب هذه المره ايضاً والمنظمة التي يرأسها تملك أجزاء جثث لجنود من الجيش الاسرائيلي قتلوا في حرب لبنان الثانية ، فان من عاد من هناك يعلم انه من بين جميع الاشياء الصعبة التي حدثت في تلك الحرب التي لا حاجة لها حدث هذا ايضا ، يمكن ان نقدر ان نصرالله - وهو عالم بحساسية المجتمع الاسرائيلي - يتوقع الدفع عنها والدفع العالي ، بل يمكن ان نتفق على ان هذا الدفع - ويجب ان نقول انه دفع متبادل - جزء لا ينفصل من فظائع الحرب ، ففي كل حرب ما يزال حسن نصرالله في اطار قواعد اللعب في الشرق الاوسط ايضاً التي صيغت هنا خلال السنوات العشر الاخيرة - والتي يصعب ان نجد كلمة ثناء عليها - فهو لاعب بغيض على نحو خاص ، ليس لأنه لا يتخلى عن ايمانه ، او لأنه عنيد في محاربته ايانا ، ولا بسبب الاستعمال الهازئ والمسرف لحياة الانسان: حياته وحياة الاخرين ايضا ، بل بسبب تعجرفه هذا ، وبسبب استعماله الاحتكاري جدا للحزن والالم وبالشكل الذي وجده صحيحا لاستغلال احتفالات عاشوراء ليعد الاقدام والمفاصل وسائر الاعضاء التي يحتجزها عنده ، واوراق المساومة في تجارة الدماء التي يصرفها مع المجتمع الاسرائيلي مرة بعد اخرى.

اذا كان عيد عاشوراء يمثل حسب الاعتقاد رسو سفينة نوح على الارض اليابسة بعد انقضاء الطوفان ، ومعجزة شق البحر الاحمر مع الخروج من مصر ، فلا يوجد شيء من كل هذا ولا بالتعريض حتى في اقوال نصرالله ، فهذا الرجل المنفر لن ينقذ احدا من رعب الماء ، ولن يقود احدا الى شاطئ الامان.

وفيما يتصل بنا فسيستمر بان يقيم امامنا تحديات صعبة ، ويرفع في كل مرة من جديد السقف الى اعلى قليلا ، وسيفعل ذلك بالمجتمع الاسرائيلي عامة وعائلات القتلى خاصة ، وسيتحدث اليهم من فوق رؤوس المؤسسة الامنية ، وسيزرع الخوف والاسف عند اولئك الذين يعلمون والذين لا يعلمون ، واولئك الذين لا يعلموا البتة بان الاقوال التي قالها موجهة اليه ام لا ، انه تحد صعب لمتخذي القرارات ايضاً ويبدو انه سيستمر في المفاجأة ، انه ذكي شرير مع مفاجئات يستلها من كمه بعد يوم من توقيع اتفاق معه ، اي اتفاق كان ، ويمكن انه ضمن هذه الصعوبة الكبيرة ، فأن الشيء الوحيد الذي يمكن ان نقوله هو ان الحياة تسبق الموت دائما ، وهكذا يجب ان يكون ، وهذا ما يجب ان يقول ، وما يجب ان يفعل ، وفي نهاية الامر لا يمكن ان يملي هذا الشخص نهج حياتنا.

مصادر
يديعوت أحرنوت (الدولة العبرية)