ويلاه، كم كانت مؤثرة أوصاف رئيس حكومتنا الحائر في وسائل الاعلام. كم كانت أوصاف اولمرت تمس شغاف القلب في لحظاته الصعبة في حرب لبنان الثانية. كم من الشفقة والحكمة يوجدان في هذا الرجل لم نعرفهما أنا وكثير من زملائي. ان من لا يحظي بالاحتكاك برئيس الحكومة، كما يبدو يخسر وجهه الانساني. هذه اضاعة فرصة فظيعة.

قرأت، وسمعت وامتلأ قلبي فخراً: فلدينا رئيس حكومة مفكر ومتزنٌ وحذرٌ، ولا سيما حساسيته تجاه حياة الانسان. آسف لأننا سببنا له معاناة كهذه في الحرب. لدينا رئيس حكومة فكر في الأرامل، وفي اليتامي وفي الآباء الثاكلين قبل ان يتخذ جميع القرارات المصيرية. ولدينا زعيمٌ فعل كل شيء كي لا يخطئ لا سمح الله، وفي ضمن ذلك استدعاء استطلاعات الرأي العام في منتصف الحرب، لأن هذه الدولة ببساطة عزيزة عليه. لقد أراد في الحصيلة العامة ان يعلم كيف يفكر الشعب فيه.

وفي الحقيقة، علي حسب حملة ديوان اولمرت الاعلامية، لم يستقر رأي رئيس الحكومة علي توسيع الحرب، بابتهاج. فقد حار جداً. لم يفعل ذلك بابتهاج بعد اتمام المسودة الاولي لاتفاق وقف اطلاق النار. لقد حار مرة اخري. ولم يجز بفرح لرئيس الاركان ادخال آلاف الجنود في لبنان عندما كان قد أصبح يعلم بأن مسودة اتفاق وقف اطلاق النار قد عدلت واجيزت. لقد تعذب. واعتزل متخلياً بنفسه. وقضم اظفاره. وفي تلك الساعات التي ترهق الاعصاب كان من زعم انه رآه حتي مع الدموع في عينيه.

اهتم اولمرت بتقدير الجهات الفنية بقضية عدد القتلي، واصيب بالقشعريرة بيقين للجواب ودفع الي وضع مشابه عندما سأله شاؤول موفاز بصراحة ماذا ستقول للارامل؟ لقد سمع، واصغي وفهم ـ ومع كل ذلك خضع للجيش. قالوا له كف عن اطلاق النار، واهرب من هذا، وابق قوات المشاة والمدرعات في البلاد، لكن اولمرت الحساس اصر علي انهاء الحرب بإنجاز ما. وقرر: يجب الوصول الي عمق ارض العدو، ورفع الاعلام، وان نصرخ انتصرنا وان نعيد القوات الي البيت. بعضهم اصحاء سالمين ـ وبعضهم كما كان يمكن التقدير في توابيت الموتي. كان ثمن الخضوع لضغوط الجيش باهظا: 33 ضحية، ومئات الجرحي وارامل ويتامي ـ أُناس فقدوا في تلك الايام الثلاثة الفظيعة عالمهم كله. زعيمٌ واحدٌ فقط قلبه من الحجر لم ينهض من كرسيه، ولم يطلب العفو ولم يمض الي بيته مثل وزير الدفاع ورئيس الاركان.

كان ثمة من اعتقدوا ان ايهود باراك علي الاقل سيصحو من غفلته وسيري ازاء ناظريه حروب الضباط، ويحذر من انحلال الجيش ويدعو القائد الفاشل قائلاً امض بسلام. اتركنا وادعين. كف عن التضحية بدولة كاملة علي مذبح كرسيك.

ما يزال باراك لم يفعل ذلك، وقد يكون ذلك لأن وزيري ريحه وصلصلته، بوغي هيرتسوغ وفؤاد بن اليعازر يمرّرون حياته. فهرتسوغ قلق جداً من التواءات باراك ـ اي من امكان ان يصغي باراك الي ما يقول الشعب ـ ويحتج لذلك باهتمامه باستقرار الحكم في الدولة. لا باستقرار كرسيه في الحكومة، لا سمح الله.

وبن اليعازر من جهته حطم في هذا الاسبوع رقما قياسيا جديدا، فقد غرس في افراد حركات الاحتجاج آمالا باطلة. لقد وعدهم انه اذا كان تقرير لجنة فينوغراد شديداً فسيطالب حزب العمل باستقالة رئيس الحكومة. سيطلب اليه ان يعيد المفاتيح.

بصق فؤاد في وجوه افراد حركات الاحتجاج. فماذا يعني اذا كان التقرير النهائي شديداً ـ الم يكن التقرير الاول الذي نشر شديداً؟ الم يصرخ الي السماء؟ ألم تقرر حتي اللجنة التي اختارها اولمرت لنفسه انه فشل، فشل، فشل، ومرة اخري فشل؟ ألم تقرر ان هذا التقرير جزء لا ينفصل من التقرير النهائي؟

ما الذي يمنع اذن وزراء العمل من الوقوف لمساندة الاستقامة العامة، في حين اصبح معلوماً ان درجة فاشلٍ هي جزء من التقرير النهائي؟ لماذا يُكذب الاباء الثاكلون، ويُضللون ويُخوف الجمهور ببيبي كثيراً؟ لماذا اصبحت تسيبي ليفني غير حسنة فجأة؟ أهي اقل جدية واتزانا؟

يعلم باراك ورفاقه انه لا يحل لشخص كهذا ان يرأس الحكومة ومع كل ذلك يواصلون الدفاع عنه. انهم يتجاهلون الحقيقة المقلقة الآتية وهي انه لأول مرة منذ اقامة الدولة تدافع الكنيست ووسائل الاعلام عن رئيس حكومة فاشل بخلاف رأي اكثر الجمهور. وهما كأنما تشبكان الايدي دفاعاً عن الفشل. هذا خطرٌ. يحسن بوزير الدفاع ان يفكر في هذا.

مصادر
يديعوت أحرنوت (الدولة العبرية)