إدارة بوش غير راغبة في الضغط على حكومة أولمرت
بالتزامن مع صدور تقرير فينوغراد

انتظر الاميركيون ربما اكثر من الاسرائيليين تقرير لجنة فينوغراد عن الحرب على لبنان في تموز 2006 باعتبار ان مصير حكومة ايهود اولمرت على المحك نتيجة هذا التقرير الذي قد يطيحها في حين ان بقاءها يكتسب اهمية كبيرة على رغم الضعف الذي تعانيه الحكومة الاسرائيلية منذ ما بعد هذه الحرب تحديدا. وما يهم الاميركيين، بحسب ديبلوماسيين في واشنطن لم يخفوا انتظارهم ومواكبتهم لهذا التقرير، ان بقاء اولمرت مهم وضروري على الاقل بالنسبة الى واشنطن في المدى المنظور المرتبط الى حد كبير في هذه المرحلة تحديدا بالمبادرة التي اطلقتها ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش في السنة الاخيرة من ولايته، وذلك من اجل معاودة المفاوضات الاسرائيلية – الفلسطينية سعيا الى نتيجة قبل نهاية هذه الولاية اواخر السنة الجارية. فحين يتم الحديث عن خلف لاولمرت يعود رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو الى الواجهة، واي انتخابات مبكرة في اسرائيل في المرحلة الحالية ستطيح كل الجهد الاميركي.
هذه المعطيات برزت على نحو خاص لدى استيضاح مسؤولين لبنانيين مسؤولين اميركيين عن عدم مساهمة بلادهم في تنفيذ القرار 1701 المتعلق باستعادة مزارع شبعا من اسرائيل ووضعها تحت الوصاية الدولية تمهيدا لإعادتها الى لبنان لاحقا. ومع ان ثمة اسبابا متعددة تساق في هذا الاطار فان احد الاسباب الاقليمية البارزة يتعلق بان ادارة بوش يتعذر عليها الضغط بقوة على حكومة اولمرت في المرحلة الحالية نتيجة الضعف الذي تعانيه، ومن الصعب تصور ضغط اميركي في غير اوانه، وخصوصا ان اولمرت سيعجز عن تلبية هذا الطلب وسيجد احراجا لتلبيته امام الرأي العام الاسرائيلي. وهناك اسباب لبنانية اخرى تتصل بعدم الضغط الاميركي على اسرائيل في هذه المرحلة تتعلق بما يعتبره الاميركيون التزاما من لبنان الرسمي لكل ما نص عليه القرار 1701 الذي لم ينفذ في مجمل بنوده حتى الآن من ضبط تهريب الاسلحة عبر الحدود لاطراف لبنانيين وما الى ذلك، الا ان ذلك لا يوفر الاسباب الاقليمية المتعلقة باسرائيل تحديدا.
وثمة مصادر ديبلوماسية تعتقد ان هناك مشكلة لدى الاميركيين ايضا تتصل بعدم قدرتهم، أقله في موضوع مزارع شبعا الذي يهم لبنان، على حمل بطيختين في وقت واحد، أي حل المسألة الفلسطينية وموضوع مزارع شبعا، فضلا عن ان المحافظة على أولمرت، وإن ضعيفا، تؤمن عدم سقوط المشروع الاميركي اللفظي والمتعلق بقيام دولة فلسطينية هذه السنة. والقول بأنه مشروع لفظي يتصل في الواقع بالاتجاهات داخل الادارة الاميركية التي تجعل من وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس تحمل وحدها تقريبا وزر التوصل الى حل للمسألة الفلسطينية سنة 2008 اي قبل نهاية ولاية بوش لتخرج ادارته بأمر ايجابي يمكن ان يعوض ما حصل في المنطقة نتيجة الحرب على العراق في ولايتين للرئيس الاميركي الحالي.
بعض المراقبين الديبلوماسيين توقفوا طويلا عند العجز الذي يواجهه مجلس الامن في الاتفاق على مشروع قرار يتصل بغزة مثلا، بينما تتحدث وسائل الاعلام عن فشل تلو الفشل في التوصل الى نص واحد، علما ان موضوع غزة أخذ أبعادا خطرة على أكثر من صعيد. فأي ادانة لاسرائيل ولحكومة أولمرت في نص دولي في هذه المرحلة كانت ستتزامن حكما مع تقرير فينوغراد، علما ان الولايات المتحدة هي بالمرصاد لمثل هذه الادانة المحتملة ولن تسمح بها في أي حال، ولكن بدا أن الولايات المتحدة عرقلت صدور قرار في هذا الشأن مستخدمة "الفيتو" الذي يمكن ان تنضم اليه دول أخرى.
وترقب المراقبون الديبلوماسيون المعنيون تقرير فينوغراد من زاوية تأثيره لبنانيا واحتمال أن يعيد تأجيج الجدل الداخلي حول الحرب التي كان "حزب الله" طرفا أساسيا فيها وانقسم اللبنانيون عليها بعد انتهائها نتيجة الاتهامات بالتقصير أو التواطؤ او برمي لبنان في حمى الحرب من دون ارادة أبنائه، علما ان الجدل الذي نشأ على الاثر لم يؤد الى انعكاسات لبنانية محلية فحسب، بل أدى كذلك الى انقسام عربي حاد لا يزال يرخي بثقله على علاقات بعض الدول العربية في ما بينها كما على لبنان نفسه من حيث تزكية الخلافات العربية للخلافات اللبنانية وتسعيرها أكثر. وبعض هؤلاء المراقبين لا يستبعد عودة الموضوع الى واجهة السجالات اللبنانية، خصوصا في ظل احتدام بلغ أوجه في الايام الاخيرة ميدانيا، في وقت لم يفلح الوزراء العرب الذين اجتمعوا في القاهرة في 27 الشهر الجاري في التوصل الى حل لخلافاتهم أقله، وكذلك لخلافات اللبنانيين.

مصادر
النهار (لبنان)