شاؤول افيغدور كبير مساعدي دافيد بن غوريون للشؤون الاستخبارية جاء ليبلغ رئيس الوزراء ووزير الجيش في أحد ايام تشرين الاول 1949. "أُرسل درزي الى المثلث (الضفة)، امسك واعدم"، سجل بن غوريون. "زوجته تطلب مساعدة". فأمر بمعاملة عائلة الجاسوس من دالية الكرمل، "وكأنه كان يهوديا وينبغي منح زوجته ما لا يقل عن 300 ليرة اسرائيلية".
مرت سنوات، وفي صيف 1982 التقى وزير الجيش ارئيل شارون مع بشير الجميل. واعلن رئيس الكتائب بانه قريب سحق زعيم الدروز في لبنان، خصمه وليد جنبلاط. وكان لشارون والجنتلمان، الذي يكن العداء لسوريا لقتلها أبيه، اصدقاء مشتركون، بينهم رئيس الموساد اليوم مئير دغان، ولكن الجميل تبجح بان المجموعة الصاعدة في الطائفة الدرزية هي حليفته، عائلة يزبك. وطالب قائلا: "اخرجوا دروزكم". فاستسلم شارون ووعد بان يبعد ضباط الجيش الاسرائيلي من اصل درزي عن مناطق الاحتكاك بين المسيحيين والدروز.
احداث البقيعة في تشرين الاول من العام الماضي لا ينبغي نزعها عن هذه الخلفية المعقدة لعلاقات اسرائيل مع الدروز - جيرانها، مواطنيها ولابسي البزات عندها. في الاسبوع الماضي قررت لجنة الفحص الشرطية بان هذه كانت "احداث عنف واخلال بالنظام العام من جانب شبان دروز خارقين للقانون ضد سكان يهود وضد شرطة جاءوا لحمايتهم وحماية املاكهم"، ولكن ايضا "مصادرهم اكثر عمقا، اجتماعيا - وطنيا، تتعلق بجوانب ذات أهمية في المجتمع الاسرائيلي".
واحد من كل 12 شرطي هو درزي، ولكن في كل سنوات الدولة والشرطة الستين وصل شرطي درزي واحد فقط الى رتبة لواء - حسين فارس، رئيس قسم اللوجستيكا في القيادة القطرية (للمرة الثانية)، والقائد السابق لحرس الحدود. في مصلحة السجون تمثيل أكثر نزاهة: واحد من كل ستة سجانين، واحد من كل ستة عقداء سجون.
فارس، من سكان الجليل، ضابط قديم وخبير في الواقع الاقليمي، تطلع علنا لان يعين قائدا للواء الشمالي. المفتش العام الجديد، الفريق شرطة دودي كوهن، لم يرغب فيه. وقد فضل ان يرفع وان يبعث الى الشمال في منصبه الاول كلواء ضابط آخر: شمعون كورن. في اعقاب احداث البقيعة وقف كوهن دفاعا عن كورن، وفي واقع الامر دفاعا عن قراره بتعيين كورن.
وعلى رأس عشرة اعضاء لجنة الفحص، ضباط في الخدمة الناشطة من رتبة رائد حتى عميد شرطة، وقف اللواء دافيد كراوزه. التوصيات الشخصية عنيت اساسا بمسؤولية القادة. وخاطرت لجنة كراوزه باغضاب كورن، المسؤول ضمن آخرين عن أحد اعضائها، قائد محطة حيفا. وكتبت اللجنة تقول: "أخل" في جوانب مختلفة من تنفيذ مهامه في أثناء قيادته للحملة وكانت له مسؤولية عامة عن الحملة بفضل منصبه ومسؤوليته المباشرة عن ادارة الازمات واتخاذ القرارات الجوهرية من لحظة وصوله الى الساحة وتولي القيادة على الحملة". وكلفت الجسارة لجنة كراوزه صفعة. كوهن رفض الاستنتاج، اكتفى بـ "ملاحظة قيادية"، لكورن وقضى بان مسؤوليته لم تكن مباشرة بل فقط "قيادية". كروازه وكورن، الفاحص والمفحوص، سيواصلان الجلوس جنبا الى جنب في مداولات طاقم القيادة.
الشرطة تعلمت من الجيش: اذا كان رئيس الاركان درج على قطع رؤوس قادة الفرق وحماية الوية القيادات التي بينه وبينهم - فان المفتش العام يتنازل لقائد اللواء وينحي قائد المنطقة، العميد نير مرياش، حتى قبل التوصية الملمحة ولكن الواضحة من لجنة كراوزه.
مرياش قريب من سن التسريح. قرار كوهن وضع حد لمساره القيادي ونقله الى منصب يتناسب مع مؤهلاته، رئيس الادارة التكنولوجية في القيادة القطرية، لم يكن تعسفيا. فاختطاف شرطية على يد ملثمين، في ظل خطر حقيقي على حياتها وكورقة مساومة لتحرير معتقلين - ليس خللا محتملا.
غير أن تنحية مرياش اكثر اقناعا من ابقاء كورن. فان كان وجود قائد كبير في حدث ما - على نحو يشبه وجود رئيس الاركان، قائد المنطقة العسكري وقائد الفرقة في قبر يوسف في تشرين الاول 2000 - لا يجتذب اليه المسؤولية من القائد المباشر، الذي يصبح في لحظة صغيرا، فلا معنى لوصول القيادات الى الميدان. كمراقبين ومستشارين، من الافضل لهم أن يلتصقوا بشاشات الرقابة.
في ثلاثة من الالوية الستة - القدس، تل ابيب والوسط - السكان مدينيون في اساسهم، والجريمة عادية وان كانت خطيرة ايضا. لواء "شاي" يتميز بالمستوطنين ولكن في الشمال وفي الجنوب على نحو خاص مطلوبة حكمة الحياة، فهم للدقائق، حوار مع الزعامات المحلية ومعرفة الخليط اللازم من الحزم والتعايش.