حتما فإن الإدارة الأمريكية ليست مطمأنة بعد أحداث بيروت، ليس فقط لأن زيارة الرئيس جورج بوش ستأتي بعد أيام على إيقاع أحداث مقلقة، أو وسط إرباك لمجموع حلفائها في المنطقة، بل أيضا لأن إستراتيجيتها أوجدت أزمات متلاحقة دون أن تستطع إيجاد مخرج واضح لها، علما ان بوش اعتبر أن حكومة السينيورة "خطا أحمر"، فهل سيصبح الخط الأحمر بشأن الإرهاب يقارب مثيله في لبنان.

وبعيدا عن المعلومات السياسية أو الجدل الإعلامي العنيف فإن "الإرهاب" كان بطلا في ساحات التصريحات الدولية... وحزب الله بالنسبة للخارجية الأمريكية أخطر المنظمات الإرهابية، والرئيس اللبناني أمين الجميل اعتبر من لبنان أن ما يحدث هو مقدمة لظهور خلايا القاعدة في لبنان حسب معلوماته!!! علما أن الغطاء الإعلامي لـ"الموالاة" يعاكس أي معلومات حول القاعدة لأنهم رسموا تعاملهم على أساس "الحرب المذهبية".

ما حدث خلال إدارة بوش أن الإرهاب لم يعد بطلا في خلق الخوف، بل أيضا في اختلاق عالم ينظر إلى ذاته على أساس "الذعر" ويركب سياسته في مساحة مختلقة من "المعلومات" التي تستطيع أن تفرض "الطوارئ" فجأة في إحدى مطارات العالم دون أن نعرف نوعية "الخطر" أو حتى ارتباطه بصورة الإرهاب التي تتناقلها الإدارة الأمريكية.

وربما الأخطر هو تقديم سياق سياسي يجعل من الإرهاب منطقة رمادية تدخل إليها الدول وتخرج، تماما كما حدث لحزب الله الذي ارتسم في مساحة "النظام العربي" على أنه "حالة خاصة" لها شكل مذهبي، و "حماس" أيضا بدت على الخارطة في نفس الصورة، رغم التناقض الصارخ في "المذهب" على الأقل بين الجانبين!!!

حتى اللحظة لا نعرف أي مخرج نظري لنوعية "تهمة" الإرهاب والراديكالية كما تشكلت في الوعي السياسي الحالي، أو أقله في الخطاب الإعلامي العربي تحديدا، ورغم أن الإدارة الأمريكية تنتقل من أزمة إلى أخرى في الشرق الأوسط، لكننا لم نستطع داخل خطابنا السياسي أن نعيد رسم تحركها بشكل واضح.

الخطاب العربي المعارض يتذرع بفساد الأنظمة العربية، لكن هذا الخطاب بذاته لم يؤسس لحالة جديدة في نظرته لما يحدث يوميا عبر الإدارة الأمريكية، وربما هو مطالب اليوم أن يعيد التفكير بحجم المخاطر التي خلفتها "إخفاقات" السياسة الأمريكية، لأنها على ما يبدو لم تستطع أن تحقق نجاحات لكنها اخترقت "أمننا الاجتماعي" في أكثر من مكان.