اعترف رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون أمس باستحالة تحقيق ما أسماه «الحلم اليهودي» بإسرائيل الكبرى على كامل التراب الفلسطيني، مؤكداً ان الهدف من خطة الانسحاب من قطاع غزة هو تعزيز الاستيطان في الضفة الغربية.

ومع بدء العد العكسي للانسحاب المتوقع في أغسطس ذكرت تقارير إسرائيلية ان واشنطن تدرس مكافأة إسرائيل على خطتها بمليار دولار، فيما أعلنت السلطة الفلسطينية أمس حالة الطواريء حتى إتمام عملية الفصل في شمال الضفة إلى جانب غزة التي تستعد قيادات فلسطينية بارزة للعودة إليها.

وفي خطاب ألقاه أمس أمام مؤتمر للوكالة اليهودية في القدس المحتلة، قال شارون ان «الانسحاب من غزة صعب ومؤلم لجميعنا ولذلك من المهم اجتياز هذه العملية موحدين، وأنا أحذر الجميع من الأقلية الصغيرة والمشاغبة التي تستخدم القوة ضد جنود الجيش وسلطات القانون». وأضاف ان «السلوك الهمجي للمستوطنين يمثل تهديداً للديمقراطية الإسرائيلية وسيتم سحقه». وتابع ان «الانسحاب هو أفضل وسيلة لصيانة أمن إسرائيل في المستقبل».

وكان رئيس الأركان الإسرائيلي دان حلوتس تلقى أخيراً رسالة تهديد مجهولة تهدد باستهداف أسرته ان أعطى أوامر بالانسحاب من غزة بحسب ما ذكرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أمس. وقال شارون في كلمته ان «الهدف الصهيوني المتمثل في إنشاء وطن لليهود لم يستند فقط إلى الهجرة بل إلى إنشاء حدود واقعية لأغلبية يهودية».

وأضاف انه: «من الواضح أنه ليس لدينا المقدرة على ضمان أغلبية يهودية في كل مكان». واعترف بأن: «إسرائيل تملك المقدرة على تحقيق أجزاء كبيرة من حلمها، لكن ليس الحلم كله، وأن هذا هو ما دفعه إلى تنفيذ خطة الانسحاب»، وشدد على ان «إسرائيل ستتمسك بالمناطق الأكثر أهمية لضمان وجودنا بما في ذلك مستوطنات أكبر كثيراً في الضفة والقدس».

وأكد توجيه الموارد لتعزيز الاستيطان في الضفة، معتبرا الكتل الاستيطانية فيها من «المناطق الاستراتيجية الحيوية لإسرائيل» في وقت كانت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية تتحدث أمس عن ان واشنطن تدرس منح إسرائيل مليار دولار كمكافأة على الانسحاب.

ومع اقتراب الانسحاب المتوقع في أغسطس المقبل، اعلن رئيس الوزراء الفلسطيني احمد قريع أمس الثلاثاء عن وضع الحكومة الفلسطينية في «حالة طواريء» إلى ان تتم عملية «الفصل الأحادي»، معتبرا الهدف من وراء ذلك هو ضمان «انسحاب هادئ ومنظم حتى تكون خطوة الانسحاب رافعة حقيقية تؤدي إلى نيل حقوقنا الوطنية وكسب العالم إلى جانبنا».

ودعا قريع جميع القوى والفصائل الفلسطينية إلى المشاركة في الإشراف والتحضير لعملية الانسحاب مشيرا إلى انه «لا مانع» لدى السلطة الفلسطينية من تشكيل «حكومة وحدة وطنية للإشراف على الانسحاب ان أرادوا» في إشارة إلى الفصائل الفلسطينية.

وفي موازاة التحضير للانسحاب ذكرت مصادر فلسطينية ان عددا من أبرز القيادات الفلسطينية في الخارج والداخل على السواء بدأوا الاستعداد لشد الرحال إلى القطاع بعد الانسحاب الإسرائيلي.

وقال مسؤولون في حركتي التحرير الوطني «فتح» والمقاومة الإسلامية «حماس» إن عدداً من أبرز قيادات الحركتين سيتحركون إلى غزة فور جلاء إسرائيل عنها وحال سيطرة الفلسطينيين على معبر رفح على الحدود مع مصر، ومن هؤلاء أمين سر اللجنة المركزية لـ «فتح» فاروق قدومي وأعضاء اللجنة المقيمون في الخارج والذين رفضوا دخول الأراضي الفلسطينية وهي تحت الاحتلال.

ومن «حماس» سيأتي للقطاع نائب رئيس المكتب السياسي موسى أبو مرزوق وآخرون، ولم تستبعد مصادر في الحركة أن يعود للقطاع خالد مشعل رئيس مكتبها السياسي الذي ينحدر من قرية سلواد في الضفة الغربية.

وأكدت مصادر مقربة من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (ابو مازن) بأنه سيخصص وقتاً أطول للإقامة في مدينة غزة بغرض الإشراف على إدارة القطاع بعد الاحتلال علماً أن ابو مازن يمتلك بيتاً في المدينة.

ويرى مراقبون أن قطاع غزة سيتحول إلى المركز الفلسطيني في الفترة المقبلة فيما ستحتل الضفة مكانة الطرف. وثمة من قيادات «فتح» في غزة من يؤيد هذا التوجه وفي مقدمتهم وزير الشؤون المدنية محمد دحلان.

وتثير المكانة الجديدة للقطاع قلقاً فلسطينياً من أن يتحول هذا الشريط الساحلي الصغير «360 كيلومترا مربعاً» تدريجياً إلى الدولة الفلسطينية المستقلة فيما تبتلع إسرائيل نحو نصف الضفة وتلحق الباقي بالإدارة الفلسطينية في القطاع.

مصادر
البيان (الإمارات العربية المتحدة)