توقع البروفسور أفرايم عنبار استاذ العلوم السياسية في جامعة بارإيلان ومدير مركز السادات - بيغن للدراسات الاستراتيجية أن يؤدي انسحاب اسرائيل من غزة الى سيطرة الفوضى في الاراضي الفلسطينية. وكتب امس في “هآرتس” «يتوقع جزء كبير من المجتمع الدولي ان يؤدي الانسحاب من قطاع غزة الى عودة الاسرائيليين والفلسطينيين الى مسار خريطة الطريق، بالاضافة الى اعتبار رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الزعيم القادر على وضع حد للعنف الفلسطيني وتحقيق الاصلاحات داخله واتخاذ القرارات في شأن التسويات المطلوبة من اجل التوصل الى اتفاق مع اسرائيل.

امر لا يصدق ان الديبلوماسيين والاعلاميين يرفضون الاعتراف بالحقيقة السائدة في السلطة الفلسطينية. يبدو انهم غير مستعدين لاستيعاب الاخبار السيئة المتعلقة باخفاق عباس في تنفيذ مهمته. ويمكننا ان نضيف ان الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة سيزيد من التوجهات التقسيمية في المجتمع الفلسطيني وسيحدث انهياراً جديداً فيه وسيحوله مجتمعا معرضا الى المزيد من العنف واقل استعداداً للتوصل الى سلام مع اسرائيل.

للأسف الشديد ليس في إمكان عباس تجاوز الإرث السياسي لياسر عرفات. فالسلطة الفلسطينية التي اقامها عرفات فاسدة، كان يسيطر عليها مستخدماً تكتيك “فرّق تسد”. فلقد سمح بالمنافسة بين القادة والفصائل المختلفة. كما دافع عن وجود الميليشيات، وجعل نفسه حكماً أعلى يوزع المهمات والرشى. وتدهور مستوى هذه الاجهزة الى حد الفوضى وغياب القانون.

مكانة عباس في نظر الفلسطينيين أقل بكثير من مكانة عرفات، وقد انتخب في كانون الثاني عام 2005 رئيساً للسلطة الفلسطينية بعدما تعهد فرض القانون والنظام، لكنه فضّل استيعاب المسلحين في اجهزة الامن الرسمية فحسب من دون مواجهة العصابات المسلحة، وحقق حتى الآن نجاحاً نسبياً. لكنه أخفق اخفاقا ذريعاً عندما حاول القيام بإصلاحات في اجهزة الامن وتعيين ضباط جدد موثوق بهم. والفوضى استمرت كما يمكن ان نرى بوضوح في الهجمات الاخيرة على الموظفين الاداريين في السلطة وعلى المدنيين.

وفي المفاوضات التي اجراها مع قسم من الميليشيات في آذار الماضي نجح عباس في التوصل الى وقف هش لإطلاق النار أو الى تهدئة. وانخفض مستوى الارهاب الفلسطيني بصورة واضحة لكن الميليشيات الفلسطينية بما فيها تلك التي وافقت على التهدئة ضاعفت في الاشهر الاخيرة محاولاتها لمهاجمة اهداف اسرائيلية، متحدية بذلك سلطة عباس.

في النهاية، سيضع انسحاب اسرائيل من قطاع غزة محمود عباس والجهاز السياسي الفلسطيني موضع اختبار صعب. ان الاشهر الستة لعباس مخيبة ولا يمكننا افتراض حدوث أي تحسن حقيقي في المستقبل القريب. الانسحاب من غزة سيحول السلطة الفلسطينية مرشحة لدولة فاشلة».

مصادر
النهار (لبنان)