ذات مرة، بعد احدى الجلسات العاصفة لمركز الليكود، والتي هزم فيها رئيس الحكومة ارييل شارون كعادته، اجتمع الرفاق المقربون في غرفة داخلية كي يستخلصوا العبر. "حان الوقت لتغادر الليكود، تقيم حزبا آخر وتكتسح كل الصندوق"، قال لشارون صديقه ايلي لنداو. رئيس الحكومة، حسب شهادة أحد الحاضرين، نظر اليه نظرة ثاقبة، واحدة من تلك النظرات التي يحتفظ بها شارون للحظات عدم الراحة، وبعد ذلك اشار الى الطاولة. "توجد هنا ساندويشات ممتازة"، عرض شارون على لنداو. "ربما تأخذ لك واحداً".

هكذا هو الحال، شارون يتعاطى مع كل من يخرجه من الليكود كعنصر معاد، من المعقول الافتراض ان هذا ما يفكر به تجاه روبي ريفلين، رئيس الكنيست، وتجاه أعضاء الكنيست المتمردين الذين يحاولون الآن اقصاءه عن رئاسة الحركة من خلال عقد مركز الليكود بحيث يفرض تقديم موعد الانتخابات التمهيدية. وكان النائب ايوب قاره، أقام هذا الاسبوع طاقما من أجل هذا الموضوع. "شارون لن يذهب إلى أي مكان. انه يتنافس في الليكود ويبقى في الليكود، حتى لو خسر في الانتخابات التمهيدية"، قال امس مدير عام الليكود، اريك برمي. وبالمناسبة، ينوي اريك برمي، نفسه التنافس على مقعد في الكنيست القادمة في اطار الليكود.

من المعقول الافتراض أيضاً ان الاستطلاعات التي تعد شارون بالانجازات اذا ما تنافس خارج الليكود، مثل الاستطلاع الذي نشر في "معاريف" في نهاية الاسبوع، لا تشجع رئيس الحكومة على الانطلاق نحو مسيرة حياة جديدة. نظرية الانفجار الكبير قد تكون مريحة لايهود اولمرت وحاييم رامون، ولكن شارون يفكر خلاف ذلك. فرئيس الحكومة يعرف كم تساوي ماركة "الليكود" في سوق الانتخابات الاسرائيلية. وفي الجدالات حيال المتمردين ورجال اليمين، يشرح شارون بأنه تمكن من دفع الليكود الى القفز نحو 40 مقعدا، ولكنه هو الآخر يفهم في انه لو كان يقف على رأس قائمة أخرى "شلوم تسيون الجديدة" (سلام صهيون الجديد) لنسميها، فان انجازه كان سيتقلص بضعة اضعاف.

وزير الخارجية سيلفان شالوم، رجل سياسي ذو حواس حادة، قدر مؤخرا بأن شارون سيحث بنفسه على اجراء الانتخابات بعد فك الارتباط. ويقول شالوم ان شارون يعرف بأن الميزانية القادمة لن تقر، وان الحكومة من شأنها ان تسقط وهو يرغب في التحكم بالاجراءات. وسيسعى شارون إلى استغلال الصدمة الاقتصادية بعد تفكيك المستوطنات في غزة، واذا ما ظهرت بوادر هدوء على الارض، وان كان مؤقتاً فان بوسعه ان ينتصر في الانتخابات التمهيدية في الليكود وفي الانتخابات العامة، وان يضمن لنفسه منذ الان ولاية اخرى وطويلة.

شارون يقول انه "لا يوجد شيء اسمه لا يوجد كهذا"، بمعنى ان كل شيء مفتوح. من المريح له ان يعرف خصومه بأنه لديه كل الخيارات، حتى من خارج الليكود، كما ان الاستطلاعات هي الأخرى تثني، ولكن التاريخ لم يفعل خيراً لمن غادر البيت، بمن فيهم شارون نفسه.

مصادر
معاريف (الدولة العبرية)