في صيف 1984 انقسمت إسرائيل الى قسمين على خلفية النقاش الحاد الذي دار حول أهداف الحرب في لبنان وحول عدد القتلى المرتفع. نحو 200 ألف متظاهر يساري يسيرون نحو بوابة فاطمة، فيما تمركز نحو 75 ألف آخرين عند معبر الناقورة، حيث سدوا بأجسادهم المعابر الحدودية، وهم يمنعون منذ أسبوعين دخول قوات الجيش الإسرائيلي الى جنوب لبنان.

هذا الحدث الخيالي لم يحصل على أرض الواقع طبعاً. لكن لو حصل لشكّل هذا الأمر انهياراً للدولة، نهاية للديموقراطية وبداية للفوضى الخطيرة. فحكومة إسرائيل قررت الدخول الى لبنان، وكل مستويات السلطة امتثلت لهذا القرار. والجمهور قبل بهذا القرار، منهم من تقبّله بتفهّم ومنهم من تقبّله بأسف شديد. معارضو هذا القرار احتجّوا، تظاهروا ثم ذهبوا الى بيوتهم. لكن أحداً لم يفكر بتخريب العملية نفسها أو بفرض رأيه بالقوة المادية.

هذا الحكم يجب أن ينطبق علينا أيضاً، نحن معارضو خطة فك الارتباط. الوقت ينفذ والإخلاء على الباب. يبدو أن الأمر قضي وهو غير قابل للتغيير. منذ أكثر من عام ونحن نحارب هذه الخطة الفظيعة. لقد جرّبنا كل شيء تقريباً. لكن للأسف الشديد، يبدو أن كل مساعينا، المناسبة وغير المناسبة، بما في ذلك المظاهرات الضخمة في كفر ميمون وأوفكيم، لم تجد نفعاً. يبدو أن خيانة شارون الإيديولوجية وفساده، حقارة وزرائه، نفاق المحكمة العليا ووسائل الإعلام، وبشكل خاص، لا مبالاة غالبية الجمهور في البلاد تجاه هذه الخطة السيئة، كل هذه الأمور تغلّبت علينا.

لم يبق لدينا الآن سوى وسيلة واحدة، القوة. ربما ما زال في مقدورنا قلب الجرّة رأساً على عقب؛ ربما يكون ممكناً سحق حاجز كيسوفيم وإدخال بضعة آلاف آخرين الى غوش قطيف؛ ربما يكون ممكناً جرّ عشرات عدة من الجنود لرفض الأوامر العسكرية؛ ربما ننجح أكثر، وربما نعرقل التنفيذ لأيام عدة أو لأسابيع عدة. ربما، ربما ما زال ممكناً الانتصار؟

لكن يتعيّن علينا أن نكون صادقين. فمع كل الألم والقلق من نتائج خطة فك الارتباط، إلا أن حكومة إسرائيل والكنيست قررا تنفيذها. هذا قرار قانوني، وهو مرَّ في جميع الإجراءات الديموقراطية. ممنوع إسقاط تنفيذ هذا القرار، لا من خلال رفض الأوامر العسكرية ولا من خلال هذه المناورات الدينية أو تلك، ولا عبر قوة الجموع طبعاً. يجب أن تخرج الخطة الى حيّز التنفيذ في هذه المرحلة الزمنية. صحيح أن هذا الأمر صعب ومؤلم، لكن هذا يجب فعله. لأننا إذا أسقطنا التنفيذ فسنحصل على دولة أسوأ، أعنف ومنقسمة أكثر بأضعاف من الانقسام الذي تجلبه خطة فك الارتباط. علينا التصرف بنضج ومسؤولية.

مصادر
يديعوت أحرنوت (الدولة العبرية)