بالرغم من المظاهرات الكبيرة والسلمية التي نظمت احتجاجا على اخلاء المستوطنات في قطاع غزة وعدة مستوطنات اخرى صغيرة في الضفة الغربية فان الثقة تتنامى بحدوث انسحاب هادىء وسريع وغير مؤلم يتوقع له ان يبدأ في 15 اغسطس الجاري.

ولكن ماذا بعد ذلك؟

مطلوب من قوات السلطة الفلسطينية ان تمنع الجماعات المسلحة من اطلاق النار على الإسرائيليين ونهب ما خلفه الاسرائيليون وراءهم.

هناك الكثير من العوامل التي ساهمت في تدمير الروح المعنوية لقوات الامن الفلسطينية يأتي على رأسها قلة الرواتب المدفوعة لافرادها وتفشي الفساد في السلطة الفلسطينية والسلطات القوية للعائلات المحلية المتنفذة والجماعات المسلحة واستخدام الوظائف لخدمة الغير والاستفادة المتبادلة معهم واخيرا وليس اخيرا تدمير معظم المعدات والمنشآت التابعة للشرطة على يد إسرائيل خلال الانتفاضة الثانية التي انتهت في اوائل هذا العام بعد ان استمرت اربع سنوات.

اضافة إلى تدني الروح المعنوية ‚ تعاني قوات الامن الفلسطينية من قلة الانضباط والترهل والتشرذم وضعف ما تملكه من معدات.

في نفس الوقت نجد ان جماعات اخرى مثل حماس التي لها مصلحة في تقويض السلطة الفلسطينية ومهاجمة اسرائيل تقوى مع مرور الوقت وهي تزداد قوة الى قوة.

تقدم جهة تعرف باسم مبادرة التقييمات الاستراتيجية ــ جماعة لا تعمل من اجل تحقيق الربح ــ المساعدة للسلطة الفلسطينية الى جانب الجنرال ويليام وورد الذي ارسل في الربيع الماضي ايضا من اجل المساعدة في اعادة تشكيل قوات الامن الفلسطينية.

بدأت عملية اصلاح هذه القوات ولكن فك الارتباط يشكل «اختبارا غير عادل» لها‚ إلى اي مدى تصل درجة جاهزية هذه القوات؟

وهل هي مستعدة كما يجب ان تكون؟

يقول الجنرال وورد ردا على مثل هذه التساؤلات «ان القضية هي هل انت تفعل يوميا الاشياء التي تقويك وتقوي قضيتك وتحسن من استعداداتك وجاهزيتك؟ هناك اعمال تتم من اجل ايجاد سلسلة قيادة حقيقية وهناك تدريبات تتم من اجل جعل هذه القوات قادرة على تحمل المزيد من المسؤوليات‚ وهناك توعية واسعة النطاق تتم لكي تقتاد هذه القوات على الانضباط».

المزيد من الضوء القي على تلك القوات في التقرير الذي اعدته تلك المبادرة والمؤلف من 83 صفحة حيث اعطى صورة قاتمة لوضع اجهزة الامن الفلسطينية ولكنه اشار في نفس الوقت الى حصول اتجاهات مشجعة يمكن ان تحسن من صورة تلك القوات وأدائها.

تحاول السلطة الفلسطينية ايجاد قيادة امنية واحدة بدل تلك القيادات الكثيرة التي أوجدها ياسر عرفات.

وتتضمن خطوات الاصلاح وضع معظم تلك القوات تحت سلطة وزير الداخلية نصر يوسف واستبدال معظم القادة القدامى بقادة جدد واقرار قانون التقاعد لكبار الضباط وفتح العديد من غرف العمليات لتحسين اداء تلك القوات.

وتقول مبادرة التقييمات الاستراتيجية ان معظم تلك الاجراءات تم تنفيذها بصورة جزئية كون الهيكلية الادارية لوزارة الداخلية لم تتحسن بعد بصورة جذرية.

الاكثر من ذلك كما تقول مصادر مقربة من السلطة الفلسطينية ان الصراع على السلطة ما يزال مستمرا‚ خاصة من قبل موسى عرفات رئيس الاستخبارات العسكرية السابق ومحمد دحلان الرئيس السابق لجهاز الامن الوقائي الفلسطيني في غزة والذي يشغل الآن منصبا وزاريا في السلطة‚ فكلا الرجلين يحاول الابقاء على ولاء الضباط السابقين الذين عملوا تحت قيادته له دون غيره.

محاولة تجنيد «5» آلاف شرطي جديد لحراسة المستوطنات التي سيتم اخلاؤها انهارت عندما تم استلام حوالي 70 ألف طلب عمل.

سمحت اسرائيل للسلطة الفلسطينية بالحصول على معدات للاتصالات والسترات الواقية من الرصاص ولكنها رفضت السماح لها بالتزود بالبنادق أو الذخيرة أو العربات المصفحة.

وتتخوف اسرائيل من ان يؤدي قلة الانضباط داخل القوات الامنية الفلسطينية الى انتقال تلك الاسلحة لليد الخطأ‚ مثل هذا الشيء ايضا يقوض مقولة اسرائيل التي تشدد على ان قوات السلطة الفلسطينية يجب ان تكون قادرة على فعل المزيد ضد المسلحين لأن عدد وعتاد تلك الجماعات المسلحة يفوق كثيرا ما لدى السلطة.

وتقول مبادرة التقييمات الاستراتيجية ان لدى السلطات من السلاح ما يكفي ربع اولئك المسجلين على قوائم الرواتب‚ ويقول احد المصادر المطلعة ان السلطة لا تمتلك سوى ثلث كمية السلاح المتوافرة في قطاع غزة.

يقول مديرتلك المبادرة السيد تشوبرا «لا احد يعرف ما الذي سيحدث بعد خروج اسرائيل‚ فحماس والجماعات المسلحة الاخرى قد تحافظ على وعودها بعدم اطلاق النار وربما ايضا تحاول خلق المزيد من المشاكل للسلطة‚ كما ان أهالي غزة قد يبقون بعيدين عن المستوطنات التي ستخلى أوربما يقومون على العكس بعمليات نهب جماهيرية واسعة النطاق لها‚ قوات الامن الفلسطينية قد تتمكن من صدهم وقد تنهار والاسوأ من ذلك انها قد توقع اصابات قاتلة في صفوف الساعين للنهب والسلب من الجماهير والضباط قد يطيعون أو لا يطيعون نصر يوسف وزيرالداخلية.

على أية حال لم يعد التركيز الآن ينصب على فيما اذا كانت اسرائيل قادرة على تنفيذ الانسحاب وانما على قدرة السلطة الفلسطينية على التعامل مع الاوضاع الجديدة.

مصادر
الوطن (قطر)