بعد سبات استمر لأربع سنوات ماضية، بدأ بعض السادة من أعضاء مجلس شعبنا بالإعداد للانتخابات القادمة، فنفضوا الغبار عن أدائهم، واستعادوا نشاطهم (الجماهيري) وبدؤوا بالظهور في الأماكن العامة والحفلات الرسمية والخاصة ليعلنوا مرة أخرى عن وجودهم في الساحة السياسية والاقتصادية السورية لتذكير الناخبين من الشعب السوري بهم، بعد أن ارتاحوا من عناء الانتخابات التشريعية السابقة مدة أربع سنوات ليخوضوا معركة انتخابية ثانية يكونون أبطالها ثم يعودون إلى سباتهم، فيغطون في زحمة أعمالهم الشخصية بعد أن يغلقوا المضافات ويودعوا الناخب السوري على أمل اللقاء به في دور تشريعي قادم ليعودوا ويجلدوه ببرامج عمل طنانة ويكسبوا صوته وهكذا إلى اللانهاية..

من ضحك له الحظ واستطاع دخول مبنى مجلس الشعب لابد أن يخبرنا كيف يتغيب بعض أعضاء المجلس عن الجلسات، وكيف لا يشاركون في صنع القرار، وكيف ينسحب بعضهم من قاعة الجلسات خلسة بعد أن يسجل اسمه في سجل الحضور، وإن سأل أحدهم عن السبب أجاب بكل جدية وحس عال بالمسؤولية أن لا فائدة على الأغلب من الحضور، وأن النقاش عقيم، وأن الخلل يقع في نظام المجلس والجلسات، وذلك بعد أن يرسم على وجهه علائم الأسف ويُشعِر محدثه بالتضحيات التي يتكبدها بسبب عضويته للمجلس، فتقفز إلى ذاكرة محدثه صورة الانتخابات الماضية وسعي السيد العضو للفوز فيها مهما كان الثمن، فيكتشف الفرق بين ما يسمع من عضو المجلس وبين ما أسعفته به الذاكرة، فتتنافر الذاكرة مع الواقع.

هل ستتكرر الحالة هذه في الانتخابات القادمة؟ نأمل ألا يكون ذلك، فالمواطن السوري يريد من يمثله (فعلاً) في مجلس الشعب، وأن يحمل آماله وآلامه على محمل الجد، وإلا لما كان شارك بالعملية الانتخابية أصلاً، يريد ممثلاً عنه لا ممثلاً عليه، فالحالة الجماهيرية التي تحدث كل أربع سنوات من هرج ومرج وخطابات وبيانات انتخابية لم تعد تخفى على المواطن السوري الذي يتقهقر وضعه المعاشي يوماً بعد يوم، خاصة وأن مشكلة السوريين الكبرى تكمن في مستوى أوضاعهم المعيشية، تلك الأوضاع التي تزداد حدة باتجاه النزول وليس الصعود، كما هو مفترض، وبعض السادة المعنيين من أعضاء مجلس الشعب تراهم وكأنهم يعيشون في كوكب آخر، وآخر همومهم المواطن.

قد يجد البعض بأننا نقسو على بعض أعضاء السلطة التشريعية إلا أنه حتى يومنا هذا لم نسمع أن أياً من أعضاء مجلس الشعب استطاع التأثير على الحكومة أو الضغط عليها باتجاه تغيير قرار مجحف بحق المواطن، أو إلزامها بحل مشكلة ما أو مطالبتها بتحمل مسؤولية خطأ ما والأمثلة كثيرة على نقول..

نتساءل أحياناً لماذا نمارس حقنا الانتخابي في كل دور تشريعي؟ من أجلنا أم من أجل أن يفوز المرشح؟ وإن فاز المرشح فما الذي يجنيه المواطن من هكذا مرشح يغط أربع سنوات في سباته ويستيقظ بعد انقضائها؟ هل في اختيارنا خطأ ما؟ لا نظن أن اختيار المواطن على خطأ دوماً.. مشكلتنا الحقيقية في أننا لا نعرف شيئاً عن المرشحين لتمثيلنا، وإن عرفنا يكون ما يشاع عنهم معلومات جاءت من مصادر غير دقيقة، وأغلبها ناتج عن إشاعات بين المرشحين أنفسهم تدخل في حيز المعركة الانتخابية.

ومادام الحال كذلك فلماذا لا تلزم الدولة كل مرشح أن ينشر علناً:

1 – سيرته الذاتية، ومسيرة حياته، والإضاءة على إمكاناته العلمية والعملية.

2 – الإعلان عن حجم ما يملكه ومصدره.

3 – إلزامه بالتفرغ نهائياً لمجلس الشعب طيلة فترة ولاية المجلس، ورفع مستوى التعويضات التي يستحقها المرشح بحيث يستطيع أن يحيا حياة كريمة ولائقة ب