لم يحقق أي حزب أو أية قوة سياسية سورية ما تصبو اليه والأسباب واضحة وجلية وهي غياب المناخ الديمقراطي حيث ان النظام لم يتح حتى الآن أي شكل من أشكال الانفتاح او تفعيل أي جزء من المشروع الذي نادى به الرئيس بشار الأسد عند توليه مقاليد السلطة‚ بهده الكلمات بدأ السيد عبدالعزيز المسلط رئيس «حزب النهضة الليبرالي» حديثه الى الوطن.

وقال المسلط ان حزب البعث اصبح حزبا ضعيفا وان ضعفه ناجم عن بقائه قائدا للدولة والمجتمع على عكس ما يقال بأن له قاعدة شعبية مؤيدة.

وابدى رئيس حزب النهضة الليبرالي استغرابه لصدور توصية من حزب البعث باقرار التعددية السياسية في سوريا مع بقاء قضية التشريعات الدستورية والقانونية «مركونة على الرف»‚ مطالبا بدراسة وافية وصياغة جديدة للكثير من مواد الدستور تتعلق بتفعيل الحياة السياسية.

وفيما يتعلق بالضغوط الاميركية على سوريا قال المسلط ان المثلث السياسي الامني والعسكري الاميركي جاد في أي تصريح او خطوة يقوم بها‚ خصوصا عندما يشعر بحرج شديد ازاء مخططاته‚ وقال ان فقدان اميركا لماء وجهها في العراق سوف يدفعها الى رسم مخطط جديد يستهدف بعض الدول المجاورة.

وعبر المسلط عن تشاؤمه فيما يتعلق بمستقبل سوريا مطالبا بالكف عن رفع الشعارات واستعراض القوة الى البحث في قائمة الاولويات التي تتعلق بحياة المواطنين.

وفيما يلي نص الحوار:

-ألا تعتبر توصيات المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث جزءا من الاصلاح المنشود بما في ذلك قانون الأحزاب وتبني نظام اقتصاد السوق الاجتماعي؟

-فيما يتعلق بتوصيات المؤتمر القطري أنا استغرب صدور هذه التوصيات عن مؤتمر حزب البعث‚ لأنني أرى ان حزب البعث أصبح حزبا ضعيفا‚ وأرى ان ضعفه ناجم عن بقائه قائدا للدولة والمجتمع على عكس ما يقال بان له قاعدة شعبية مؤيدة.

سبب واحد هو الذي يمكن ان يعيد أهلية حزب البعث كقوة سياسية فاعلة في المجتمع السوري وهو ان يتم الفصل الحقيقي ما بين قيادته للدولة والمجتمع وان ينزل إلى ساحة المنافسة الديمقراطية في كافة المجالات لذلك نرى ان التوصيات لم تأت بأي جديد والدليل على ذلك ان المؤتمر مضى عليه أكثر من ثلاثة أشهر وحتى الآن لم يتحقق أي شيء من هذه التوصيات.

-لكن المؤتمر أوصى بإقرار قانون أحزاب وهذا سيشرعن عملكم السياسي داخل البلد؟

-استغرب ان تصدر توصية من حزب البعث الحاكم باقرار التعددية السياسية في سوريا وتبقى قضية التشريعات الدستورية والقانونية مركونة على الرف وهي الجهة ذات الاختصاص او ذات الصلة في تشريع العمل السياسي في سوريا اضافة الى بقاء المادة الثامنة من الدستور في موضعها وهذا يتناقض تماما مع كل ما جاء به المؤتمر من توصية بشأن قانون الأحزاب.

-كأنك تقول ان بعض مواد الدستور معطلة او غير مفعلة؟

-العبرة بالنتيجة ولا يمكن ان نضع النتائج قبل أن نرصد المقدمات من المفروض ان يكون هناك دراسة وافية وصياغة جديدة للكثير من مواد الدستور تتعلق بتفعيل الحياة السياسية في سوريا قبل ان يصدر المؤتمر توصية بصدور قانون أحزاب‚ وأعود لأقول ان مؤتمر حزب البعث ليس هو الجهة المخولة باصدار التشريع القانوني والدستوري ففي طبيعة الحال ان قانون الأحزاب هو تشريع دستوري.

- هل ترون ان القيادة السياسية عادت عن قرارها فصل الحزب عن الدولة؟

-لا نعرف تماما الخطوات الحقيقية التي قامت بها الدولة بهذا الخصوص بحيث ابقت كل الأمور معلقة بشكل ضبابي ومعلقة بالطريقة التي يراها الجميع لا تؤدي الى ترتيب الخريطة السياسية في سوريا بشكل يعيد توازنات المعادلة السياسية.

-لستم الحزب الليبرالي الوحيد في سوريا فقد تم تشكيل احزاب ليبرالية سورية في الداخل والخارج كحزب الاصلاح «فريد الغادري» والتجمع الليبرالي الديمقراطي «كمال اللبواني» وغيرهما‚ برأيكم هل هناك مستقبل للأحزاب الليبرالية في سوريا؟

-المناخ الدولي الجديد هو مناخ ليبرالي‚ وسوريا جزء من هذا المناخ وبالتالي سوريا مقبلة على مناخ ليبرالي حقيقي وليس مناخا ليبراليا اصطناعيا كثير من القوى السياسية في سوريا‚ ليبراليتها جاءت بولادة قيصرية‚ وأيضا هنالك البعض من القوى الليبرالية السورية التي تؤمن تماما بالتراث العالمي لليبرالية حيث ان الليبرالية هي تراث عالمي‚ وهي ليست حكرا على دولة أو فئة أو على حزب‚ هنالك قوى سياسية في سوريا تعمل بجد على ابراز خطاب ليبرالي متجدد‚ وهنالك قوى أخرى تعيش عالة على أي ثقافة وليس على الليبرالية فقط.

أما بعض القوى الخارجية السورية فلديها ثقافة واحدة وهي ثقافة الارتزاق السياسي والمتاجرة تحت كل المسميات لتحقيق مصالح شخصية. لكن احب ان انوه على قضية معينة وهي انه ليس من حق أحد ان يخون الآخر‚ بمعنى انه ليس كل من يعمل في المعارضة السورية في الخارج هو خائن‚ وليس كل من يعمل بالموالاة في الداخل هو وطني وشريف.

-هل لديكم علاقات حزبية أو فكرية مع حزب الاصلاح الذي يرأسه فريد الغادري؟

-لا يوجد أي علاقة أو معرفة بفريد الغادري‚ فريد الغادري له «مشروعه» الخاص الذي اعتقد انه لا يناسبني وعبدالعزيز المسلط له مشروعه القائم على التوازن والمساواة.

- الإدارة الأميركية ممثلة بريتشارد بيرل عقدت لقاء مع أعضاء المجلس الوطني السوري المعارض وسمعنا بعدها عن خلافات بين أعضاء هذا المجلس برأيكم هل هذا المجلس قادر على فعل أي شيء في الداخل السوري وهل يحظى بدعم اميركي حقيقي؟

-أولا أميركا لم تقم بدعم أو دعوة أي تنظيم او قوة سياسية سورية في الخارج وتشكيل المجلس الوطني جاء بدعوة من بعض الشخصيات السورية المعارضة في الخارج من مستقلين او مسيسين ولا أعرف تماما الدوافع وراء انشاء هذا المجلس سوى انها دعوة منهم الى التغيير في سوريا‚ ولكن ما هو مفهوم التغيير لديهم هل هو تغيير النظام‚ او تغيير بمعنى الانتقال بالمجتمع السوري الى مجتمع ديمقراطي هذا الأمر كان غائما بالنسبة لهم.

-لكن فريد الغادري رئيس حزب الاصلاح كان واضحا في مطالبته بتغيير النظام في سوريا وبدعم أميركي على غرار ما جرى في العراق؟

- حسب ما سمعت ان الغادري انسحب قبل ان يعقد الاجتماع بسبب الخلافات بينه وبين اعضاء المجلس حول موضوع ماهية التغيير وطبيعته في سوريا وأيضا فإن الغادري كان يطمح لترؤس هذا المجلس وقوبل بالرفض من قبل الجميع إلا ان هذا المجلس إذا قيم بالمعايير الأساسية كمشروع وكتنظيم نجد انه يفتقد الى برنامج واضح والى خطة عمل‚ وبالتالي لم يستطع تحديد التغيير الذي يطمح له هذا المجلس‚ وللعلم فإن ريتشارد بيرل لا ينتمي الى أي مؤسسة رسمية في أميركا‚ وبالتالي هو خارج دائرة صناعة الحدث في القرار الرسمي الأميركي.

- لكن الضغوط الأميركية على سوريا مستمرة والبعض ربما لاحظ تذبذبا في القرارات الأميركية فلا اعتقد ان احدا يفكر اليوم ان اميركا قد تقدم على خطوة مغامرة كما فعلت في العراق وان ما يحدث من تصريحات هو فقط للتضييق على سوريا وحشرها في زاوية؟

ــ المثلث السياسي الأمني العسكري الأميركي جاد في أي تصريح او خطوة يقوم بها خصوصا عندما يشعر بحرج شديد إزاء مخططاته وبطبيعة الحال أميركا لم تفقد هيبتها في حال اخفقت في العراق ولكنها سوف تنقذ ماء وجهها إزاء المجتمع الدولي والشعب الأميركي وبالتالي أميركا تستخدم النظرية التاريخية في منطق القوة خصوصا انها قادرة على خلق الأزمات ولكنها عاجزة عن ادارتها وفي حال وصل الأمر في العراق الى فقدان أميركا لماء وجهها بالكامل فسوف تلجأ الى رسم مخطط جديد يستهدف بعض الدول المجاورة وهذه سياسة معهودة في أميركا هدفها الأساسي هو التقسيم وهذه الارادة ليست ارادة اميركية فحسب بل ارادة دول كبرى تضاف اليها ارادة اسرائيلية كبداية لمشروع «الشرق الأوسط الجديد» الذي نادى به شمعون بيريز وهو بالأساس مشروع ذو كنه وطبيعة سياسية بحتة على عكس مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي نادى به المحافظون الجدد في أميركا وبالتالي فإن التقاء المصالح بين المشروعين جعلهما يسيران باتجاه واحد ويعملان معا على تمرير المخططات الخارجية‚ في فرنسا منذ حوالي سنتين صرحت تصريحا صحفيا لقناة cbs واحدى الصحف اللبنانية قلت فيه ان هناك مشروع قرار يطبخ في الأروقة الغربية يؤسس لخريطة طريق خاصة بسوريا ولبنان وبالتالي هو مدخل لاقامة «مشروعي الشرق الأوسط الكبير والجديد».

ـــ هل تقصد القرار 1559؟

-لم يصدر أي قرار بعده يخص سوريا ولبنان.

-على ماذا اعتمدت في هذا التصريح؟

-اعتمدت على قراءتي السياسية وتحليلي التاريخي للأحداث وعلى تأسيس رؤية موضوعية مفادها ان تحقيق المشاريع الغربية الكبرى ذات الصبغة السياسية لا تأتي إلا بقرارات دولية وكان ما كان.
-هل انت متفائل بالمستقبل السياسي في سوريا؟

-ما زال التفاؤل بمستقبل سوريا بكل الأحوال بعيدا نوعا ما إذا لم يكن من الجانب السياسي فمن الجانب الاقتصادي‚ المهم في هذه المرحلة ليس رفع الشعارات‚ وليس استعراض القوة‚ او مجابهة الدول الكبرى‚ او فتح دائرة صراع او نزاع على المستوى الاقليمي انما المطلوب في هذه المرحلة هو قائمة من الأولويات تتعلق بحياة المواطن تبدأ من رغيف الخبز وتنتهي عند الكرامة وهذان الأمران كفيلان ان يحققا حصانة متينة وقوية في المجتمع السوري وبالتالي يدفعان أي مواطن للذود عن سوريا بكل الوسائل والأدوات‚ وما تبقى من قضايا أخرى تأتي تباعا فالمواطن هو نواة أي مشروع سياسي وثقافي واقتصادي وبالتالي هو سلاح ذو حدين ولا بد من الحفاظ عليه.

-في حال أقر قانون الأحزاب هل ستتقدمون بطلب الى الجهات المعنية وهل ترون ان عملكم الحزبي سيكون اوسع أو أكبر لأن البعض يقول ان قانون الأحزاب ما هو إلا قانون تضييق العمل الحزبي؟

ــ اولا: صدور قانون الأحزاب لا بد ان يكون نتاج اقرار جميع القوى السياسية وليس فقط حزب البعث.

ثانيا: بطبيعة الحال سوف نتقدم بطلب الحصول على ترخيص حتى نضمن شرعية وجودنا السياسي ونشاطنا على أرضية المشاركة وبالحد الأدنى من المتوفر الموضوعي الذي تتضمنه شروط قانون الأحزاب وبذلك تصبح العملية السياسية عملية شرعية بحيث نأمل ألا يغبن احد على الاطلاق‚ ونأمل ان يكون هنالك لجنة دستورية مختصة تعيد النظر بالعقوبات المقدمة من قبل الأحزاب التي لن تحوز على حق ممارسة نشاطها السياسي في حال صدر القانون‚ على أمل ألا يكون هنالك شروط تعجيزية من جانب النظام للحصول على ترخيص‚ وألا يتم التركيز فقط على الشكل التنظيمي بقدر ما يتم التركيز على برامج العمل ومشاريع الأحزاب المتقدمة.

مصادر
الوطن (قطر)